جريمة القتل

 

١- القتل العمد

 

 

٢- القتل بالسم

 

 

٣- القتل مع سبق الإصرار والترصد

 

الجرائم الماسة بالنفس

١- القتل العمد :

  تنص المادة ( ١٤٩ ) من قانون الجزاء على إنه :

[ من قتل نفساً عمداً يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد ويجوز أن تضاف إليه غرامة لا تجاوز ألف ومائه وخمسة وعشرين دينار] 

 

** المقصود بالقتل العمد

 

{ القتل هو إزهاق روح إنسان بفعل إنسان }

 

** القتل المشدد والقتل غير المشدد

 

– القتل العمد غير المشدد هو الذي لم يقترن به ظرف من الظروف المشددة والتي قررها قانون الجزاء وهي { سبق الإصرار والترصد ، القتل بالسم } .

– وتعاقب المادة ١٤٩ جزاء على القتل العمد غير المشدد

 [ بالإعدام أو الحبس المؤبد ويجوز أن تضاف إليها غرامة لا تجاوز ١١٢٥ د.ك ] .

– أما إذا توافر أحد الظروف المشددة فإن العقوبة المقررة هي الإعدام .

 

** تقع جريمة القتل العمد

 

١- إنسان حي :

 

–  تفترض جريمة القتل أن يكون المجني عليه إنسان على قيد الحياة ، والقانون يحمي الإنسانية فلا أهمية إذا كان المجني عليه وطنياً أو أجنبياً ذكراً كان أو أنثى ولا عبرة لسنه أو عمره فتتوافر الجريمة حتى إذا كان المجني عليه محكوماً عليه بالإعدام ويحمي القانون حياة الإنسان اليائس من الحياة الذي تكررت منه محاولات الانتحار .

 

– ويختلف الرأي في شأن بداية حياة الإنسان :

[ فالبعض يذهب إلى أن الحياة العادية للإنسان تبدأ ببداية عملية الولادة لا بانتهائها فوفقاً لذلك لا يشترط لبداية الحياة أن ينفصل الطفل عن أمه بخروجه كلياً من الرحم وإنما تبدأ حياة الطفل منذ بداية عملية الولادة مفاد ذلك أن الجنين يكون محمياً أثناء عملية الولادة باعتباره إنسان حي و يمكن أن يكون محلاً لجريمة القتل وهو يكون كذلك إذا خرج من بطن أمه غير صالح للحياة .

 

– وتنتهي الحياة نهاية طبيعية بالموت والموت قانوناً يعني توقف القلب والجهاز التنفسي عن مباشرة وظائفهما توقف تام وحتى يلفظ الإنسان نفسه الأخير يظل جديراً بحماية القانون .

– وبانتهاء الحياة تنعدم صلاحية الإنسان لإن يكون محلاً لجريمة القتل فهذه الجريمة لا تقع على ميت .

 

الركن المادي للقتل

 

يقوم على ثلاثة عناصر :

 

أولاً : فعل الاعتداء على الحياة ( النشاط المادي ) :

 

تتطلب جريمة القتل وصول نشاط مادي من الجاني فبمجرد التفكير في أحداث القتل أو التصميم عليه لا قيمة له في نظر القانون إن لم يكن مصحوباً بنشاط مادي يصدر من الجاني ويكون من شأنه إحداث الوفاة فإذا حدثت الوفاة بالفعل بناء على هذا النشاط كانت جريمة القتل تامة أما إذا تخلفت الوفاة رغم إتيان النشاط المادي لأسباب خارجة عن إرادة الجاني كانت مسئوليته الشروع في القتل .

 

** وسائل الاعتداء على الحياة متعددة :

 

١- منها ما يكون قاتلاً بطبيعته .

٢- منها ما لا يكون صالحاً لإحداث القتل إلا استثناء في ظل ظروف خاصة عاصرت ارتكاب الفعل وجعلته صالحاً لإحداث الوفاة .

 

– وسواء وقع القتل بوسيلة قاتلة بطبيعتها أو بوسيلة غير قاتلة بطبيعتها لا يؤثر في توافر ماديات الجريمة وإنما يفيد نوع الوسيلة المستعملة في إثبات توافر قصد القتل من عدمه .

 

– والوسيلة إذا كانت قاتلة بطبيعتها فإنها تدل على توافر قصد القتل وإن جاز إثبات عدم توافر قصد القتل رغم استعمالها .

 

– في حين أن استعمال وسيلة غير قاتلة بطبيعتها يكون دليلاً على انتفاء قصد القتل ، ولكن لا يمنع من اثبات توافر هذا القصد بكافة طرق الإثبات .

 

– ولا يلزم أن تمتد يد الجاني إلى جسم المجني عليه مباشرة فيكفي أن يهيئ الأسباب والعوامل التي تحقق قصده وهو إحداث الموت ولو كان ذلك معلقاً على شرط مثل وضع حشرة قاتلة في فراش المجني عليه أو دس مادة سامة في طعامه أو شرابه .

 

– ولا يلزم أن يؤدي نشاط الجاني إلى إحداث الوفاة فور إتيانه سواء تحدث الوفاة فور إتيان النشاط الاجرامي مباشرة أو يتراخى حدوثها فترة من الوقت متى كان الثابت أن نشاط الجاني هو الذي تسبب في وفاة المجني عليه .

 

** الجريمة المستحيلة

 

استحالة الجريمة تعني استحالة تحقق النتيجة الاجرامية التي يعاقب عليها القانون .

 

والاستحالة نوعين :

 

١- الاستحالة المطلقة .

٢- الاستحالة النسبية .

 

** الاستحالة المطلقة

 

– تكون حين ينعدم محل الجريمة كمحاولة قتل انسان توفى قبل إطلاق الرصاص عليه .

 

– أو حين تكون الوسيلة المستعملة غير صالحة بطبيعتها لإحداث القتل وهذه الاستحالة لا عقاب عليها .

 

** الاستحالة النسبية

 

– وهي التي تتحقق حين يكون محل الجريمة في مكان غير المكان الذي ظنه الجاني فيه كمن يطلق ناراً على مكان اعتقد أن شخصاً ينام فيه كعادته ولكن تصادف عدم وجوده في تلك اللحظة .

– أو حين تكون الوسيلة المستعملة مما يصلح حسب طبيعته لإحداث الوفاة ولكنها لم تحدث في الظروف التي استعملت فيها لإساءة استعمال الجاني لها أو لعدم كفايتها ومفاد ذلك { إذا أوقفت الجريمة أو خاب أثرها بسبب لا إرادة للفاعل فيه }.

 

– وفي هذه الحالة يعد الفاعل ( الشخص ) شارعاً في الجريمة إذا أتى عملاً من أعمال البدء في التنفيذ إلا إن الجريمة أوقفت أو خاب أثرها لسبب لا إرادة للفاعل فيه .

  

ثانياً : إزهاق روح المجني عليه :

 

– إزهاق روح المجني عليه هو النتيجة الاجرامية في الفعل لذلك تعد عنصراً من عناصر الركن المادي لجريمة القتل وبدونها لا تتم جريمة القتل ولا أهمية لوقت تحقق النتيجة .

 

– فقد تتحقق فور إتيان فعل الاعتداء علي الحياة .

 

– وقد يتراخى تحقيقها فترة من الزمن بعد إتيان فعل الاعتداء طالت أم قصرت .

 

– ولا يمنع ذلك من اعتبار الجريمة قتل عمداً ما دامت علاقة السببية بين فعل الاعتداء على الحياة وبين تحقق الوفاة لم تنقطع.

 

– وتطبيقاً لذلك حكم يتوافر جريمة القتل العمد في حق الجاني الذي طعن المجني عليه بسكين قاصداً قتله فأحدث به جرحاً في تجويف الرئة نتجت عنه الوفاة وإن لم تكن الوفاة حصلت إلا بعد علاج دام ٥٨ يوم في المستشفى .

 

– وحدوث وفاة المجني عليه شرط لاستكمال الركن المادي لجريمة القتل فإذا كان الجاني قد ارتكب فعل الاعتداء على الحياة إلا إنه لم يترتب على فعله وفاة المجني عليه لأسباب لا دخل لإرادة الجاني ( الفاعل ) فيها فإن الواقعة لا تعد قتلاً وإنما تعد شروعاً في قتل عمد إذا توافر قصد القتل .

 

– فإذا أطلق الجاني عياراً نارياً على المجني عليه بقصد قتله فأصابه في غير مقتل أو لم يصبه على الإطلاق اقتصرت مسئوليته على الشروع في القتل .

 

– أما إذا كان تخلف الوفاة ( النتيجة الاجرامية التي يعاقب عليها القانون ) ترجع إلى إرادة الجاني الذي أوقف نشاطه أو خاب أثر فعله بإرادته إذا كان ذلك ممكناً فلا يسأل حتى عن مجرد الشروع لإن عدم تحقق النتيجة يرجع إلى إرادته ومن ثم يعد عدولاً اختيارياً .

 

– وحدوث الوفاة يتحقق حين يلفظ المجني عليه أنفاسه الأخيرة وتثبت الوفاة بكافة طرق الإثبات .

 

– وإذا نازع المتهم في وقت الوفاة فإن ذلك يعد دفاعاً جوهرياً يقتضي وجوب تحققه بالالتجاء إلى المختص فنياً وإلا كان ذلك قصوراً في المحكمة وإخلالاً بحق الدفاع .

 

– ويقع عبء إثبات وفاة المجني عليه على عاتق النيابة العامة باعتبار أن الوفاة عنصراً في الركن المادي لجريمة القتل .

 

– فإذا ثبت وفاة المجني عليه بأي وسيلة أمكن محاكمة الجاني بارتكاب جريمة القتل ولو لم يتم العثور على جثة المجني عليه .

 

*** علاقة السببية بين فعل الجاني ووفاة المجني عليه :

 

– يجب أن يكون فعل الاعتداء على الحياة هو الذي أدى إلى وفاة المجني عليه وهذا ما يعبر عنه بقيام العلاقة السببية بين السلوك والنتيجة الاجرامية .

 

– وعلاقة السببية عنصراً من عناصر الركن المادي لكل جريمة يتطلب نموذجها القانوني حدوث نتيجة إجرامية .

 

– ومن ثم يجب للقول بتوافر الركن المادي للجريمة أن تقوم بين نشاط الجاني وبين النتيجة الاجرامية ( وهي إزهاق الروح ) علاقة سببية .

 

– وعلاقة السببية تعد شرطاً لمساءلة الجاني عن وفاة المجني عليه .

 

– أما إذا انتفت علاقة السببية اقتصرت مسئولية الجاني على الشروع في القتل .

 

القصد الجنائي :

 

جناية القتل جناية عمدية ولذلك فإن القصد الجنائي يقوم على عنصرين هما العلم / الإرادة

 

١- العلم :

 

* ينصب العلم أولاً على محل الاعتداء في القتل وهو الانسان الحي فيجب أن يعلم المتهم بأن فعله ينصب على إنسان فإن اعتقد أنه يوجه فعله إلى غير إنسان انتفى القصد لديه .

 

* وينصب العلم ثانياً على خطورة فعل الجاني على حياة المجني عليه فيجب أن يحيط المتهم ( الجاني ) علماً بخطورة فعله على حياة المجني عليه أي يعلم أن من شأنه إتيان هذا الفعل إحداث الوفاة ، فإذا ثبت جهله بإن من شأنه الفعل الذي يأتيه إزهاق روح المجني عليه انتفى القصد لديه .

 

* وينصب العلم ثالثاً على وفاة المجني عليه باعتبارها أثراً لفعل الجاني فإذا لم يتوقع أن نشاطه يمكن أن يؤدي إلى وفاة المجني عليه انتفى القصد الجنائي لديه .

 

جريمة القتل بالسم

 

تنص المادة ١٤٩ مكرر من قانون الجزاء على أنه :

 

[ من قتل نفساً عمداً بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً يعاقب بالإعدام أياً كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ]  .

 

– وعله تشديد العقاب إلى الإعدام في حالة القتل بالسم مواجهة الظروف الخاصة التي يتميز بها هذا النوع من القتل فهناك أولاً سهولة ارتكاب القتل بالسم كما أن الفاعل يتسم بالجبن والخسة والضرر حيث يقدم طعاماً للمجني عليه وهو في الحقيقة لا يقدم له إلا الموت .

 

– هذا إلى إن الفاعل عادة ما يتوافر لديه سبق الإصرار وذلك بإعداد الطعام وتقديمه للمجني عليه .

 

– والمادة السامة قد تكون سامة بطبيعتها وقد تكون سامة بسبب ظروف استخدامها مثال الزئبق إن وضع على جرح تسربت إلى الدم وأحدثت التسمم ، في هذه الحالات تعد هذه المادة سامة بسبب ظروف تناولها وكمية هذا التناول وإن لم تحدث الوفاة بسبب تخلف هذه الظروف فإن الواقعة تعد شروعاً وقد قضت محكمة النقض بإن وضع الزئبق في أذن شخص بنيه قتله هو عمل من الاعمال التنفيذية لجريمة القتل بالسم ما دامت هذه المادة تؤدي في بعض الصور إلى النتيجة المقصودة .

 

– وتحديد مسألة ما يعتبر مادة سامة وما لا يعتبر كذلك هي من مسائل الموضوع التي يترك أمر تقديرها إلى الخبير الفني .

 

– والمادة السامة قد تكون مادة سائلة أو مادة غازية .

 

– ويستوي بعد ذلك أن يكون من شأن تلك المادة إحداث الوفاة في الحال أو إحداثها بعد فترة معينة يمكن خلالها نقل المجني عليه إلى المستشفى وإسعافه فإن تم الإسعاف فإن الجريمة تقف عند حد الشروع لدى الجاني .

 

– وقد قضت محكمة التمييز :

من المقرر أن جريمة القتل العمد بجوهر يتسبب عنه الموت عاجلاً أو آجلاً المنصوص عليها في المادة ١٤٩ مكرر من قانون الجزاء المعدل بالقانون رقم ٨٥ لسنة ١٩٨٣ لا تتطلب سوى ارتكاب فعل على المجني يؤدي بطبيعته إلى وفاته بنيه قتله سواء كانت الوفاة عاجله أم آجله ما دامت الوفاة نتيجة مباشرة للجريمة ولما كان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة التمييز ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما أنتهى إليه ، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن قصد القتل لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وينم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطتها التقديرية .

 

[ الطعن رقم ٥٥٥ لسنة ٢٠١١ جلسة ٢٧/٥/٢٠١٢ ]

*** الظروف المشددة للقتل

 

– تنص المادة ١٥٠ جزاء على أنه :

[ يعاقب على القتل العمد بالإعدام إذا اقترن بسبق الإصرار أو الترصد ] .

 

– وتنص المادة ١٥١ جزاء على أنه :

{ سبق الإصرار هو التصميم على ارتكاب الفعل قبل تنفيذه بوقت كاف يتاح فيه للفاعل التروي في هدوء ، والترصد هو انتظار الفاعل ضحيته في مكان يعتقد ملاء منه لتنفيذ الفعل الاجرامي على نحو مفاجئ } .

 

– ويعد كل من سبق الإصرار أو الترصد متوافر أو لو كان تنفيذ الفعل معلقاً على شرط أو دفع الفعل على غير الشخص المقصود.

 

– سبق الإصرار ماهيته :

التصميم على ارتكاب الفعل قبل تنفيذه بوقت كاف يتاح فيه للفاعل التروي في هدوء مؤدي ذلك اقتراف الجاني قتل المجني عليه وكانت ثورته النفسية لا زالت تتملكه وتسد عليه سبيل التفكير الهادئ المستمر مقتضاه عدم توافر ظرف سبق الإصرار.

 

– وقضى كذلك :

 أن سبق الإصرار هي حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني ويستعاد من الوقائع والظروف التي يستخلص منها توافره ويتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها والبحث عن توافر سبق الإصرار من اطلاقات محكمة الموضوع يستنتجه القاضي من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج .

 

– وقضى كذلك :

دفاع المتهم يعدم توافر ظرف سبق الإصرار في القتل ، فإن المحكمة ترى أنه يلقى قبولاً لديها ويرجح ما استدلت به النيابة العامة على توافر هذا الظرف المشدد لجريمة القتل العمد التي ارتكبها المتهم ، ذلك أنه من المستفاد من نص الفقرة الأولى من المادة ١٥١ من قانون الجزاء أن سبق الإصرار يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وكان البين من ظروف الدعوى أن المتهم قد انتوى قتل المجني عليه أثر مشادة كلامية اغضبت المتهم فقام على أثرها بالتقاط سلاحه الناري الذي اعتاد الاحتفاظ به داخل سيارته وأطلق منه العديد من الطلقات أصابت المجني عليه وأدت إلى وفاته وكان المتهم وقتذاك ثائراً مندفعاً لا سبيل له إلى التبصر والتروي والأناة ، فلا يعتبر ظرف سبق الإصرار متوافراً لديه عندما قارف القتل الذي اتجهت إليه إرادته ومن ثم بات من المتعين تعديل وصف التهمة الأولى المسندة إلى المتهم باستبعاد ظرف سبق الإصرار من جريمة القتل العمد موضوع التهمة المذكورة .

[ الطعن ٦٧٦ لسنة ٢٠٠٥ جزائي جلسة ٢٧/٦/٢٠٠٦ ]

الترصد :

 

عرف المشرع الكويتي الترصد بأنه { هو انتظار الفاعل ضحيته في مكان يعتقد ملاءمته لتنفيذ الفعل على نحو مفاجئ }.

 

– جوهر الترصد : هو تربص الجاني وترقبه للمجني عليه فترة من الزمن طالت أم قصرت في مكان يعتقد ملاءمته لتنفيذ الجريمة تنفيذاً مباغت ولا أهمية للمكان الذي ينتظر فيه الجاني فقد يكون خاصاً به أو بالمجني عليه وقد يكون طريق عام ولا يهم إذا كان الجاني أثناء انتظاره للمجني عليه ظاهراً أو متخفياً.

فالعبرة في الترصد ليست بالاختفاء وإنما بانتظار المجني عليه و مباغتته بالأذى ولا عبره بطول المدة أو قصرها التي ينتظر الجاني خلالها المجني عليه .

 

– وعله تشديد العقاب عند توافر ظرف الترصد ترجع إلى إنه يسهل للجاني ارتكاب جريمته إذ يضمن الجاني مباغته المجني عليه في عقله منه بما لا يملكه من التفكير في وسيلة يدافع بها عن نفسه .

 

– والترصد : ظرف مشدد له طابع عيني يتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة ولا شأن له بقصد الجاني .

 

– ويختلف عن سبق الإصرار : الذي يعد ظرفاً شخصياً يتعلق بقصد الجاني .

 

– ويترتب على الاختلاف بين الطبيعة القانونية بين سبق الإصرار والترصد أن الترصد يسري على كل المساهمين في الجريمة بخلاف سبق الإصرار الذي لا يسري إلا على من ثبت توافره لديه .

 

– وتحقق إحداهما دون الآخر يكفي لتشديد العقاب .

 

*** وقد قضت محكمة النقض المصرية على أنه :

 

غاير الشارع بين ظرف سبق الإصرار وظرف الترصد ولم يستلزم اجتماعهما لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات فإذا كان الحكم قد استخلص توافر نية القتل وظرف الترصد استخلاصاً سليماً يتفق مع ما هما معروفان به في القانون فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في شأن عدم قيام ظرف سبق الإصرار .

 

[ الطعن ٧٩٠ لسنة ٢٠٠١ ق جلسة ١٢/١٢/١٩٦١ ]

 

جريمة القتل غير العمد ( القتل الخطأ )

 

تنص المادة رقم (154) من قانون الجزاء على أنه :-

 

من قتل …… خطأ أو تسبب فى قتلها من غير مصدر بأن يكون ذلك ناشئا عن رعونة أو تفريض أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة اللوائح عاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين .

 

*** أركان جريمة القتل الخطأ :

 

1- الخطأ

2- ازهاق روح المجني عليه

3- علاقة السببية

 

الركن الأول الخطأ :-

 

– هو الركن المعنوي للقتل غير العمدي أو القتل الخطأ ويمكن تعريفه بأنه نشاط إيجابي أو سلبي لا يتفق مع الواجب من الحيطة والحذر .

 

– فالخطأ إذن سلوك إرادي تترتب عليه نتائج لم يقصدها الفاعل وكان في وسعه ومن الواجب عليه أن يتجنبها .

 

– والنشاط الارادي قد يكون إيجابي أو سلبي والنتيجة التي تؤدي إليه نشاط المتهم هي وفاة المجني عليه وهي نتيجة كان في استطاعة المتهم الحيلولة دون حدوثها لو كان قد أتخذ الحد الأدنى من الاحتياطات عن اتيانه نشاطه أو التزم في الحدود التي يتعين على من كان في مثل ظروفه أن يلتزمها .

 

*** صورة الخطأ

 

حدد المشرع صور الخطأ بقوله ( بأن كان ذلك ناشئاً عن رعونة أو تفريط أو إهمال أو عدم انتباه أو عدم مراعاة اللوائح ….. ) .

 

1- الرعونة :

 

– ويراد بها سوء التقدير أو نقص المهارة أو الجهل بما يتعين العلم به .

– وتتميز الرعونة باندفاع الجاني بنشاطه بشكل يؤدي إلي نتائج مؤلمة .

– قضي هذه الصورة لا يقرر الفاعل كأن ما يفعله ولا يدري أن عمله أو تركه الإرادي مكنه أن تترتب عليه النتيجة التي كان السبب في حدوثها .

– وبينهم من هذا السوء التقدير أما أن يكون أمرا مادياً راجعاً إلي الخطأ وسوء التصرف أو أن يكون سوء التقدير أدبياً راجعاً إلي جهل الفاعل وعدم كفاءته .

 

2- التفريط أو عدم التحرز :

 

ويراد به اقدام الجاني على اتخاذ مسلك توجيه قواعد الخبرة العامة الامتناع عن اتيانه بالشكل الذي اتخذ به أو في الوقت الذي أتخذ به ، فالفاعل يعرف طبيعة عمله ويصمم أنه يمكنه أن تترتب عليه نتائج ضاره ولكنه لم يتوقع النتيجة التي نشأت عنه فسبب الجريمة هو عدم التبصر بالعواقب .

 

*** وقد قضت محكمة النقض المصرية على أنه :-

 

متى كان مفاد المحكمة أن اصطدام السيارة التي يقودها المتهم بالمجني عليه لم يكن إلا نتيجة قيادتها بسرعه وعدم احتياط وتحرز لتفادي المجني عليه وعدم اطلاق جهاز التنبيه لتنبيهه فانه يكون قد حل على توافر ركن الخطأ .

 

3-  الاهمال وعدم الانتباه :

 

– يراد بالإهمال اغفال الجاني اتخاذ احتياط يوجبه الحذر وتمليه الخبرة الانسانية على من كان في مثل ظروفه في هذه الصور يتخذ الخطأ مظهراً سلبي يتمثل في ترك أو أمتناع عن أتخاذ الحيطة اللازمة .

– وعدم الانتباه يضمن حاله الخطأ الواعي أو الخطأ مع التوقع ويراد به اقدام الشخص على فعل كان يجب عليه الامتناع عنه لكونه يدرك خطورته ويتوقع أن يترتب عليه ضرر ومع ذلك يمضي في فعله دون أتخاذ الاحتياطات التي من شأنها الحيلولة دون وقوع الضرر .

 

*** وقد قضت محكمة النقض المصرية على أنه :

 

بأن انزال الطاعن الاسلاك الكهربائية القديمة حتي اصبحت قريبة من الارض وأنصرف دون أن يفصل التيار الكهربائي عنها فاصطدم بها المجني عليه اثناء محاولته العبور وصفعه التيار الكهربائي مخلفا به آثار حرق ويتوافر له الخطأ في حقه ويتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليه  .

 

4–  عدم مراعاة اللوائح :

 

ويمسى الخطأ الخاص ويتمثل في الامتناع عن أمر يجب القيام به أو الاقدام على سلوك محظور يتعين الاحتراز منه .

 

*** ويتميز الخطأ الخاص عن الخطأ العام في أمرين :

 

1-  أنه يتحقق بمخالفة قواعد قانونية لا قوة الالزام القانوني على عكس الخطأ العام الذي يقع بالمخالفة لقواعد اجتماعية تتخذ من الخبرة الانسانية.

 

2- أنه خطأ ثابت حكماً أو مترض يتحقق بمجرد مخالفة اللائحة أو القانون وتوافر علاقة السببية بين ذلك الخطأ والنتيجة الاجرامية فالقاضي لا يلزم بإقامة الدليل على قرب الفاعل على توقع النتيجة الاجرامية التي ترتب علي نشاطه المخالفة للقانون

 

** وقد قضى :

 

بأنه إذا اطلق شخص عياراً داخل المسكن مخالفاً بذلك قانون حيازة الاسلحة النارية فتسبب في إصابة فتاة ، فلا يقبل دفاعه بأنه لم يكن في استطاعته ان يبصرها لوجود حائط لان الشخص بمجرد مخالفته لائحة من اللوائح يعد في حكم المخطئ إذاً وقضت منه حادثه وهو مرتكب هذه المخالفة .

والرأي الدارج في القصة أن لفظ اللوائح يؤخذ بأوسع معاينه فتشمل القوانين والقرارات واللوائح والانظمة التي تقرر  القواعد العامة للسلوك .

 

** ويراعي في الخطأ الخاص ما يلي :

 

1- أن عدم مراعاة اللوائح خطأ قائم بذاته يكفي لترتيب المسئولية ولو لم تتوافر في الواقعة صورة أخرى من صور الخطأ العام .

– فالمشرع عندما عدد صور الخطأ فقد اعتبر عدم مراعاه اللوائح خطأ قائم بذاته ترتب عليه مسئولية المخالفة عما ينشأ من الحوادث لسببه ولو لم يقع منه أي خطا آخر .

 

2- أن مجرد مخالفة القوانين أو اللوائح لا تكفي بذاتها لمساءلة المتهم عن القتل الخطأ بل يجب أن تكون تلك المخالفة هي بذاتها سبب الحادث الذي أفضى إلي الوفاة بحيث لا يتصور وقوعه لولاها .

 

وقد قضت محكمة النقض المصرية :

 

بانه لما كانت الوقائع كما أوردها الحكم تدل على أن السيارة التي انطلق لم يكن ليصيب أحد لولا انفجار ماسورة السلاح ، وأن اصابة المجني عليه حدثت من شظايا الماسورة المنفجرة بسبب عيب صناعتها لم يكن للمتهم يد فيه ولم يكن في استطاعته أن يتوقعه ، وكان مخالفة اللوائح وأن مكان اعتبارها خطأ مستقلاً بذاته في قضايا الاصابة والقتل الخطأ إلا أن هذه مشروط بأن تكون هذه المخالفة بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاه هو ما لم يتحقق في صورة الدعوى .

 

** وقضي كذلك :

 

أن عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والانظمة وأن مكان اعتباره خطأ مستقلا بذاته في جريمة القتل إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها .

 

***خطا المجني عليه الذي يرفع مسئولية المتهم :

 

خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء احد الاركان القانونية لجريمة القتل أو الاصابة الخطأ المنسوبة إلي المتهم ، فإذا كان خطأ المجني عليه قد استقر من خطأ المتهم وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة فأنه يقطع رابطة السببية ويرفع مسئولية المتهم .

 

**وقد قضت محكمة النقض :

 

1- الاصل أن خطأ المضرور لا يرفع مسئولية المسئول وإنما يحققها أن كان ثمة خطأ مشترك بمفاده الصحيح ولا يقضي المسئولية استثناء من هذا الاصل إلا أن تبين من ظروف الحادث أن خطـأ المضرور هو العامل الأول في أحداث الضرر الذي اصابه وأنه بلغ من الجسامة درجة يستقر منه خطأ المسئول .

 

** وقضي كذلك

 

من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متي استقر فيه خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لأحداث النتيجة وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لا أصل لها في الأوراق .

 

الخطأ المشترك

 

من المقرر في القانون الجنائي أن يصح أن يقع حادث القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ بناء على خطأين من شخصين مختلفين كما يصح أن يكون الخطأ الذي أدي إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم والمجني عليه فلا ينفي خطأ أحدهما مسئولية الآخر  كما أن الاصل أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الاركان القانونية لجريمة القتل الخطأ والاصابة الخطأ المنسوبة إلي المتهم .

 

** وقد قضت محكمة النقض :

 

 – يصح في القانون أن يقع الحادث بناء على خطأين من شخصين مختلفين ولا يسوغ في هذه الحالة القول بأن خطأ أحدهما ينفي المسئولية عن الآخر وإذا فلا تناقض إذا ما أذ اتت المحكمة المتهم بناء على الخطأ الذي وقع منه ثم عاملته بالرأفة بناء على ما وقع منه والد المجني عليه من خطأ ساهم في وقوع الحادث .

 – ما دامت المحكمة قدر أوردت في حكمها بإدانة المتهم في الاصابة خطأ الأدلة على ثبوت الواقعة واستظهرت رابطة السببية بين ما وقع منه خطأ في حكمها إلي  مساهمة المجني عليه في الخطأ لا تسقط مسئولية المتهم .

 

– الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية بفرض قيامة لا يخلي المتهم من المسئولية بمضي الخطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم ما دام أن هذه الخطأ لم يترتب عليه انتفاء أحد الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ المنسوبة إلى المتهم .

 

الركن الثاني ازهاق روح المجني عليه :

 حتي تقوم هذه الجريمة يجب أن يؤدي سلوك الجاني الخاطئ إلى وفاة المجني عليه فإذا لم تحدث هذه النتيجة فلا قيام للجريمة مهما توفر الخطأ في هلك الشخص مهما كان جسيماً ولا عقاب على الشروع فيها لأنه لا يتصور الشروع في الجريمة غير العمدية ولكن ذلك لا يحول دون مساءلة الجاني عما يكون قد أصاب المجني عليه من جروح لم تقضي إلى الوفاة .

 

الركن الثالث علاقة السببيه :

 

لا يكفى لقيام جريمة القتل الخطأ أن يثبت وقوع خطأ من جانب المتهم وأن يحدث موت انسان وإنما لا بد أن يكون بين السلوك السبب الخاطئ والنتيجة التي حدثت علاقة السبب بالمسبب ، فلا يكفي للإدانة في جريمة القتل الخطأ أن يثبت وقوع القتل وحصول خطأ من المحكوم عليه بل يجب أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير وجود هذا الخطأ ويتسنى على ذلك أنه إذا انعدمت رابطة السببية وامكن تصور حدوث القتل ولو لم يقع الخطأ انعدمت الجريمة لعدم توافر أحد العناصر القانونية المكونة لها .

 

صور تتوافر فيها رابطة السببية :

 

– إذا كان سائق السيارة يقودها مسرعاً وهو سكران مطفأ أنوارها فإنه يكون مسئولاً عن صدم عربة نقل وإحداث إصابات بقائدها حتي ولو كان قائد العربة الآخر مخالفا للوائح .

 

– أن القانون لا يشترط لقيام جرائم الاصابات غير العمدية إلا أن يكون الضرر ناشئاً عن خطأ يرتكب ويكون هو السبب فيه ولو كان ثمة عوامل أخرى من شأنها ان تساعد على حدوثه فإن كان الظاهر من أوراق المحكمة أن رابطة السببية بين خطأ سائق السيارة وبين الحادث متوافرة إذاً هو قاد سيارته غير محاط ولا متحرز مخالفاً للوائح بسيره على اليسار اكثر مما يستلزمه من قياده السيارة فوقع الحادث فلا ينفي مسئولية أن يكون المجني عليه قد ساعد على ذلك بأن اندفع إلى الجهة اليسار فقط بالقرب من دوا ليها .

 

– يكفي لقيام رابطة السببية في جرائم القتل والجرح الخطأ المنصوص عليه في قانون الجزاء أن يكون القتل أو الجرح مسبباً عن خطأ مما هو مبين في قانون الجزاء سواء كانت السببية مباشرة أو غير مباشرة ما دام الضرر لا يمكن تصور حدوثه لولا وقوع الخطأ .

 

– أن قيام رابطة السببية بين الخطأ والضرر وعدم قيامها من المسائل الموضوعة التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير مفصل ما دام حكمه مؤسساً على أسانيد مقبولة مستمده من وقائع الدعوى .

 

– يعتبر الحكم قد بين رابطة السببية بين خطأ المتهم الذي أدانه بالقتل الخطأ وبين اصابة المجني عليه بإصابات قاتله مما يكفي لإثبات قيام هذه الرابطة .

 

صور لا تتوافر فيها رابطة السببية :

 *** قد قضت محكمة النقض المصرية :

 

– أنه لا يكفي للإدانة في جريمة القتل أن يثبت وقوع القتل وحول خطأ من المحكوم عليه بل يجب أن يكون الخطأ متصلاً بالقتل أتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير وجود هذا الخطأ وينص على ذلك أنه إذا انعدمت رابطة السببية وأمكن تصور حدوث القتل ولو لم يقع الخطأ انعدمت الجريمة معها لعدم توافر أحد العناصر القانونية المكونة لها فإذا كان الحكم قد اعتبر الطاعن مسئولاً جنائياً عن جنحة القتل الخطأ لأنه ترك سيارته في الطريق العام مع شخص آخر يعمل معه وأن هذا الشخص الآخر دفع العربة بقوة جسمه إلى الخلف بغير احتياط فقتل المجني عليه فإنه يكون قد أخطأ في ذلك لانعدام رابطة السببية بين عمل المتهم وبين قتل المجني عليه لان ترك المتهم سيارته في الطريق العام يحرسها تابع له ليس له علاقة أو صله بالخطأ الذي تسبب عنه القتل والذي وقع من التابع وحده ، على ان اخلاء المتهم ( صاحب السيارة ) من المسئولية الجنائية لا يخليه من المسئولية المدنية بل أن مسئوليته مدنياً تتوافر جميع عناصرها متي اثبت الحكم أن التابع كان يعمل عن الطاعن ولحسابه وقت أن تسبب بخطئه في قتل المجني عليه .

 

– متي كان الحكم قد اثبت أن المتهم كان يسير بسيارته بسرعه غير عادية ملتزماً في سيره الطريق الطبيعي المباح له السير فيه  وهو الجانب الايمن من الميدان الذي وقعت فيه الحادثة بالنسبة إلى من يكون سائرا من اتجاهه وأن المجني عليه هو الذي اندفع في سيره وهو يعبر الشارع دون أن يتحقق من خلوه من السيارات ودون أن يلاحظ السيارة وهي مقبله فاصطدم بمقدمتها وسقط تحتها ، ثم نفى بناء على ذلك مسئولية المتهم عن هذا الحادث ، فليس مما يعيبه أن يكون من ذاكره ردا على ما اعترض به الدفاع أن سير المتهم في الجانب الايسر من الطريق لأي سبب من الاسباب لا يجعله مخطئاً ما دام لم يتجاوز الطريق الايمن المحدد للسائرين في اتجاه واحد .

 

– متى كان الحكم قد دان المتهم بجريمة القتل الخطأ دون أن يذكر شيئاً عن الاصابات التي حدثت بالمجني عليه ونوعها وكيف انها أدت إلي وفاته فأنه يكون معيباً للقصور في استعظمها علاقة السببية بين الخطأ والوفاة من واقع ما اثبتته أوراق الدعوى .

 

*** القوة القاهرة  – والحادث الفجائي

 

– من المقرر قانوناً أن المسئولية تنتفي بالقوة القاهرة والحادث الفجائي لأنه متى وجدت القوة القاهرة وتوافرت شروطها في القانون كانت النتيجة محمولة عليها وانقطعت علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة وامتنعت المسئولية عن المتهم إلا إذا كان خطؤه بذاته جريمة .

 

– وقد اختلف فقهاء القانون في تعريف الحادث الفجائي والقوة القاهرة فيرى طريق منهم أن الحادث الفجائي يقترن بالسلوك الانساني مؤدياً إلي نتيجة لم تكن لتقع بدون هذا الحادث أما القوة القاهرة فإنها تستخدم السلوك الانساني كأداه لحدوث النتيجة فهي قوة خارجية لا يملك دفعها وأنه وأن كان الحادث الفجائي يتفق مع القوة القاهرة من حيث أنهما يستبعدان المسئولية الجنائية فأنهما يختلفان من حيث أن الحادث الفجائي يتحقق عندما يستحيل على الفاعل توقع النتيجة ، فهو لا يمحو الارادة ولكنها يجردها من الخطأ .

 

– بينما القوة القاهرة تتوافر عند الضغط على إرادة الفاعل إلى حد إعدامها فالإرادة عندئذ لا توصف بأنها آثمة وانما توصف بانها غير موجوده .

 

– ويرى فريق آخر أن المقصود بالقوة القاهرة والحادث الفجائي وهي مترادفان ، الحادث الذي لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه فيلزم توافر الشرطين معاً في الحادث الذي يعبر كذلك وينظر إلى توافرهما فيه بمعيار موضوعي وهو معيار الرجل العادي إذا وضع في مثل ظروف المسئول بحيث يكون الحادث غير ممكن التوقع بالنسبة إليه مع ملاحظة أنه إذا كان من الندرة يحث لا يقوم سبب خاص لتوقع حدوثه ، وبحيث يكون الحادث نفسه كذلك يستحيل الدفع استحاله مطلقا سواء بالنسبة لشخص المسئول او  بالنسبة للرجل العادي في مثل ظروفه ويستوى أن يكون الاستحالة مادية أو معنوية .

 

– من أمثلة الحادث الفجائي :

 

– أن يصاب قائد السيارة بإغماء مفاجئ فيفقد السيطرة على عجلة القيادة ويصيب انسان .

 

– أو أن ينفجر احد إطارات السيارة اثناء سيرها بسرعه معقوله فلا يستطيع قائدها السيطرة عليها ويقتل شخص .

 

– ومن امثله القوة القاهرة :

 

هبوب عاصفة تقتلع أحدي الاشجار وتلقى بها على سيارة فتقتل احد ركابها.

خلاصة القول أن المسئولية الجنائية تنتفي في حالة توافر الحادث الفجائي أو القوة القاهرة كما أن المسئولية المدنية تعتبر هي الأخرى غير متوافره طبعا لنص المادة 233 من القانون المدني التي تنص على أنه :-

 

[ إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب اجنى عنه لا يدله فيه قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل المضرور أو فعل الغير ، كان غير ملزما بالتعويض ، وذلك ما لم يوجز نص يقضي بغير ذلك] .

 

*** وقد قضت محكمة النقض :

 

بأن القوة القاهرة وهي العامل الذي يسلب الشخص إرادته فيرغمه على اتيانه عما لم يرده ولم يملك له دفعاً وحيث أنه قد انتهت المحكمة إلي أن المتهم قاد سيارته غير مستوفاه الشروط إلا من دون تكليف من أحد رؤسائه بقيادتها ، كما أنه قادها مسرعاً ومخالفاً للوائح والتعليمات الأمر الذي يتبين معه بوضوح أن الحادث ما وقع إلا نتيجة هذه الاخطاء المتلاحقة من المتهم ومن ثم فلا يكون هناك أي عامل قد سلبه إرادته وأدى إلي وقوع الحادث ويتعين لذلك الالتفات عند دفاعه المبني على استناد الحادث إلى القوة القاهرة .

 

*** عقوبة القتل الخطأ:

 

– فى صورته البسيطة :

 

تنص المادة 154 جزءا على أن من قتل نفساً خطأ أو تسبب فى قتلها من غير مقصد بأن كان ذلك ناشئاً ….

يعاقب الحبس مده لا تجاوز 3 سنوات وبغرامة لا تجاوز 3000 روبية أو بأحدى هاتين العقوبتين .

 

error: عذرا, المحتوى محمي و لا يجوز النسخ