القسم الأول
الأوامر على عرائض
تمهيد
الأوامر على عرائض هي شكل يستخدمه القضاء في ممارسة كافة أعماله سواء كانت ولائية أو تنفيذية أو وقتية أو موضوعية حسبما يسمح القانون .
والقاعدة جواز إصدار الأوامر على عرائض بقرارات القضاء الولائي في مجال المعاملات المالية وبقرارات التنفيذ القضائي ما لم ينص القانون على شكل آخر ، في حين تكون القاعدة بالنسبة لقرارات القضاء الموضوعي أو القضاء الوقتي أن تصدر في صورة حكم ما لم يوجد نص يجيز إصدارها بأمر على عريضة .
ويتعين في نطاق هذا البحث أن نبين بداءة المقصود بكل من :
١- قاضي الأمور الوقتية
٢- قاضي الأمور المستعجلة
٣- مدير إدارة التنفيذ
وذلك على النحو التالي :
أولاً : قاضي الأمور الوقتية :
لقد نصت المادة ٢٢ من قانون المرافعات على أن قاضي الأمور الوقتية في المحكمة الكلية هو رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه أو من يندب لذلك من قضائها وفي المحكمة الجزئية هو قاضيها .
ويلاحظ ان هذا النص لم يشر الى محاكم الاستئناف ومحكمة التمييز حيث لا توجد حاجة لتخصيص احد قضاتها لإصدار الأوامر ، إذ لا يتصور أن يعرض عليها إلا الطلبات المتعلقة بطعن مطروح عليها فيختص بإصدار الأمر في هذه الحالة رئيس الهيئة المطروح عليها الطعن .
ثانيا قاضي الأمور الوقتية وقاضي الأمور المستعجلة :
من المقرر أن قاض الأمور المستعجلة الذي بينت اختصاصه المادة ٣١ مرافعات يختلف عن قاضي الأمور الوقتية وذلك من حيث سلطة وولاية كل منهما والاحوال والقضايا التي ينظرها وإجراءات التقاضي امامه وكيفية صدور القرارات والاحكام وطريقة التظلم منها .
فاختصاص قاضي الأمور المستعجلة هو اختصاص قضائي في الأمور المستعجلة ، و في الإجراءات التحفظية الوقتيه المحددة قانونا التي تطرح امامه بغير مساس بأصل الحق متى توافرت شروط الاستعجال وذلك بصحيفة تودع إدارة الكتاب مع تكليف الخصم بالحضور امام المحكمة او القاضي و لو في منزله او في أي مكان آخر في ميعاد معين او ساعه محدده ويصدر حكما مسببا قابلا للطعن فيه بالطرق المحددة قانونا .
اما قاضي الأمور الوقتية فاختصاصه ولائي واداري ويصدر امره بناء على عريضة مرفقا بها المستندات التي تقدم اليه من احد الخصوم في غيبة الخصم الآخر ودون إعلانه للحضور لسماع أقواله ، ويصدر القاضي امره بقبول الطلب او رفضه بغير ذكر الأسباب ويطعن عليه بطريق التظلم امام نفس القاضي الآمر او للمحكمة التابع بعد اعلان الطرف الآخر للحضور ، والحكم الذي يصدر في التظلم هو الذي يستأنف طبقا للقواعد العامة مع ملاحظة انه اذا كان الامر على عريضة صادرا من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكلية ورفع التظلم عنه الى نفس القاضي الآمر فإن الحكم الذي يصدره في هذا التظلم يعد كأنه صادرا من المحكمة الكلية وتختص محكمة الاستئناف بنظر الاستئناف المرفوع منه وفقا لأحكام المادة ١٦٤ مرافعات .
القاضي الآمر ، فإن الحكم الذي يصدره في هذا التظلم يعد كأنه صادراً من المحكمة الكلية – وتختص محكمة الاستئناف بنظر الاستئناف المرفوع عنه وفقاً لأحكام المادة ١٦٤ مرافعات .
ثالثاً : قاضي الأمور الوقتية ومدير إدارة التنفيذ :
إن المشرع قد أناط بإدارة التنفيذ كأصل عام كل ما يتعلق بالتنفيذ وإعلاناته وتلك الإدارة تخضع لرئاسة مدير تلك الإدارة الذي يندب من بين رجال القضاء ، ويعاونه قاضي أو أكثر يندبون من قضاة المحكمة الكلية ويقوم أقدمهم مقام المدير عند غيابه أو وجود عذر لديه .
وترجع إدارة التنفيذ إلى المدير في أدائها لمهامها وتلتزم بتوجيهاته ويصدر في شأن ذلك نوعين من الأوامر :-
الأولى : الأوامر الولائية التي تصدر في الحالات التي حددها المشرع على سبيل الحصر وهي :
١- أوامر حبس المدين وفقاً لأحكام المادة ٢٩٢ مرافعات .
٢- أوامر منع المدين من السفر وفقاً لأحكام المادة ٢٩٧ مرافعات .
٣- تكليف الحارس بالإدارة أو استبدال حارس إذا كان الحجز على ماشية أو عروض أو أدوات أو آلات لازمة لإدارة أو استغلال أرض أو مصنع أو مشغل أو مؤسسة ( م ٢٤٧ مرافعات ) .
٤- طلب الحارس على المنقولات بإعفائه من الحراسة (م٢٤٨ مرافعات ).
٥- طلب الدائن دخول العقار محل التنفيذ للحصول على البيانات اللازمة لوصفه وتحديد مشتملاته ولا يجوز التظلم من هذا الأمر ( م٢٦٣ مرافعات) .
٦- إذا كان في العقار محل التنفيذ منقولات تعلق بها حق لغير المحجوز عليه وذلك لإنجاز التدابير اللازمة للمحافظة على حقوق أصحاب الشأن ( م ٢٧٦ مرافعات ) .
الثانية : الأوامر الإدارية العامة كالتي يصدرها المدير الإداري في إدارته .
المبحث الأول
اختصاص قاضي الأمور الوقتية
يتحدد اختصاص قاضي الأمور الوقتية بالاختصاص الولائي والنوعي والقيمي للمحكمة التي يتبعها .
فيتحدد اختصاصه الولائي بالمسائل التي يختص بها القضاء العادي فلا يجوز له إصدار أمر أو يدخل في اختصاص هيئة قضائية أخرى .
ويتحدد الاختصاص النوعي والقيمي لقاضي الأمور الوقتية بالاختصاص النوعي والقيمي للمحكمة المختصة بنظر الدعوى الموضوعية التي يتعلق بها الأمر المطلوب ولو لم تكن قد رفعت بعد فإذا كانت الدعوى من اختصاص المحكمة الجزائية قدم الطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بها أما إذا كانت من اختصاص المحكمة الكلية قدم الطلب إلى قاضي الأمور الوقتية بها ، وإذا تعلق الأمر بالتنفيذ قدم الطلب إلى مدير إدارة التنفيذ ويجوز في جميع الأحوال تقديم الطلب إلى رئيس الدائرة التي تنظر الدعوى وذلك كله وفقاً لأحكام المادة ١٦٣ مرافعات ، وهذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام بما يوجب على القاضي مراعاته من تلقاء نفسه فيمتنع عند مخالفته عن إصدار الأمر وإلا كان الأمر الذي يصدره باطلاً متعلقاً بالنظام العام .
المبحث الثاني
أحوال إصدار الأمر على عريضة ومدى سلطة قاضي الأمور الوقتية في إصدار الأمر.
أولاً : أحوال إصدار الأمر على عريضة :
يصدر الأمر على عريضة في الأحوال التي يجيز فيها القانون استصدار أمر على عريضة وذلك وفقاً لنص المادة ١٦٣ مرافعات ومؤدي ذلك أن حالات إصدار الأمر على عريضة قد وردت في القانون على سبيل الحصر ، بحيث يمتنع على قاضي الأمور الوقتية إصدار الأمر في غير تلك الأحوال ومن هذه الأحوال التي نص عليها القانون :
١- أمر الأداء وفقاً للمادة ١٦٧ مرافعات .
٢- أمر منع المدين من السفر وفقاً للمادة ٢٩٧ مرافعات .
٣- الأمر بحجز ما للمدين لدى الغير من منقولات وفقاً للمادة ٢٢٩ مرافعات .
٤- الأمر بالإخلاء وفقاً للمادة ٢٦ ق ٣٥ / ١٩٧٨ بشأن الإيجارات .
٥- الأمر بإعطاء الصورة التنفيذية الأولى إذا امتنعت إدارة الكتاب وفقاً للمادة ١١٨ مرافعات .
٦- أمر حبس المدين وفقاً للمادة ٢٩٢ مرافعات .
٧- ليس له طبيعة الأوامر على العرائض لأنه لا يصدر بإجراء وقتي .
٨- الأمر بالحجز التحفظي على الآلات والأدوات والمنتجات والبضائع المستخدمة في تقليد العلامة التجارية م ٩٣ ق ٦٨ / ١٩٨٠ بإصدار قانون التجارة .
٩- الأمر بتوقيع الحجز التحفظي على سفينة ولا يوقع هذا الحجز إلا وفاء لدين بحري وفقاً لنص المادة ٧٣ ق ٢٨ /١٩٨٠ بإصدار قانون التجارة البحرية وفي هذه الحالة يأمر قاضي الآمور الوقتية برفع الحجز إذا قدمت كفالة أو ضمان آخر يكفي للوفاء بالدين .
١٠- الإذن بإيداع البضائع عند أمين وفقاً لنص المادة ١٨٥ من قانون التجارة البحرية .
١١- الأمر بوقف نشر المصنف أو عرضه أو صناعته وتوقيع الحجز على المصنف الأصلي أو نسخة ومنه استمرار العرض وفقاً للمادة ٣٦ ق ٦٤/١٩٩٩ في شأن حقوق الملكية الفكرية .
وغير ذلك من الحالات المنصوص عليها في القوانين المختلفة .
ثانياً : سلطة إصدار الأمر :
يرى البعض أنها غير مقيدة بأي قيد ولكن الصحيح أنه يشترط حتى يجيب القاضي الطالب إلى طلبه بإصدار أمر على عريضة توافر أربعة شروط :-
الأول : أن يكون هناك احتمال لوجود الحق أو المركز القانوني الذي يتعلق به الأمر بأن يستبين القاضي مما يعرض عليه أن الطالب هو صاحب الحق أو مركز قانوني مما يحميه القانون فتتوافر له في شأنه المصلحة القانونية .
الثاني : أن يكون هناك استعجال بتوافر الخوف من خطر وقوع ضرر على ذلك الحق أو المركز القانوني .
الثالث : أن يكون المطلوب إجراءً وقتياً أو تحفظياً لا يمس أصل الحق .
الرابع : أن يقتضي تحقيق الهدف من الإجراء الوقتي المطلوب صدور الأمر في غير مواجهه الخصم بتقدير أن المباغتة أو المفاجأة هي هدف مقصود من نظام الأوامر على عرائض وهو ما يلقي على القاضي واجب التثبيت من أن إجابة الطالب إلى طلبه لن تضر بالحقوق الموضوعية .
* ويلاحظ أنه لا يعني توافر هذه الشروط التزام القاضي بإصدار الأمر إذ يبقي الأمر – مع توافرها – خاضعاً لسلطته التقديرية .
* ولا يلتزم القاضي بإصدار الأمر بكل الطلبات أو رفض الأمر إذ يملك إصدار الأمر ببعض الطلبات دون بعضها الآخر كما يملك تحوير الطلبات .
هل يلزم تسبيب الأمر :-
من الملاحظ أن القاضي لا يلتزم بتسبيب الأمر وهذا ما ذهب إليه المشرع الكويتي بنص المادة ١٦٣ مرافعات ولكن يتعين أن يصدر الأمر كتابة على إحدى نسختي العريضة في اليوم التالي لتقديمها على الأكثر .
مدى توافر الحجية للأمر الصادر من قاضي الأمور الوقتية :-
الأمر على عريضة لا يحوز حجية الأمر المقضي ، ولا يستنفذ ولاية القاضي أذى أصدره فإنه يجوز لهذا القاضي إصدار أمراً مخالفاً له سواء بناء على طلب طالب الأمر الأول إذا كان الأمر السابق قد صدر برفض طلبه أو بناء على طلب من صدر ضده الأمر أو بناء على طلب الغير صاحب المصلحة .
ولا يلزم لصدور الأمر الجديد المخالف أن تطرأ ظروف جديدة مغايرة بعد صدور الأمر السابق ، وإنما يكفي أن تنكشف بعد صدوره ظروف أو أدلة جديدة تقتضي إصدار الأمر الجديد .
فللقاضي الآمر كامل السلطة في إصدار أكثر من أمر بصدد المسألة دائماً وفقاً للتقدير الذي يراه دون أية قيود تتعلق بحقوق الغير حسن النية أو بتغير الظروف أو بصدور الأمر الأول بناء على خطأ في التقدير أو خطأ الواقع أو خطأ في القانون .
* * ويلاحظ أنه في العمل الولائي لا توجد مواجهة بين الخصوم ولا يقبل فيه التدخل أو الإدخال ، وفيه يتمتع القاضي بدور إيجابي وسلطة تقديرية واسعة سواء في ملائمة إصدار الأمر أو تقدير صحة الإجراءات المطلوب منه التصديق عليها .
* * كما يلاحظ أنه يمكن رفع دعوى أصلية ببطلان العمل الولائي ، وسقط الأمر إذا لم يقدم للتنفيذ خلال ثلاثون يوماً من تاريخ صدوره ولا يمنع هذا السقوط من استصدار أمر جديد ( الفقرة الأخيرة من المادة ١٦٣ مرافعات ) مع ملاحظة أن سقوط الأمر يتعلق بمصلحة من صدر ضده الأمر فله ومدة التمسك به .
المبحث الثالث
التظلم من الأمر على عريضة
أولاً : من له حق التظلم :
يجوز التظلم من الأمر الصادر على عريضة لكل من :-
أ- طالب الأمر إذا صدر الأمر برفض طلبه وفي هذه الحالة يكون التظلم وفضلاً عن التظلم بصفة أصلية إلى ايهما يمكن سواء لمن رفض طلبه أو من صدر ضده هذا الأمر أن يرفع التظلم كطلب فرعي تبعاً للدعوى الأصلية التي صدر الأمر متعلقاً بها ( المادة ١٦٤ مرافعات ) أمام المحكمة المختصة .
ب- للخصم الذي صدر عليه الأمر ويكون بالخيار في التظلم أمام أي من القاضي الآمر أو المحكمة المختصة على أن رفع التظلم إلى أيهما (القاضي أو المحكمة ) يسقط حق من صدر ضده الأمر في التظلم إلى الآخر .
هل للغير الحق في التظلم من الأمر على عريضة :-
إن التظلم من الأمر على عريضة لا يكون إلا ممن طلب الأمر أو ممن صدر ضده الأمر فلا يقبل من غيرهما ولو كانت له مصلحة في ذلك وإنما يقتصر حقه على رفع دعوى موضوعية بالمنازعة في موضوع الأمر .
ثانياً : كيفية التظلم :-
الأصل أن التظلم يتم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ويجوز رفعه على سبيل التبع للدعوى الأصلية وذلك بالإجراءات التي ترفع بها الطلبات العارضة .
ويتعين أن يكون التظلم سبباً وإلا كان باطلاً ويمكن في التظلم تأييد الأمر أو تعديله أو إلغائه ويكون هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام.
ثالثاً : طبيعة الحكم الصادر في التظلم :-
إن الحكم الصادر في التظلم حكم وقتي فلا يجوز للمحكمة عند إصداره أن تمس أصل الحق كما أنه لا يجوز أي حجية في الدعوى الموضوعية التي ترفع بشأن النزاع الذي يتعلق به الأمر .
ويراعى أن الحق في التظلم لا يمنع من رفع دعوى موضوعية ببطلان الأمر وهي تختلف عن التظلم من الأمر في أنها دعوى موضوعية يصدر فيها حكم يحسم أصل النزاع .
ولأن الحكم الصادر في التظلم حكم وقتي ، فإنه لا يقيد محكمة الموضوع عند نظر الدعوى الموضوعية التي يتعلق بها الأمر كما أنه يقبل الطعن فيه بالاستئناف دائماً بصرف النظر عن قيمة الدعوى الموضوعية التي يتعلق بها الأمر مع ملاحظة أن الحكم الصادر من قاضي الأمور الوقتية في التظلم المرفوع إليه يعتبر صادراً من المحكمة التي يتبعها القاضي بالمحكمة الكلية رفع الاستئناف إلى قاضياً بالمحكمة الجزئية رفع الاستئناف أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الكلية .
رابعاً : هل التظلم من الأمر يوقف تنفيذه :-
لقد نصت المادة ١٦٥ مرافعات على أن التظلم من الأمر لا يوقف تنفيذه ، ومع ذلك يجوز للمحكمة أو القاضي أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً وفقاً لحكم المادة ١٣٣ مرافعات .
فالقاعدة : أن التظلم من الأمر لا يوقف تنفيذه .
الاستثناء : يجوز وقف تنفيذ الأمر المتظلم منه في الحالات التي نصت عليها المادة (١٣٣) مرافعات ويشترط لوقف التنفيذ في هذه الحالة ضرورة توافر الشروط الآتية :-
القسم الثاني
صور الأوامر على العرائض
١- أمر منع المدين من السفر
٢- أمر حبس المدين
٣- أوامر الأداء
٤- أوامر الحجز التحفظي
المبحث الأول
أمر منع المدين من السفر
النص في المادة ٢٩٧ مرافعات على أن (( للدائن بحق محقق الوجود حال الأداء ، ولو قبل رفع الدعوى الموضوعية ، أن يطلب من مدير إدارة التنفيذ أو من تندبه الجمعية العامة للمحكمة الكلية من الوكلاء بالمحكمة إصدار أم يمنع المدين من السفر … )) يدل على أن المشرع قد اكتفى بالنسبة للدائن طالب إصدار الأمر بالمنع من السفر بأن يكون بيده ما يثبت أن دينه محقق الوجود وأن مدينه قادر على الوفاء .
{ الطعن بالتمييز رقم ١٨١/١٩٩٩ تجاري جلسة ٢٧/٣/٢٠٠٠}
ومن المقرر أيضاً أنه يشترط لصدور الأمر بالمنع من السفر على ما نصت عليه المادة ٢٩٧ مرافعات أن يكون المدين قادراً على الوفاء وأن تقوم أسباب جدية تدعو إلى الظن بفراره من الدين ، ويقع على عاتق الدائن إثبات توافر هذين الشرطين ، وأن تقدير موجبات إصدار الأمر بالمنع من السفر وتقدير أسباب التظلم من ذلك الأمر هو من الأمور الموضوعية التي يستقل بها القاضي الذي يطلب منه توقيع الأمر ومن بعده المحكمة التي يرفع إليها التظلم بغير معقب من محكمة التمييز ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله
{ الطعن بالتمييز رقم ١٩٣/١٩٩٣ تجاري جلسة ٨/١/١٩٩٤ }
فقد اشترطت المادة ٢٩٧ من قانون المرافعات شروطاً معينة لاستصدار أمر بمنع المدين من السفر وهي :-
الأول : أن يكون حق الدائن المذكور معين المقدار بمعنى أن للدائن بحق غير معين المقدار أن يطلب منع مدينه من السفر ما دام حقة محقق الوجود وحال الأداء ، غاية ما في الأمر يتعين عليه في هذه الحالة أن يطلب من المختص بإصدار الأمر تقدير الدين تقديراً مؤقتاً ولم يشترط المشرع لاستصدار أمر المنع من السفر أن يكون بيد الدائن وقت استصداره حكم مثبت للدين أو أمر أداء بالدين أو حتى تكون هناك دعوى موضوعية مرفوعة بالمطالبة بالدين أو مجرد طلب لقاضي الأداء .
ولكن عمد المشرع إلى إلزام الدائن بالمبادرة إلى المطالبة القضائية بالدين في وقت قصير حدده بعد حصوله على أمر المنع من السفر وألزمه بأن يقدم لإدارة التنفيذ في وقت محدد ما يدل على ذلك وإلا سقط الأمر بالمنع من السفر واعتبر كأن لم يكن بقوة القانون .
الثاني : أن يقدم الدائن الدليل على وجود أسباب جدية تدعو إلى الظن بفرار المدين من الدين .
الثالث : أن يقدم الدائن الدليل على أن مدينه قادراً على الوفاء .
فإذا ما تحققت الشروط آنفة البيان ، حق للدائن أن يستصدر أمراً ولائياً على عريضة بمنع مدينه من السفر وتقدم هذه العريضة إلى إدارة التنفيذ ويتبع في شأنها القواعد والإجراءات المقررة في باب الأوامر على العرائض .
** من المختص بإصدار أمر منع السفر ؟
لمدير إدارة التنفيذ أو من تندبه الجمعية العامة للمحكمة الكلية من الوكلاء بالمحكمة .
سلطات القاضي الآمر :
على الآمر قبل إصدار أمره أن يتحقق من تكامل الشروط اللازمة لإصدار مثل هذا الأمر وله في هذا المقام أن يجري تحقيقاً مختصراً فيما يجده ناقصاً من الشروط إذا كانت المستندات المقدمة له من الدائن غير كافية في تأييد الطلب .
من المقرر أن مؤدي نص المادتين ٢٩٧ ، ٢٩٨ مرافعات وعلى نحو ما جاء بالمذكرة الإيضاحية أنه يشترط لاستصدار الأمر بمنع المدين من السفر بوصفه إجراء وقتياً أن يكون حق الدائن محقق الوجود وحال الأداء وإن كان غير معين المقدار وأن يقدم الدائن الدليل على أسباب جدية تدعو إلى الظن بخشية فرار مدينه من الدين على قدره هذا الأخير على الوفاء ويجب اجتماع هذه الشروط وتحققها فلا يغني أحدهما عن الآخر .
{ الطعن بالتمييز رقم ١٥٢/١٩٩٥ تجاري جلسة ٢٦/٣/١٩٩٦ }
* التظلم من أمر من السفر :
إذا صدر الأمر سواء بالمنع من السفر أو برفضه فيجري التظلم منه وفقاً للقواعد المقررة في التظلم من الأوامر على عرائض ، ويعامل في هذا المنحى معاملة الأوامر الولائية التي تصدر من رئيس المحكمة الكلية .
* مدة سريان الأمر :
الأصل : أنه متى صدر الأمر بالمنع من السفر فإنه يظل ساري المفعول ضد المدين حتى ينقضي دينه بأي سبب من أسباب الانقضاء.
استثناء : هناك أسباب يسقط فيها الأمر ولو كان الدين لم ينقض بسبب من أسباب الانقضاء وهذه الأسباب نصت عليها المادة ٢٩٥ مرافعات وهي :
١- إذا – تخلف بعد صدوره – أي شرط من الشروط اللازم توافرها للأمر به كأن يعسر المدين بسبب أو لآخر بعد أن كان قادراً على الوفاء عند صدور أمر المنع من السفر وكأن تنتفي عن المدين مظنة فراره بالدين تلك المظنة التي كانت قائمة وقت صدور الأمر .
٢- إذا وافق الدائن كتابة على إسقاط الأمر .
٣- إذا قدم المدين كفالة من أحد البنوك كافية لضمان الدين أو قدم كفيلاً مقتدراً يقبله المختص بإصدار الأمر بالمنع من السفر .
٤- إذا أودع المدين أو الغير خزانة إدارة التنفيذ مبلغاً من النقود مساوياً للدين وملحقاته وخصص هذا المبلغ للوفاء بحق الدائن .
٥- إذا لم يقدم الدائن لإدارة التنفيذ ما يدل على رفع المطالبة القضائية بالدين وذلك خلال سبعة أيام من صدور الأمر بالمنع من السفر .
٦- أذا انقضت ثلاث سنوات على صدور الحكم النهائي في دعوى المطالبة بالدين الصادر أمر المنع من السفر لانقضائه دون أن يتقدم الدائن المحكوم له إلى إدارة التنفيذ بطلب تنفيذ ذلك الحكم .
٧- إذا انقضت ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح من إجراءات تنفيذ الحكم النهائي بالدين الصادر أمر المنع من السفر لاقتضائه دون أن يتقدم الدائن المحكوم له إلى إدارة التنفيذ بطلب الاستمرار في مباشرة إجراءات تنفيذ ذلك الحكم .
** مدى حق جهة الإدارة في إنهاء إقامة الأجنبي للصالح العام:
لقد عمد المشرع إلى إيراد نص صريح كاشف عن حق السلطة الإدارية في إنهاء إقامة الأجنبي للصالح العام إذا كان هناك أمر بمنعه من السفر ، أي أن صدور أمر المنع من السفر لا يخلي بسلطة الإدارة في إنهاء إقامة المدين الأجنبي أو أمره بمغادرة البلاد إذا اقتضى ذلك الصالح العام .
** طبيعة الحكم الصادر في التظلم من أمر منع المدين من السفر :
من المقرر أن النص في المادة ٢٩٧/٣ مرافعات على أن يخضع التظلم من أمر المنع من السفر للأحكام المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة ٢٩٣ وإذ نصت هذه الفقرة على أن يكون التظلم من الأمر على الوجه الوارد في الفصل الخاص بالأوامر على العرائض ، ويعامل معاملة التظلم من الأوامر الولائية التي تصدر من رئيس المحكمة الكلية وقد نصت المادة ١٦٤/٣ من ذات القانون على أن يحكم في التظلم بتأييد الأمر أو بتعديله أو بإلغائه ويكون هذا الحكم قابلاً للطعن بطرق الطعن المقررة للأحكام ، ومؤدي ذلك أن التظلم من أمر المنع من السفر يخضع لما تخضع له الأحكام في شأن طرق ومواعيد الطعن فيه ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن عليه بالاستئناف هو ثلاثون يوماً طبقاً للمادة ١٤١/١ مرافعات .
( الطعن بالتمييز رقم ٩٨٤/٢٠٠٣ تجاري جلسة ٢/٦/٢٠٠٤ )
المبحث الثاني
أمر حبس المدين
لقد انتظمت المواد من ٢٩٢ حتى ٢٩٦ من قانون المرافعات أحكام أمر حبس المدين .
يقدم طلب الحبس على عريضة إلى إدارة التنفيذ مرفقاً به صورة من السند التنفيذي وتعرض الأوراق على مدير إدارة التنفيذ ، فيصدر أمره بالحبس إذا تحقق من توافر الشروط التي يتطلبها القانون وانتفت الموانع التي تحول دون إصداره كما يختص بإصدار الأمر من تندبه الجمعية العامة للمحكمة الكلية من الوكلاء بالمحكمة .
** شروط إصدار أمر الحبس :
إدراكاً من المشروع لخطورة الإجراء الخاص بحبس المدين لقد وضع عدة شروط لإصدار أمر الحبس بحيث يمتنع على الأمر أن يحبس المدين إذا تخلف شرط منها وهي :
١- ما يتعلق بالحق المطالب به :
فقد أوجب المشرع أن يكون للدائن هذا الحق ثابتاً بمقتضى حكم نهائي أو أمر أداء نهائي .
٢- ما يتعلق بالمدين :
يشترط في المدين ضرورة توافر الشروط الآتية :
أ- أن يكون المدين قادراً على الوفاء وأن تكون قدرته على الوفاء مستندة إلى أموال مما يجوز الحجز عليها .
ب- ألا يكون المدين قد تجاوز الخامسة والستين من عمره .
ج- إذا كان للمدين أولاد لم يبلغوا الخامسة عشر عاماً وكان زوجة متوفي أو محبوساً لأي سبب .
د- ألا يكون زوج للدائن أو من أصوله أو من فروعه ما لم يكن الدين نفقة مقررة .
و- ألا يكون المدين قد سبق أن صدر أمر بحبسه عن ذات الدين واستوفى مدته .
٣- ما يتعلق بالإجراءات :
يمتنع على الآمر أن يأمر بحبس المدين إذا قدم المدين له كفالة مصرفية كافية للوفاء بالدين أو قدم له كفيلاً مقتدراً مقبولاً من المختص بإصدار الأمر .
** أحوال سقوط الأمر بالمنع من السفر :
نصت المادة ٢٩٦ مرافعات على أحوال معينة إذا توافرت حالة منها سقط الأمر الصادر بالحبس وتعين إخلاء سبيل المدين وهذه الحالات هي :-
١- موافقة الدائن كتابة على إسقاط الأمر وإخلاء سبيل المدين .
٢- أن ينقضي – بعد صدور الأمر – التزام المدين كالوفاء واتحاد الذمة والمقاصة .
٣- أن يتخلف – بعد صدور أمر الحبس – أي شرط من الشروط اللازم توافرها للأمر بالحبس أو يتحقق مانع من موانع هذا الأمر .
** موانع صدور الأمر بالحبس :
أ- حالة إعسار المدين لسبب أو لآخر أثناء تنفيذ أمر الحبس بعد أن كان قادراً على الوفاء وقت إصداره .
ب- أن تصبح قدرة المدين على الوفاء – أثناء التنفيذ – مقصورة على أموال لا يجوز الحجز عليها بعد أن كانت وقت صدور هذا الأمر شاملة أيضاً لأموال يجوز الحجز عليها .
ج- إذا تجاوز المدين الخامسة والستين من عمره أثناء التنفيذ .
د- إذا تحققت في شأنه أثناء سريان أمر الحبس الشروط المنصوص عليها في الفقرة ب من المادة ٢٩٤ بعد أن كانت غير متوافرة في حقه عند صدور الأمر بالحبس ، كما لو توفيت زوجته التي كانت تعول ولده الذي يقل عمره عن خمس عشر سنة وكأن يتقدم المدين أثناء تنفيذ أمر الحبس بكفالة مصرفية كافية أو كفيل مقتدر مقبول من المختص بإصدار أمر الحبس في كل هذه الحالات يسقط الأمر بالحبس ويتعين إخلاء سبيل المدين .
** مدى سلطة مدير إدارة التنفيذ في إصدار الأمر بحبس المدين :
لمدير إدارة التنفيذ اتخاذ الإجراءات الآتية :
١- منح المدين مهلة للوفاء فيحق للسيد مدير إدارة التنفيذ رغم توافر الشروط وانتفاء الموانع أن يمنح المدين مهلة للوفاء بشرط ألا تتجاوز هذه المهلة مدة شهر .
٢- إصدار أمر الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر ويعتبر هذا الأمر نافذاً نفاذاً معجلاً بقوة القانون تطبيقاً للمادة ١٩٣/ج مرافعات .
** التظلم من أمر الحبس :
يخضع أمر الحبس من حيث التظلم منه للأوضاع المقررة في هذا الشأن بالنسبة للأوامر على عرائض وقد نصت على ذلك المادة ٢٩٣/٣ مرافعات صراحة . فيجوز للطالب إذا رفض طلب الحبس ولمن صدر عليه الأمر أن يتظلم منه .
وقد نصت المادة ١٦٤ مرافعات على أن للطالب إذا صدر الأمر برفض طلبه ، ولمن صدر عليه الأمر الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك وللخصم الذي صدر عليه الأمر بدلاً من التظلم للمحكمة المختصة الحق في التظلم لنفس القاضي الآمر ولا يمنع من ذلك قيام الدعوى الأصلية أمام المحكمة .
ومؤدي هذا النص أن المشرع قد أعطى لمن صدر عليه الأمر الحق في التظلم إلى المحكمة المختصة أو للقاضي الآمر نفسه والخيار في اختيار الجهة التي يرفع إليه التظلم إنما يكون لمن صدر عليه الأمر.
وفي الوقت ذاته أفرد المشرع سبيل التظلم أمام من صدر الأمر برفض طلبه بأن أعطاه المشرع الحق في رفع تظلمه أمام المحكمة المختصة فقط إن أراد التظلم .
وقد نص المشرع على أن تنفيذ الأمر بالحبس لا يمنع من التنفيذ الجبري لاقتضاء الحق الذي تقرر الحبس من أجله بالطرق المقررة قانوناً ولكنه لا يجيز الأمر مرة أخرى بحبس المدين من أجل الدين ذاته إذا كان المدين قد استوفى الحد الأقصى لمدة الحبس التي أمر بها الآمر بالحبس .
وقد استقرت أحكام محكمة التمييز على أن النص في المادة ٢٩٢ مرافعات وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية يدل على أن المشرع إدراكاً منه لخطورة الإجراء بحبس المدين فقد وضع لإصدار أمر الحبس عدة شروط بحيث يمتنع على القاضي الآمر أن يحبس المدين إذا تخلف شرط من هذه الشروط ومنها ما يتعلق بالدين المطلوب الحكم بحبسه فيتعين أن يكون قادراً على الوفاء ، والدائن طالب الحبس هو المكلف بإثبات ذلك .
( الطعن بالتمييز رقم ٥٤/١٩٩٩ مدني جلسة ٣/٤/٢٠٠٠ )