بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمة التمييز
الدائرة الجزائية الاولي
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 8 جمادي الاول 1435هـ الموافق 2014/3/9م
برئاسة السيد المستشار/ | فيصل محمد خريبط | وكيل المحكمة | ||
وعضوية السادة المستشارين/ | صالح خليفة المريشد – وكيل المحكمة | و | محمود دسوقي دياب- وكيل المحكمة | |
عبد الرحمن هيكل | و | حسين الصعيدي | ||
وحضور السيد/ | عبد الهادي محمود | رئيس النيابة | ||
وحضور السيد/ | سعود الحجيلا ن | أمين سر الجلسة |
صـــــدر الحكــــــم الآتــــــي
في الطعن بالتمييز المرفوع من : 1- فوزية ……
2-يوسف ………
ضـــــــــــــد
النيابة العامة.
والمقيد بالجدول برقم 507 لسنة 2010 جزائي 1.
الوقـــــــــــائع
إتهمت النيابة العامة كلا من:- 1) فوزية ………. .
2)يوسف ………….
لأنهما في يوم 2008/12/13 بدائرة دولة الكويت :-
المتهمة الأولي: بوصفها مقدمة برنامج ……….، والثاني بوصفه مدير قناة ….. التليفزيونية بثا برنامج تضمن خدشا للآداب العامة وعلى النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت معاقبتهما طبقا للمواد 1/1، 4، 5 ،4، 11/6، 13/2، 17، 18 من القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الاعلام المرئي والمسموع.
ومحكمة الجنايات قضت بتاريخ 2010/1/25 غيابيا: بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب المتهمين على أن يقدم كلا منهما تعهدا بكفالة قدرها مائة دينار يلتزم فيه مراعاة حسن السلوك لمدة ستة أشهر.
عارض المحكوم عليهما. وقضت ذات المحكمة بتاريخ 2010/6/30 : بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
استأنف المحكوم عليهما. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 2010/6/30: بقبول استئناف المتهمين شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمـــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة:
من حيث إن الطعن المرفوع من كل من الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث ان الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة بث برنامج تلفزيوني مرئي تضمن خدشا للآداب العامة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العبارات التي تم بثها في البرنامج كانت بقصد التنوير في بيان مقاصد الشريعة الاسلامية وتوطيد العلاقة الزوجية من خلال تقديم مادة علمية تخص العلاقة الشرعية بين الازواج بقصد تثقيف المجتمع والتعريف بالثقافة الخاصة بالأمور الجنسية تحقيقا للصالح العام وليس بقصد اثارة الغرائز أو خدش الاداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام، هذا فضلا عن أن الفقرة موضوع الدعوى تبدأ بالتنويه من الطاعنة الأولي من خلال (تتر) يتخلل الشاشة أثناء العرض دعوة الأسر الى منع من هم دون الثامنة عشر من متابعة البرنامج خاصة وأنها حاصلة على درجة الدكتوراه في الثقافة وعلاج المشاكل الجنسية بما تنتفي معه أركان الجريمة في حق الطاعنين سيما القصد الجنائي، كما أن موضوع الحلقة محل الاتهام يندرج تحت حق النشر أو البث المباح وحرية التعبير عن الرأي وفقا للدستور واعمالا للمادتين 213/أولا ، 214 من قانون الجزاء- مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله:” تتحصل فيما شهد به طارق حسن علي الديب- الاختصاصي الأول والممثل القانوني لوزارة الاعلام من أن قناة الراي الفضائية التلفزيونية والتي يديرها المتهم الثاني- بثت وبتاريخ 2008/12/13 برنامجا باسم ………. تضمن عبارات تخدش الآداب منها الجهاز الجنس هو مناط الاثارة الرئيسية فعند المرأة (النطر) وأن 98% من النساء تثار حين ملامسة البظر وتأتي بعدها الشفرتين الداخليتين بمعدل 84% ثم فتحه المهبل) . وتضيف مقدمة البرنامج المتهمة الأولي بقولها: ( أن هناك منطقة المرأة)، وتضيف (بالنسبة للرجل فإنه يوجد نقاط إثارة مثل الخصيتين ورأس القضيب وايضا منطقة العجان ما بين الخصيتين وفتحة الشرج …) وهي عبارات من شأنها خدش الآداب العامة، والدليل المستمد من محضر تفريغ إدارة المصنفات الفنية لشريط البرنامج المذكور، وتبين احتوائه على كافة العبارات الما بيانها وأكثر منها”.
وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين دليلان مستمدان من شهادة /………………..-الاختصاصي الأول والممثل القانوني لوزارة الأعلام، ومما ثبت من محضر تفريغ إدارة المصنفات الفنية لشريط البرنامج المذكور- وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا الى ما رتبه الحكم عليهما.
لما كان ذلك، وكان نص الفقرة السادسة من المادة الحادية عشر من القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الاعلام المرئي والمسموع قد خطر بث أو إعادة بث كل ما من شأنه خدش الآداب العامة، ولذا فقد عاقبت الفقرة الأولي في بندها الثاني من المادة(13) من القانون المذكور كلا من مدير عام القناة ومعد ومقدم المادة الاعلامية وكل مسئول عن بثها بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن ثلاثة الاف دينار ولا تزيد عن عشرة الاف دينار إذا خالف هذا الحظر فساهم في بث المادة الاعلامية أو إعادة بثها رغم ما تنطوي عليه من خدش للآداب العامة، وكان تقدير ما اذا كانت المادة التي جرى بثها تنطوي على ما من شانه المساس بما تقدم إنما مرجعه الى قاضي الموضوع وما يطمئن اليه من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى وتقديره لمرامي وفحوى ما جرى بثه من اشارات أو صور أو أحد اث أو رسومات أو مشاهد أو أقوال أو عبارات أو الفاظ مستهديا بالقيم والتقاليد التي تسود المجتمع، ولا رقابة على القاضي في ذلك كله من محكمة التمييز ما دام أنه لم يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة خدش الحياء والآداب العامة عن طريق البث عبر قنوات الاعلام المرئي أو المسموع يتوافر متى كانت المشاهد أو الصور أو الاشارات أو الأقوال أو الالفاظ أو العبارات أو الرسومات التي جرى بثها تتضمن ما من شأنه خدش للحياء والآداب العامة فيكون علم الجاني متحققا ولا يتطلب القانون في هذه الجريمة قصدا خاصا فهي تقوم بتوافر القصد العام بعنصرية- العلم والادارة – واستظهار توافر هذا القصد أو انتفاؤه من وقائع الدعوى وظروفها من اختصاص محكمة الموضوع دون معقب ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر مع هذا الاستنتاج ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه . وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين الأولي وهي مقدمة برامج بقناة الراي التلفزيونية ، والثاني وهو مدير عام تلك القناة قاما ببث برنامج تلفزيوني تضمن عبارات من شانها خدش الحياء والآداب العامة عبر القناة المرئية سالفة الذكر ،، وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية- قد خلصت في منطق سائغ وتدليل مقبول الى أن بث البرنامج محل الاتهام تضمن عبارات من شانها خدش الحياء والآداب العامة وهو ما تتوافر به الجريمة التي دان الحكم الطاعنين بها، ولا يقدح في ذلك ما أثاراه من عدم توافر القصد الجنائي في حقهما وأنهما كانا يمارسان عملهما وحقهما في بث ما يدور من أحداث وظواهر في المجتمع مما يبيح فعلهما، إذ أن ممارسة صاحب الحق لحقه لا يجوز أن ينطوي على خدش للحياء أو للآداب العامة، فإذا تجاوز هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكونا لجريمة خدش الآداب العامة بطريق البث التلفزيوني أو الإذاعي الي أثمها القانون ، ولذا فقد نص القانون رقم 61 لسنة 2007 المشار اليه في المادة الثانية منه على أنه يجوز ممارسة أعمال البث بعد الحصول على ترخيص بث صادر وفقا لأحكام هذا القانون ثم نصت المادة الثامنة على وجوب أن يتضمن ترخيص البث اسم القناة والغرض من انشائها كما يتضمن بصفة خاصة احترام القانون والنظام العام والآداب العامة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان ما تضمنته الفقرة الأولي من المادة 213 من قانون الجزاء من إباحة بعض الأفعال إنما ينصرف فقط الى تلك المنصوص عليها فى المواد من 209 الى 212 من قانون الجزاء وهي المكونة لجريمتي القذف والسب بحسب الأحوال، كما أن حكم الإباحة الوارد بنص المادة 214 من القانون ذاته إنما ينصرف بدروه الى جريمة القذف وذلك بصريح نص المادتين المذكورتين اللتين يتمسك الطاعنان بانطباقهما عليهما والتي لم ينسب لهما ارتكاب أي من هذه الجرائم ولم يدنهما الحكم المطعون فيه عنها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المقام يكون غير صائب.
وتنوه هذه المحكمة- محكمة التمييز- أن الفقرة الأولي من المادة 81 من قانون الجزاء أجازت التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب- عند توافر شروطه – بالنسبة للجرائم التي تستوجب الحكم بالحبس دون تلك التي تستوجب الحكم بالغرامة ، وإذ كانت جريمة بث برنامج تلفزيوني مرئي تضمن خدشا للآداب العامة- المسندة الى الطاعنين- معاقب عليها بالغرامة وفقا لنص المادة13/2 من القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الاعلام المرئي والمسموع، فإنها بذلك تخرج من عداد الجرائم التي يجوز فيها التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب ، وإذ خالف الحكم الابتدائي المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا وقضي بالتقرير بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعنين ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه- الا ان محكمة التمييز لا تملك تصحيح هذا الخطأ ما دام أن الطاعنين هما وحدهما اللذان استأنفا الحكم الابتدائي الصادر في معارضتهما دون النيابة العامة- وذلك حتى لا يضار الطاعنان بطعنهما.
لما كان تقدم، فإن الطعن المرفوع من كل من الطاعنين يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن المرفوع من كل من الطاعنين شكلا وفى الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة .
أمين سر الجلسة |
وكيل المحكمة |
حمــــادة