* تنص المادة (١٧٣) من قانون الجزاء على أنه :
– كل من هدد شخصاً آخر بإنزال ضرر به أياً كان بنفسه أو بسمعته أو بماله أو بنفس وسمعة ومال شخص يهمه أمره ، سواء كان التهديد كتابياً أم شفوياً أم عن طريق أفعال توقع في الروع العزم على الاعتداء على النفس أو على السمعة أو على المال قاصداً بذلك حمل المجني عليه على القيام بعمل أو الامتناع عنه ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تتجاوز ألفي روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين .
– فإذا كان التهديد بالقتل كانت العقوبة الحبس مده لا تجاوز ثلاث سنوات والغرامة التي لا تتجاوز ثلاثة الآلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين .
طبيعة الجريمة :
الجريمة شكلية من جرائم السلوك الإيجابي أو الحدث المجرد ، هذا السلوك يتمثل في استعمال التهديد في حق عامل في العمل أو عدم العمل أو من حق رب عمل في استخدام أو عدم استخدام عامل .
– وإذا ترتب على السلوك حدث فإنه ليس لازم أن يكون ضاراً أو خطراً وبالتالي فإن هذا الحدث يكفي أن يكون مجرداً من أي ضرر أو خطر مثل حمل شخص على تغيير خط سيره ومثل إحداث تغيير في عالمه النفسي بتهديده ومثل صدام كتفه بالعنف .
– فيستوي أذن في الحدث أن وجد نفسياً كان مادياً أن ينشأ عنه ضرر أو خطر أو لا يحدث منه لا ضرر ولا خطر وهذا معنى الشكلية في الجريمة .
– أي أن الجريمة المنصوص عليها في المادة ١٧٣ من جرائم الحدث النفسي وركنها المادي سلوك مادي ذو مضمون نفسي وهو أن يكون التهديد الذي قام به الجاني من شأنه إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعرض حياته وسلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره .
– ولهذه الجريمة ركنان هما :
1- ركن مادي 2- ركن معنوي
أولاً : الركن المادي
يمكن تعريف الركن المادي لهذه الجريمة بالنشاط الذي يصدر من الجاني متضمناً التهديد متمثلاً في كتابة أو قول أو فعل موضوعه جريمة ضد النفس أو المال أو السمعة .
** عناصر الركن المادي
١- فعل تهديد
٢- موضوع تهديد
٣- وسائل التهديد
١- فعل التهديد
– التهديد هو الوعيد بشيء وهو كل تعبير عن إرادة المتهم بإيقاع الأذى بالمجني عليه أو شخص يهمه على نحو يؤثر في نفسيته وحرية إرادته .
– والقانون لم يبين ما هو التهديد ولم يشترط لذلك عبارات خاصة .
* وقد قضت محكمة النقض المصرية :
– بإن تقرير قيام التهديد مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلص من عناصر الدعوى المطروحة أمامها ولا معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق .
[ نقض ١٤٧ لسنة ٧٣ ق جلسة ٢٦/٦/١٩٦٧ ]
– والتهديد يفترض وجود إرادة متجهه إلى إيقاع الأذى ويتعين أن يكون التهديد جدياً وعله هذا الشرط أن القانون عاقب على التهديد لما يحدثه من تأثير على نفسية المجني عليه وحريته ولا يكون من شأن ذلك إلا إذا كان جدياً والقول بجدية التهديد من شأن قاضي الموضوع ولا عبرة إذا كان المتهم ينوي تنفيذ الأمر المهدد به أم لا ينوي ذلك .
[ نقض ١٤٧ لسنة ٧٣ ق جلسة ٢٦/٦/١٩٦٧ ]
– ويجوز أن يكون المجني عليه في جريمة التهديد شخصاً معنوياً فقد قضت محكمة النقض ( بأنه يعتبر تهديداً بإفشاء أمور خادشه لشرف مصرف و توجيه عبارات إلى بعض موظفي هذا المصرف في إشارة إلى حصول خسائر في أعماله وإلى فضائح ارتكبته إدارته وإشارة إلى أن مديرين للمصارف في البلاد الأجنبية قد أودعوا السجن وتلميح إلى أن مديري هذا المصرف ليسوا خيراً من أولئك المديرين إذ أن هذه العبارات أشد ما يمس سمعه البنك ويهز ثقة الجمهور في كفايته لأن المصارف المالية بطبيعتها حساسة وقد تضار بأقل تعريض بسمعتها مهما كان شأن المهاجم ضئيلاً وحجته واهية .
[ نقض ١٤٢٥ لسنة ٢ ق جلسة ٢٢/٢/١٩٣٢ ]
٢- موضوع التهديد
– يشترط أن يكون موضوع التهديد ضرراً يصيب النفس أو السمعة أو المال والمراد هنا أن يكون الفعل مكون لجريمة ، ولا فرق أن يكون الضرر المهدد به خطيراً أم غير خطير فالنص يقول [ بإنزال ضرر أي كان على النفس أو السمعة أو المال ] ولكن إذا كان الفعل المهدد به هو القتل تعين تشديد العقاب.
– والتهديد بالحاق ضرر بالنفس يشمل التهديد بالقتل أو الضرب وما إلى ذلك من صنوف الإيذاء المحرم ، والتهديد بالحاق ضرر بالسمعة هو التهديد بإفشاء أو نسبة أمور مخدشه بالشرف أي إفشاء أمور أو نسبة أمور لو كانت صادقة لا وجب عقاب من أسندت إليه أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه .
– والتهديد في هذا المعنى يشمل التبليغ عن جريمة سواء كانت صحيحة وقعت بالفعل أو كانت مختلفة ، بل أنه لا يقبل من الجاني أن يقيم الدليل على صحة ما هدد بإفشائه أو اسناده فليس للمتهم أن يتذرع بأن نشره عبارات التهديد لا يعاقب عليه لأن التهديد بإفشاء الأمور الخادشه للشرف بطريقة نشرها إنما هي جريمة مستقلة بذاتها تتم بمجرد صدور التهديد سواء الافشاء بذاتها بالنشر وقعت فعلاً أم لم يحصل .
– ولا يشترط أن يكون التهديد بما يضر السمعة بالإفشاء العلني لتلك الأمور فالنص ينطبق إذا حصل التهديد في ظروف تفيد الافشاء في غير علانية ولو شخص واحد كمن يهدد زوجاً بإخبار زوجته بأن لديه علاقات غير مشروعة .
– والتهديد بالحاق ضرر بالمال يشمل جرائم المال كالتهديد بالسرقة والحريق والاتلاف ويشمل التهديد أي فعل آخر غير مشروع يترتب عليه فوات كسب أو تحقيق خسارة .
– ويستوي في الأمور المهدد بها جميعاً أن تضر بمن توجه إليه التهديد أو بشخص آخر يهمه أمره وهذه مسألة يقدرها القاضي من الوقائع التي تعرض عليه .
– أما إذا كان موضوع التهديد أمراً غير معاقب عليه فلا تقوم جريمة التهديد ولو كان الأمر المهدد به مما يلحق ضرراً كمن يهدد آخر بمنافسه تجارته بما يؤدي إلى كساد ماله أو أن يهدد شخص آخر بالسعي إلى فصله من عمله أو نقله إلى مكان بعيد أو برفع دعوى تعويض عليه ولو كان غير محق بها .
– وكذلك لا ينطبق النص إذا كان الأمر المهدد به هو إتيان أحد أفعال الشعوذة مثل التهديد بتحضير الجن وتسخيرهم بالاعتداء على شخص .
٣- وسائل التهديد
– حدد المشرع الوسائل التي يقع فيها التهديد بالكتابة والقول والفعل وقد ساوى بينها بالأثر والتجريم .
– والتهديد الكتابي أكثر خطورة من التهديد الشفوي لأنه وليد ترو وتفكير وهو كل تهديد مثبت بمحرر ولم يشترط المشرع شروطاً في الكتابة أو المحرر إذ يصح أن تكون الكتابة بخط اليد أو مطبوعة موقعة من المهدد أو غير موقعة بلغة وطنية أم أجنبية ما دام بالإمكان فهمها ويجوز أن تكون مادة المحرر ورقاً أو خشباً أو جلداً أو معدناً أياً كان كمن يكتب عبارات التهديد على حائط المجني عليه أو على باب مسكنه ويستوي أن تكون عبارات التهديد صريحة داله على الجريمة المهدد بها أو كانت الالفاظ غير صريحة ولكن تفهم من مراميها دلاله نوع الجريمة .
[ نقض ٨٤٤ لسنة ٤٤ ق جلسة ١٧/١١/١٩٧٤ ]
– وقد قضت محكمة النقض المصرية [ بأنه لا عبرة بالأسلوب أو القالب التي تصاغ به عبارات التهديد متى كان المفهوم منها أن الجاني قصد ترويع المجني عليه وحمله على أداء ما هو مطلوب ] .
[ نقض ٨٤٤ لسنة ٤٤ ق جلسة ١٧/١١/١٩٧٤ ]
– ويأخذ حكم التهديد بالكتابة التهديد الرمزي وهو الذي يحرر على هيئة رموز تعطي معنى معين كمن يرسل إلى آخر خطاباً رسم به قلب طعن بخنجر أو شخص ميت إلى جوار مسدس .
– ولا يشترط أن يوجه كاتب التهديد إلى المجني عليه مباشرة فيجوز أن يوجه إلى شخص آخر تكون بينه وبين المجني عليه المهدد صلة .
– فلا يشترط لجريمة التهديد أن تبعث رسالة التهديد إلى المراد تهديده مباشرة بل يكفي أن يكون المتهم قد أعدها وأرسلها إلى زوج المجني عليه مما يتوقع معه أنه بحكم صلته بالمجني عليه سوف يبلغه الرسالة .
– أما التهديد الشفوي فهو الذي يتم بواسطة الأقوال سواء كانت صريحة أو ضمنية وبأي لغة طالما أن المجني عليه يفهمها وهو أقل خطورة من التهديد الكتابي ، إذ عادة ما يحدث أثر نزوة غضب أو انفعال ويثير التهديد الشفوي التساؤل عما إذا كان يقوم بمجرد الاشارات كحركة معينة باليد خاصة إذا كان المتهم أخرساً أو لا تجمع بينه وبين المجني عليه لغة مشتركة .
– ويذهب الرأي الغالب على عدم قيام التهديد بذلك متحججاً بأن هذه الإشارات ليست ألفاظاً مما تتكون معه الأقوال .
– ويذهب رأي – بحقه – إلى أن التهديد الشفوي يمكن أن يقوم بهذه الارشادات طالما كانت بها دلاله مفهومة للشخص المعتاد ذلك أن الاشارات المفهومة لها ذات وظيفة الألفاظ في التفاهم بين الناس وإذا كانت بها دلاله تهديدية فلها على نفسية المجني عليه الأثر الذي أراد القانون مواجهته بتجريم التهديد .
– والتهديد الشفوي هو الذي يتم بواسطة الأقوال سواء كانت صريحة أو ضمنية وبأي لغة كانت طالما المجني عليه يفهمها وهو أقل خطورة من التهديد الكتابي إذ عادة ما يحدث أثر نزوة غضب أو انفعال .
– والتهديد الشفوي كالتهديد الكتابي لا يشترط أن يكون مباشراً أي موجهاً إلى الشخص المهدد بل يمكن أن يقع بطريق غير مباشر كأن يتفوه الجاني بعبارات التهديد أمام شخص غير المجني عليه كمن يهدد بقتل شخص أمام والده أو أمام صديق مقرب إليه .
– ولكن يشترط في حالة التهديد غير المباشر أن يكون بين من قيل له وبين المهدد صلة يتوقع حتماً معها تبليغه ألفاظ ذلك التهديد .
[ نقض ٣٥ لسنة ٢٥ ق جلسة ٢٦/٤/١٩٥٥ ]
** التهديد عن طريق الأفعال
– يشمل كل فعل يأتيه الجاني من شأنه أن يدخل الروع في المجني عليه و العزم على الاعتداء وهو ما يتم عن طريق الرموز المجسمة كمن يصنع جمجمة أمام باب منزل المجني عليه أو يرسل إليه طرد فيه تابوت مصغر أو كأنه يخلع الجاني حذاءه ويلوح به على مرأى من المجني عليه دلاله على توجه نيته ضربه به .
– وتتم جريمة التهديد بوصول التهديد إلى علم المجني عليه بحيث يتأثر به في نفسيته وإرادته .
– والشروع في هذه الجريمة متصور إذا بدأ المتهم في ارتكاب الفعل الذي تقوم به ولكن لم يستطع اتمامه ، كما لو بعث إلى المجني عليه رسالة متضمنه تهديد لكنها لم تصل إليه أو كلف شخصاً بإبلاغه بالتهديد ولكنه لم يبلغه .
القصد الجنائي
– جريمة التهديد من الجرائم العمدية التي تتطلب قصداً جنائياً لوقوعها وهو القصد الجنائي الخاص الذي يتمثل في أن يكون الفاعل مدركاً لأفعاله في تهديده للمجني عليه ومن شأنه أن يوقع الرعب في نفسه .
– وأن يقصد المهدد من إيقاع ذلك الأثر حمل المجني عليه للقيام بعمل أو الامتناع عنه .
– وإذا لم يقترن تهديد المجني عليه بطلب للقيام بعمل ما أو الامتناع عن عمل فلا تقوم هذه الجريمة لانتفاء القصد الجنائي .
– ولا عبرة بالبواعث الدافعة إلى التهديد فليس بذي أهمية أن يكون الطلب أو التكليف مشروعاً أو غير مشروع لأن التهديد ليس من الوسائل التي يلجأ إليها للحصول على الحقوق .
– فلا يجوز للدائن أن يطلب من مدينه سداد دينه وإلا سوف يستولي على ماله بالإكراه .
– ولا يتطلب القصد توجيه نية المتهم إلى تنفيذ الأمر الذي هدد به فعلاً لأن القانون يعاقب على التهديد في ذاته لخطره على أمن الانسان باعتباره مظهر تصميم أو تحضير لارتكاب الأمر المهدد به .
– كما لا حاجة للتعرف على الأثر الفعلي الذي قد يحدثه التهديد في نفس المجني عليه .
** وقد قضت محكمة النقض المصرية :
– أن القصد الجنائي في جريمة التهديد المصحوب بطلب يتوافر متى ثبت لدى المحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من حيث إيقاع الرعب في نفس المجني عليه وأنه يريد تحقيق ذلك الأثر بما قد يترتب عليه أن يذعن المجني عليه راغماً إلى إجابته الطلب ، وذلك بغض النظر عما إذا كان الجاني قد قصد تنفيذ التهديد فعلاً ومن غير حاجة إلى تعرف الأثر الفعلي الذي أحدثه التهديد في نفس المجني عليه.
[ نقض ١٦١٦ لسنة ٢٠ ق جلسة ٢١/٣/١٩٥١ ]
– كما لا يتطلب القصد في هذه الجريمة علم الجاني بأن الأمر الذي هدد به جريمة إذا العلم بالتكييف الجنائي مفترض ويكفي أن يعلم بمجموعة من الوقائع التي يستخلص منها هذا التكييف .
[ نقض ١٦١٦ لسنة ٢٠ ق جلسة ٢١/٣/١٩٥١ ]
– ويجب أن يسبق الحكم الصادر بالإدانة في جريمة التهديد أركان هذه الجريمة.
[ نقض ١٢٥٦ لسنة ٤٧ ق جلسة ٥/٦/١٩٧٨ ]
** وقد قضت محكمة النقض المصرية :
– بأنه متى كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسباب بالحكم المعفو به فيه قد بين واقعه الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة التهديد الطاعن بها .. وكان يكفي في بيان التهديد أن يكون الحكم قد أشار إلى العبارات التي هدد بها الطاعن المجني عليه فإنه ينخسر عن الحكم قاله القصور .
– ولكن لا يلزم التحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة التهديد بل يكفي أن يكون مفهوماً من عبارات الحكم وظروف الواقعة كما أوردها .
[ نقض ٢٠١٤ لسنة ٢٥ ق جلسة ١٩/٢/١٩٥٦ ]
** وقد قضت محكمة التمييز الكويتية على أن :
جريمة التهديد بإنزال الضرر بشخص و المؤثمة بالمادة ١٧٣/١ من قانون الجزاء تقتضي إتيان الجاني فعلاً من الأفعال بأي طريقة يحمل معنى التهديد بالحاق الضرر بنفس المجني عليه أو يكون من شأنه ترويعه بغيه حمله على القيام بعمل أو على الامتناع عنه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى قد خلا من بيان العناصر التي تتكون منها أركان جريمة التهديد بإنزال الضرر بنفس المجني عليه أو أن يكون من شأنه ترويعه بغيه حمله على القيام بعمل أو الامتناع عن عمل وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعه الدعوى قد خلا من بيان العناصر التي تتكون منها أركان جريمة التهديد بإنزال الضرر بنفس المجني عليه التي دان الطاعن بها ، ذلك بأنه وأن أشار إلى الأفعال التي أتاها الطاعن من قيامه بالطرق بقوة على باب السيارة التي كانت المجني عليها تستقلها بغية فتحة إلا أنه لم يستظهر مقصده من ذلك ، وما إذا كان هو الحاق الضرر بها أو ترويعها لإجبارها على القيام بعمل أو الامتناع عنه أو غير ذلك من المقاصد التي كان يبتغيها فإنه يكون مشوب بالقصور الذي يصيبه بما يوجب تمييزه .
[ الطعن ٤٨٢ لسنة ٢٠١٠ جزائي جلسة ٣١/٥/٢٠١١ ]