شرح قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي

 

حجية التحريات:     

م/46 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية” محاضر التحري التي يحررها رجال الشرطة يجب عرضها على النيابة العامة أو محققي الشرطة بحسب الأحوال للتصرف فيها ومباشرتها وعلى هؤلاء التأكد من استيفائها ”

 “كما نصت الفقرة الثانية من ذات المادة 46 على أنه ليس لهذه المحاضر حجية في الإثبات أمام القضاء “.

 

الوسائل غير المشروعة في التحريات :

من الوسائل غير المشروعة وغير الجائز استخدامها في التحري :

  • القيام بالتلصص على المتهم من أقفال الأبواب أو الشقوق .
  • استراق السمع .
  • التصنت على المكالمات .
  • مراقبة ما ينقل بواسطة الأجهزة الالكترونية أو الوسائل البريدية أو التلغرافية أو كل ما سبق ذكره .

(( من دون أذن مسبق من سلطة التحقيق ))…

 

ماهية التحريات :

  • تعريف التحري:

مجموعة من الإجراءات الأولية السابقة على تحريك الدعوى الجزائية وتهدف إلى التأكد والتثبت من وقوع الجريمة وجمع المعلومات الكافية لتمكن سلطة التحقيق من التصرف النهائي في الواقعة الذي يلاءم تحريك الدعوى .

 

إجراءات التحري :

وقد نصت المادة 41

” يجب على رجل الشرطة أثناء قيامه بالتحري أن يسمع أقوال المبلغين وله أن يستدعي الشهود ويسمع أقوالهم ويثبتها في محضره، ولكن لا يجوز له تحليفهم اليمين ولا إلزامهم بالتوقيع على أقوالهم ، ويجب أن يثبت في محاضر التحري جميع الأعمال والإجراءات التي قامت بها الشرطة …”

{ ولكن المشرع أجاز لرجل الضبط القضائي ” الشرطة ” في المادة 37 من قانون الإجراءات في أثناء بحثه وتحريه ، الالتجاء إلى أي وسيلة أخرى إذا لم يكن فيها مخالفة للآداب أو ضرر بحريات الأفراد وحقوقهم فترك لهم حرية تقدير استخدام الوسيلة التي توصله إلى تحقيق غاية المشرع  .}

 

DOWNLOAD PDF

 

الاستيقاف:

تعريفه:

هو كل تعرض مادي من قبل رجل الشرطة لكل من وضع نفسه موضع الشبه والريبة .

( تمييز رقم 87 لسنه 1993 بتاريخ 28 /2/1993 )

نص المادة 52 إجراءات ومحاكمات جزائية :

{  لكل شرطي أن يستوقف أي شخص ويطلب منه بيانات عن اسمه وشخصيته إذا كان لازماً للتحريات التي يقوم بها وللشرطي أن يطلب من الشخص أن يصحبه إلى مركز الشرطة إذا رفض تقديم البيانات المطلوبة عن شخصيته أو إذا قدم بيانات غير صحيحة أو إذا كانت هناك قرائن جدية تدل على أنه ارتكب جناية أو جنحة }

شروطه :

يشترط لاعتبار الاستيقاف إجراء صحيحاً منتجاً لآثاره القانونية أن تتحقق فيه ثلاثة شروط :

  1. أن يقوم به أحد رجال الشرطة .
  2. أن تتوافر دلائل كافية على الاشتباه .
  3. وضع الشخص لنفسه موضع الاشتباه والريبة .

 

DOWNLOAD PDF

 

التفتيش :

تعريفه :

هو إجراء من إجراءات التحقيق وتقوم به الجهة صاحبة الاختصاص والهدف منه جمع الأدلة المادية للجريمة سواء كانت جناية أو جنحة لنسبتها للمتهم .

خصائصه :

  1. الجبر والإكراه : هو التعرض القانوني لحرية المتهم الشخصية أو لحرمة مسكنه أو رسائله .
  2. المساس بحق السر : وهو المساس بحق كل إنسان بالاحتفاظ بسرية شؤونه الخاصة .
  3. البحث عن الأدلة المادية المتعلقة بالجريمة .

 

إجراءات التفتيش :

ويجب أن تكون إجراءات التفتيش متوائمة مع صحيح القانون بتوافر الشروط التالية:

1.صدور أذن التفتيش من محقق : ويجب على المحقق أن يتأكد من أن هناك ضرورة تقتضي الإذن بالتفتيش ( مادة 44 إجراءات ).

2.كتابة أذن التفتيش : ويجب أن يحرر الأذن من نسختين تسلم إحداها لمن سيقوم بالتنفيذ والأخرى تبقى في محضر التحقيق ويجب أن يثبت في الأذن:

    • تاريخ إصداره .
    • اسم من أصدره وصفته والجهة التي ينتمي إليها وأن يذيل الأذن بتوقيعه وختم الجهة التي يعمل بها .
    • رقم الجريمة ونوعها .
    • السبب الداعي لإصدار الأذن أو الأشياء المراد ضبطها بواسطة التفتيش .
    • اسم المتهم وعنوانه تحديداً نافياً للجهالة بحيث إذا كان للمتهم أكثر من منزل وجب أن يحدد في الأذن المنزل المطلوب تفتيشه وإذا كان الأذن يحمل عبارة تفتيش مسكنه دون تحديد لعنوان له شمل هذا الأذن كل مساكنه الخاصة به مهما كان عددها إذا كانت التحريات قد ورد بها ما يمكن أن يفيد احتفاظه بدليل الجريمة في جميع تلك المنازل . (( مهم )

 3.أسباب التفتيش: 

ويقع على المحكمة عند عرض الدعوى عليها أن تمارس إشرافها في مدى جدية التحريات التي صدر على أساسها أذن التفتيش ومراقبة مدى قيامها على وسائل مشروعه .

وعليها متى تحققت من عدم كفايتها أو عدم مشروعيتها أن تحكم ببطلان التفتيش وما ترتب عليه من أدلة وإجراءات تطبيقاً لقاعدة ” ما بني على باطل فهو باطل “.

كما يلزمها القانون في حالة إقرارها البطلان ضرورة الرد على الدفع المقدم ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات أو عدم مشروعيتها وأن يكون رداً سائغاً في العقل والمنطق .

4.نتائج التفتيش : وهو إجراء يوضح ما خلص إليه التفتيش وما جاء بنص المادة 90 ، 91 من قانون الإجراءات .

5.مراعاة الهدف من التفتيش : نص المادة 80 من الإجراءات .

6.شروط التفتيش : من يقرر الأمر بالتفتيش يجب أن تكون هناك الشروط التالية :

  • أن تتوافر أدلة كافية على ارتكاب الجريمة .
  • أن تستلزم مصلحة التحقيق القيام به .
  • أن لا توجد طريقة أخرى غير التفتيش .
  • أن يكون التفتيش بغرض ضبط أدلة الجريمة موضوع التحقيق .

ولكن هناك استثناء من المشرع الكويتي في المادة 89/ 2

(( ولكن إذا ظهر له بصفة عرضية أشياء لقد حيازتها أو أشياء متعلقة بجريمة أخرى وجب عليه أن يضبطها ويثبتها في محضره …)).

ويتوقف صحة هذا الإجراء في أن الأشياء المضبوطة قد ظهرت عرضاً في أثناء التفتيش المتعلق بالجريمة موضع التحقيق بحيث يكون دون سعي يستهدف البحث عنها أو تعسف في تنفيذ أمر التفتيش .

مثال :

” أن يفتح مأمور الضبط علبة صغيرة بها مخدر في أثناء بحثه عن بندقية بدون ترخيص ففي هذه الحالة يكون الضبط باطلاً ” .

 

DOWNLOAD PDF

 

تعريف الجريمة المشهودة ( المتلبس بها ) :

نصت المادة 43 ” أن لرجل الشرطة إذا شهد ارتكاب جناية أو جنحة أو حضر إلى محل الحادث والجريمة لا تزال مشهودة أن يقوم بتفتيش المتهم أو مسكنه “.

نصت المادة 56 ” أن لرجل الشرطة حق القبض بدون أمر على المتهم في الجنح المشهودة وتعتبر الجريمة مشهودة إذا ارتكبت في حضور رجل الشرطة أو إذا حضر إلى محل ارتكابها ببرهة يسيرة وكانت آثارها ونتائجها مازالت قاطعة بقرب وقوعها “.

نصت المادة 58 ” على أن للفرد العادي الحق في القبض على المتهم في الحالات الآتية “….رابعاً : إذا ضبط المتهم والجريمة مشهودة “.

 

DOWNLOAD PDF

 

الخصائص القانونية لجريمة التلبس :

  1. الطابع العيني للتلبس : أن التلبس ذو طابع عيني لا شخصي بمعنى أنه يكفي لتحقيقه مشاهدة الجريمة حال ارتكابها دون أهمية لمشاهدة الجاني وهو يقترفها .
  2. في الحالة الظاهرية : التلبس حالة تقوم على المظاهر الخارجية التي يشاهدها رجل الشرطة فالجريمة المشهودة هي حالة إجرائية تعطي رجل الشرطة القيام ببعض الإجراءات ولا تمثل في حد ذاتها دليل إثبات لوقوع الجريمة من عدمها .

 

حالات التلبس :

  1. مشاهدة الجريمة حال ارتكابها : هي أظهر حالات التلبس بالجريمة فهي تتوافر بمشاهدة رجل الشرطة حال ارتكابها وبالأحرى بمشاهدتها في مجرى نفاذها وفي أثناء مقارفتها فيتحقق بذلك معنى التطابق الزمني بين وقوعها واكتشافها ،،، والمقصود برجل الشرطة المطلوب حضوره في أثناء ارتكاب الجريمة هو من له صفة الضبطية القضائية وكما هو مستقر في القوانين المقارنة من كان برتبة ملازم فما فوق من رجال الشرطة أما من كانوا دون هذه الرتبة فيعدون من رجال السلطة العامة ويكون حكم مشاهدتهم الجريمة حكم الأفراد العاديين لهم حق الشهادة بأنهم شاهدوا ارتكاب الجريمة وهي بحالة تلبس .
  2. مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة : من الجائز أن يكتشف آثارها القاطعة بقرب وقوعها بالمصادفة التلقائية كأن يشاهد رجل الضبط السارق وهو يهم بالخروج من المنزل المسروق وهو حامل الأمتعة التي قام بسرقتها بالتو من ذلك المنزل أو أن يشاهد المجني عليه وهو يلاحق الجاني بعد وقوع الجريمة أو أن يشاهد العامة هي تلاحق الجاني بالصياح بعد وقوعها .
  3. تتبع الجاني إثر وقوع الجريمة : ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الاستدلال على حالة التلبس بما بينته من مشاهدة المتهم وهو يجري من محل الحادثة مباشرة والأهالي يصيحون خلفه أنه القاتل وهو يعدو أمامهم حتى ضبط على مسافة 150 متراً من مكان الحادث .

(نقض 22 يناير 1951 مجموعة أحكام النقض ،س2،رقم 302 ، ص 537 ).

  1. وجود الجاني يعدو بعد وقوع الجريمة بوقت قليل حاملاً أشياء أو به آثار يستدل منها على أنه فاعل لها أو شريك فيها : حيث يتحقق التلبس في هذه الحالة بضبط الجاني في وقت مقارب لوقوع الجريمة حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء استعملت في ارتكابها أو تحصلت منها أو أية آثار يستدل منها أو علامات تفيد صلته بها كما لو وجد بجسمه خدوش أو جروح من مقارفة المجني عليه أو وجدت بقع دموية في ملابسه .

 

شرطا التلبس :

  1. المشاهدة الشخصية للتلبس .
  2. اكتشاف التلبس بطريق مشروع : يشترط حتى ينتج التلبس أثره القانوني أن يجئ اكتشافه عن طريق مشروع فإذا كان وليد إجراءات باطلة غير مشروعة فلا يعتد به والعبرة في مشروعية وسيلة الكشف عن حالة التلبس أو عدم مشروعيتها أن يكون سلوك مأمور الضبط الذي عن طريقه شاهد حالة التلبس مطابقاً للقانون في هدفه إلى حماية الحريات الفردية من تعسف السلطات القضائية .

 

ضمانات الاستجواب :

عندما يدلي المتهم بأقواله يجب أن يكون بمأمن من كل تأثير خارجي عليه ومن ثم كان أي تأثير يقع على المتهم بإرادته ويفند اعترافه ،، لذلك أحاط القانون استجواب المتهم بثلاثة أنواع من الضمانات هي :

  1. الجهة المختصة بالاستجواب : المحققون في الجنح ووكلاء النيابة في الجنايات وتؤكد هذه الضمانة المادة 98 من قانون الإجراءات الجزائية التي نصت بقولها ” إذا كان المتهم حاضراً فعلى المحقق قبل البدء في إجراءات التحقيق ..”،،،، تمكين المتهم من إبداء أقواله في حرية تامة والتأثير الذي قد يؤثر في أقواله إما أن يكون تأثيراً أدبياً وإما أن يكون تأثيراً مادياً .

 

  • التأثير الأدبي
  • أ‌- الوعد والإغراء : الوعد هو بعث الأمل لدى المتهم ولذلك يجب استبعاد الاعتراف الناتج عن الوعد والإغراء وعدم قبوله في الإثبات ، ويجب ملاحظة أنه ليس كل وعد أو إغراء يبطل الاستجواب بل يشترط أن يكون من شأنه أن يدفع إلى الإجابة عن الأسئلة التي توجه له أو يدفعه إلى الاعتراف ومن أمثلة ذلك وعد المتهم بعدم محاكمته أو وعده بالإفراج عنه أو وعده بتخفيف العقوبة التي سوف توقع عليه أو وعده بالتغاضي عن محاكمته عن بعض الجرائم أو وعده بعدم المساس بزوجته وأولاده أو شخص عزيز عليه ،، والدفع ببطلان الاعتراف الذي أسند إلى المتهم يعتبر دفاعاً جوهرياً يجب على المحكمة أن تتولى بنفسها التحقق منه حتى تتبين مدى صحة ذلك الاعتراف ومما ينبغي ملاحظته أنه يشترط وفقاً للقواعد العامة لاستبعاد الاعتراف أن تكون هناك علاقة سببية بين الوعد والإقرار وإذا تبين القاضي أنه لا علاقة بين الأمرين فإن هذا الوعد أو الإغراء لا يبطل الاعتراف وإنما على القاضي عندئذ أن يوضح انقطاع رابطة السببية بما يتفق والمعقول وإلا كان حكمه معيباً .
  • ب‌- التهديد : يمكن تعريف التهديد بأنه ” القول أو الفعل الذي يؤثر على حرية الشخص ويجعله تحت وطأة الخوف من أمر معين أن يتصرف على غير رغبته ” ولا يجوز للمحقق استعماله عند استجواب المتهم وإلا بطل الاستجواب والدليل المستمد منه ويشترط في التهديد المبطل للاعتراف شرطان:
    • الشرط الأول : صدوره بناء على سبب غير مشروع .
    • الشرط الثاني : أن يؤدي التهديد مباشرة لاعتراف المتهم وتقدير ذلك متروك لقاضي الموضوع .
    • تحليف اليمين : قانون الإجراءات الكويتي لا يسمح بتحليف المتهم اليمين أثناء الاستجواب نصت المادة 98 على أنه ” وللمتهم أن يرفض الكلام أو أن يطلب تأجيل الاستجواب  لحين حضور محاميه أو لأي وقت آخر ولا يجوز تحليفه اليمين ” .
    • استعمال وسائل الحيلة والخداع : ويجب توافر رابطة السببية بين الحيلة غير المشروعة والأدلة المستمدة من الاستجواب حتى يبطل الاستجواب .
    • الاستماع خلسة للمحادثات الهاتفية : لمخالفتها نص دستوري وهي المادة 39 من كفالة المراسلات البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال وتكون سريتها مكفولة .
      • التأثير المادي :
        • أ‌- العنف أو الإكراه المادي : وهو كل قوة مادية خارجية تقع على الشخص وتستطيل إلى جسمه ويكون من نتيجتها أن تسلبه الإرادة نهائياً بحيث تشل حرية الاختيار أو تؤثر فيها نسبياً فيترك لها فرصة للتعبير ولكن على غير رغبتها وفي كلتا الحالتين يصبح الإجراء باطلاً ويتحقق الإكراه المادي بأي درجة من العنف ومهما كان قدره ما دام فيه مساس بسلامة الجسد ويستوي أن يكون الإكراه قد سبب ألماً أو لم يسبب شيئاً من ذلك .
        • ب‌- إرهاق المتهم بالاستجواب المطول : من الأساليب التي تتبع في استجواب المتهم ” الإرهاق ” وذلك بأن يعمد المحقق إلى مناقشة المتهم مناقشة تفصيلية مطولة تمتد ساعات متواصلة حتى تضعف سيطرته على إرادته فيقول ما لم تكن إرادته تتجه إلى قوله .
        • ت‌- التنويم المغناطيسي .
        • ث‌- استعمال العقاقير المخدرة .
        • ج‌- عدم جواز تعذيب المتهم .

 

حقوق المتهم أمام سلطة التحقيق

  1. تمكين المتهم من حق الدفاع ( ضمانات حرية المتهم في إبداء أقواله ):
    • حق المتهم في الصمت : هناك مبدأ جوهري يفرض نفسه على جميع إجراءات الدعوى الجزائية وهو النظر إلى المتهم على أنه برئ حتى يثبت العكس بحكم قضائي بات ونتيجة لهذا المبدأ للمتهم الحرية في عدم الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه وهو غير ملزم بالكلام فإذا أرغم على الإجابة كان الاستجواب باطلاً فإن ترتب عليه اعتراف المتهم بطل الاعتراف بل إن للمحقق أن ينبهه إلى أن من حقه ألا يجيب إلا بحضور محاميه وهذا ما أوصى به المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات المنعقد في روما سنة 1953 إن حق الصمت مرتبط بحق الدفاع الذي يكفله الدستور للمتهم وهذا ما نصت عليه المادة 34 بقولها (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً )) كما ينص عليه قانون الإجراءات الكويتي في المادة 75 بقولها (( للمتهم والمجني عليه الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق الابتدائي لكل منهما الحق في أن يصطحب معه محاميه وليس للمحامي أن يتكلم إلا بإذن من المحقق وإذا كان المتهم مقبوضاً عليه أو محبوساً وجب على المحقق إحضاره أثناء التحقيق)) وتنص المادة 158 من قانون الإجراءات الكويتي على أنه (( لا يجوز تحليف المتهم اليمين ولا إكراهه أو إغوائه على الإجابة ولا على إبداء أقوال معينة بأية وسيلة من الوسائل ولا يفسر سكوت المتهم أو امتناعه عن الإجابة على سؤال بأنه إقرار شئ ولا تصح مؤاخذته على ذلك )).
    • دعوة محامي المتهم للحضور : وجود المحامي إلى جانب المتهم وهو يواجه اتهامات ارتكاب جريمة من شأنه أن يصون حق الدفاع الذي يعتبر حقاً مقدساً في جميع تشريعات دول العالم ويساعده على إظهار براءته فضلاً على أنه يهدئ من روع المتهم ويساعده على الاتزان والهدوء في إجاباته وقد نصت المادة 75 من قانون الإجراءات الجزائية الكويتي على أنه (( للمتهم وللمجني عليه الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق الابتدائي ولكل منهما الحق في أن يصحب معه محاميه )) وقد نصت المادة 120 من قانون الإجراءات الكويتي على أنه (( للمتهم في جناية الحق في أن يوكل من يدافع عنه وعلى المحكمة أن تنتدب من المحامين من يقوم بهذه المهمة إذا لم يوكل المتهم أحداً )).
    • إحاطة المتهم علماً بالتهمة المسندة إليه : وفي هذا المعنى نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 على ضرورة إخطار كل شخص مقبوض عليه لحظة القبض بأسباب هذا القبض وإخطاره بالتهمة الموجهة إليه في أقصر فترة (م9/2)

( كما نص هذه العهد على حق كل من تم توقيفه بأن يتم إبلاغه بأسباب هذا التوقيف كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه ) .

ويعني قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي بالنص على وجوب بيان سبب القبض في الأمر الصادر به ويلزم القائم بتنفيذ أمر القبض بأن يخطر به الشخص المطلوب القبض عليه ويطلعه على نص الأمر إذا طلب ذلك (المادة 63) .

وعلى المحقق قبل البدء في إجراءات التحقيق أن يسأل المتهم شفوياً عن التهمة الموجهة إليه ( المادة 98 ) وهو ما يعني إحاطته بالتهمة قبل أول استجواب .

  • السماح بالاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب :لا شك أن أهم ضمانة من ضمانات الاستجواب هي تمكين محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب أو المواجهة حتى يكون على علم بما يتم في التحقيق وما قدم فيه من أدلة مما يمكنه من الدفاع وتفنيد أدلة الاتهام وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق ،، ولم يتضمن قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي نصاً صريحاً في شأن تمكين محامي المتهم في الاطلاع على أوراق التحقيق ولكن حق المحامي في الاطلاع على التحقيق قبل استجواب المتهم هو حق مرتبط بحق الدفاع الذي يكفله الدستور الكويتي للمتهم وهذا ما نصت عليه المادة 34 بقولها (( المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع )) ،،، فإذا تم السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق يتعين على المحقق أن يطلعه على ملف التحقيق برمته غير منقوص متضمناً جميع الإجراءات التي بوشرت ولو كانت قد تمت في غيبة المتهم من معرفة كل ما في ملف الدعوى ولذلك فإنه ينطوي حتماً على الترخيص له بالنسخ أو التصوير .
  1. ضمانات المتهم لدى جهات التحقيق :
    • حياد المحقق واستقلاله .
    • تدوين التحقيق .
    • سرية التحقيق بالنسبة للجمهور .
    • علانية التحقيق بالنسبة للخصوم .

 

الأمر بالحضور والأمر بالقبض

أولاً : الأمر بحضور المتهم : وتنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية الكويتي على أنه ” للمحكمة أو المحقق أن يطلب حضور أي شخص أمامه إذا كان ذلك ضرورياً للتحقيق الذي يقوم به ويكون ذلك بإعلانه بأمر الحضور ” .

ويوجه المحقق الأمر بالحضور بالشكل الذي يتم فيه إعلان الأوراق الأخرى ،، ويجب أن يكون محرراً من نسختين ويعلن بواسطة موظفي المحكمة أو رجال الشرطة أو أي موظف حكومي يمنحه وزير العدل هذا الحق ( المادة 16 إجراءات جزائية ) ويتم الإعلان إلى الشخص المكلف الحضور وتسلم له صورة عن الأمر ويكلف التوقيع على النسخة الثانية لتعاد إلى المحقق .

ثانياً : الأمر بالقبض : قد يقتضي التحقيق الابتدائي إحضار المتهم أمام المحقق إما لسؤاله واستجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين والشهود بشأن الواقعة المنسوبة إليه ولذلك أجاز القانون لوكيل النيابة ( وللمحقق أن يصدر أمراً بحضور المتهم ويكون ذلك بإعلانه بأمر الحضور ) ( المادة 15 إجراءات جزائية ) ويشتمل الأمر بالحضور فضلاً عما سبق ذكره تكليف المتهم بالحضور أمام المحقق في ميعاد معين ولكن إذا لم يحضر المتهم بعد تكليفه بالحضور دون عذر مقبول جاز للمحقق أن يصدر أمراً بالقبض عليه وإحضاره .

 

لا يجوز رفع الدعوى الجزائية إلا بناء على شكوى المجني عليه في الجرائم الآتية:

بموجب نص المادة ( 109 ) من قانون الإجراءات

  1. جرائم السب والقذف وإفشاء الأسرار .
  2. جريمة الزنا .
  3. جرائم خطف الإناث .
  4. جرائم السرقة والابتزاز والنصب وخيانة الأمانة إذا كان المجني عليه من أصول الجاني أو فروعه أو كان زوجه .

وإذا كان المجني عليه قاصرا ، كان لوليه الشرعي أن يقدم الشكوى نيابة عنه ، فإذا تعذر ذلك حل النائب العام محل الولي في هذا الصدد .

كما تنص المادة 111 من الدستور الكويتي على أنه :

” لا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس ” .

كما تنص المادة 37 من قانون تنظيم القضاء رقم 23  لسنة 1990 على أنه :

” لا يجوز رفع الدعوى الجزائية على القاضي في جناية أو جنحة إلا بإذن مجلس القضاء “.

وعلى ذلك يمكن تقسيم الجرائم التي تقيد فيها يد سلطة التحقيق إلى نوعين الأول يتطلب صدور إذن والآخر يشترط تقديم شكوى ويدخل في النوع الأول الجرائم التي تقع من أعضاء مجلس الأمة ومن رجال القضاء وينطوي تحت النوع الثاني جرائم الاعتبار وجريمة الزنا وجرائم خطف الإناث وجرائم المال وهذه الجرائم جاءت على سبيل الحصر ومن ثم لا يمكن القياس عليها وفي حال مخالفتها تبطل لتعلقها بالنظام العام .

 

حقيقة الدعوى المدنية وعناصرها

والدعوى المدنية هذه تعد في حقيقتها دعوى تعويض تعود في الأصل إلى اختصاص القضاء المدني إلا أن المشرع يرى استثناء في حالة ادعاء نشأة الضرر عن فعل يعد في نظر المشرع أنه جريمة أن يرفع فيه دعوى مدنية تبعية منضمة إلى الدعوى الجزائية المنظورة أمام القضاء الجزائي بناء على الارتباط المنشأ لكل منهما .

  • غير أن هذا الارتباط بين الدعويين لا ينفي استقلالية كل منهما عن الأخرى من حيث الأركان والموضوع والخصوم والسبب إضافة للاختلاف في كثير من القواعد الإجرائية الواجب إتباعها في كل منهما وهو ما جعل أمر جواز رفع دعوى الضرر عن الفعل المجرم أمام القضاء الجزائي استثناء لا يقبل إلا بشروط وأعطى القضاء الجزائي الحرية في اختيار المناسب للفصل بالدعوى المدنية على النحو الآتي :
    1. اشترط المشرع في الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجزائية بالتبعية أن يكون الضرر فيها ناشئاً عن الفعل المجرم مباشرة / وأن يكون متعلقاً بالمدعي به شخصياً .
    2. أجاز المشرع للمحكمة الجزائية المنظور أمامها الدعوى المدنية التبعية أن تحيل هذه الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة بها مكتفية في الفصل في الدعوى الجزائية متى رأت بأن الفصل في الدعوى المدنية .
    3. يلزم على المحكمة الجزائية في حالة الحكم في الشق الجزائي بالبراءة (1) لأنتفاء الفعل المجرم أن تحكم بعدم اختصاصها بنظر الشق المدني

( دعوى التعويض ) هذا بخلاف إذا كانت البراءة لأسباب أخرى على الرغم من نسبة الفعل إلى المتهم حيث يجوز لها أن تحكم بالشق المدني كاملاً أو على سبيل التعويض المبدئي أو أن تحيل الأمر للمحكمة المختصة مدنياً .

  1. يجوز للمدعي في الدعوى التبعية أن يترك دعوى التعويض التي رفعها أمام المحكمة الجزائية ابتداء ليعود أمام المحكمة المدنية المختصة في أي حال كانت عليها الدعوى من دون أن يعتبر تصرفه هذا تنازلاً عن دعوى التعويض ما لم يصرح عن الترك بنزوله عن حقه المدني ( مادة 114 إجراءات ) .

“كل مدع بحق مدني أمام القضاء الجزائي له في أية حالة كانت عليها الدعوى أن ينزل عن دعواه المدنية أمام القضاء الجزائي ولا يؤثر هذا النزول في حقه في رفع دعواه أمام القضاء المدني إلا إذا صرح عند الترك بنزوله عن الحق المدني …….)

 

عناصر الدعوى المدنية

عناصر الدعوى التي يمكن إثارتها أمام القضاء الجزائي تنحصر فيما يأتي :

  1. الفعل المجرم : لا يمكن أن تثار الدعوى المدنية التبعية أمام القضاء الجزائي إلا بمناسبة وقوع فعل يعد جريمة سواء كان جناية أو جنحة .
  2. الضرر : وهذا الضرر قد يكون مادياً أو أدبياً :
    • الضرر المادي : وهو يشمل كل ما لحق المدعي من خسارة وما فاته من كسب ومن اليسير تقدير هذا النوع من الضرر في العادة ولا يثير العمل به أية صعوبة حيث يمكن الوقوف عليه وتقديره بمعايير ظاهرة للعيان من السهل الوصول لها .
    • الضرر الأدبي أو المعنوي : وهو ضرر يصيب المتضرر في شعوره أو في كرامته أو عواطفه أي في جوانبه المعنوية وهو ضرر كثيراً ما يثير العمل به التردد في التقدير .

 

العلاقة السببية المباشرة بين الجريمة والضرر

يشترط المشرع الجزائي في الضرر الذي يصلح لأن يكون سبباً لرفع الدعوى بالحق المدني أمام المحكمة الجزائية أن يكون شخصياً ومباشراً ومؤكداً :

  1. أن يكون الضرر شخصياً : والمراد بالضرر الشخصي أن يكون قد أصاب الشخص المدعي بالحق المدني ذاته وعليه فلا يجوز لأي صاحب مصلحة غيره وأن يرفع دعوى الضرر أمام المحكمة الجزائية ما عدا من يصدق عليه خلفاً وهو الورثة الذين ينتقل إليهم الحق .
  2. أن يكون الضرر مباشراً : كأن يطلق شخص النار على سائق المركبة فيصيبه فتنحرف المركبة ويحدث بها تلفيات تكون لاحقة على ارتكاب الجريمة وناتجة عنها مباشرة فيمكن المطالبة بالتعويض عنها أمام المحكمة الجزائية بدعوى تبعية ،،، وتطبيقاً لهذا الشرط يذهب القضاء الجزائي إلى عدم قبول دعوى التعويض الناتجة عن المسئولية العقدية كأن يتقدم من اشترى شيئاً مسروقاً بدعوى التعويض أمام المحكمة الجزائية التي تنظر في هذه السرقة .
  3. أن يكون الضرر مؤكداً في الحال أو في المستقبل : فيما يتعلق بدعوى التعويض عن الأضرار المادية التي يجوز أن يطالب بها أمام المحكمة الجزائية يلزم أن تكون أضراراً مؤكدة إما في الحال أو في المستقبل كالحرمان المؤكد الذي يصيب الأبناء الصغار بفقد آبائهم أو الآباء الكبار بفقد الابن العائل فهي أضرار مؤكدة في الحال وفي المستقبل تحقق الحرمان فعلاً وتعويض الأضرار يشمل بموجب القانون ما فات من ربح أو لحق من خسارة بخلاف وفاة الابن الصغير أو الأخ بالنسبة لإخوته فهو ضرر احتمالي فلا يستحق عليه المورث إلا التعويض الأدبي ونصيبه في الدية الشرعية فالتعويض الأدبي لا يختلف فيما إذا كان المجني عليه عائلاً أو غير عائل كبيراً كان أو صغيراً فهو يصيب الفرد بالآم الحرمان والفراق من جراء فقد ذلك العزيز .

 

موضوع الدعوى المدنية    

موضوع الدعوى المدنية يختلف عن موضوع الدعوى الجزائية الذي هو المطالبة بتوقيع العقوبة على مرتكب الفعل المجرم أما الدعوى المدنية التبعية فهو المطالبة بإصلاح الضرر الناشئ عن الفعل المجرم وهي تأخذ أحدى ثلاث صور وهي :

  1. دفع مبلغ من المال بمثابة تعويض .
  2. الرد أي إعادة الحال إلى ما كانت عليه .
  3. دفع المصاريف القضائية .

 

التدرج في النظر في مواد الجنايات

  1. محكمة الجنايات :

وهي دائرة من دوائر المحكمة الكلية تشكل من ثلاثة قضاة وتختص بالنظر في مواد الجنايات خاصة .

وفي النظر في جنح قانون المطبوعات والنشر بموجب المادة 24   من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر .

  1. محكمة استئناف الجنايات :

وهي دائرة من دوائر محكمة الاستئناف تشكلت بموجب المادة 6 من المرسوم رقم 23 لسنة 1990 من ثلاثة مستشارين من مستشاري محكمة الاستئناف العليا للنظر في الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة للجنايات وقد تشكل لهذا الغرض أكثر من دائرة جنائية بحسب الحاجة كما يدخل في اختصاصها الأحكام الصادرة في مواد الجنح من محكمة أول درجة للجنايات مثل أحكام جنح الصحافة وغيرها .

  1. محكمة التمييز :

وبموجب المادة 4  من القانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء :

(تؤلف محكمة التمييز  من رئيس و نائب للرئيس وعدد كاف من الوكلاء والمستشارين ويرأس كل دائرة رئيس المحكمة أو نائبه أو أقدم وكلاء المحكمة أو أقدم المستشارين بها وتصدر الأحكام من خمسة مستشارين ) .

للنظر  في أحكام الجنايات الصادرة من دوائر استئناف الجنايات ، وإلى جانب هذه الدوائر الجزائية هناك دوائر أو محاكم جزائية خاصة مثل دوائر قضايا المرور ومحكمة الأحداث ومحكمة الوزراء التي أنشئت بقوانين خاصة مقررة لهذه الأنواع من الجرائم .

 

الاختصاص القضائي

يقصد بالاختصاص القضائي في الفصل بالدعوى منح القانون للمحكمة سلطة الفصل فيما يطرح أمامها من قضايا وعادة ما تحدد قوانين إنشاء المحاكم سلطة اختصاصها بتحديد شخصي أو نوعي أو مكان وقوع الجريمة التي تختص بنظرها وعليه قد يطرح موضوع التنازع في الاختصاص بين محكمتين أو دائرتين في محكمة واحدة مختلفتين في الاختصاص من حيث الموضوع كإثارة موضوع الاختصاص في المحكمة الجزائية والأحوال الشخصية أو المحكمة المدنية أو التجارية وهذا النوع من الاختصاص يسمى بالاختصاص الولائي للدائرة أو المحكمة ويبين اختصاص الدوائر الجزائية فيما بينها في نظر الدعوى وهو الاختصاص القضائي وتحدد القوانين عادة الاختصاص القضائي للمحاكم ودوائرها بثلاثة عناصر هي الشخصي والنوعي والمكاني .

 

المحاكم الجزائية الخاصة وفقاً للمعيار الشخصي في القانون الكويتي  

  1. محكمة الأحداث : أقر المشرع الكويتي لتصرفات الحدث الجزائية عامة قانوناً خاصاً يحدد كيفية التعامل معه وهو القانون رقم 111 لسنة 2015 ويسمى بقانون الأحداث نص فيه على معاملة الحدث المنحرف بإجراءات وأحكام خاصة وهي أن يحقق معه في الوقائع المنسوبة إليه وكيل نيابة مختص تابع لنيابة الأحداث وأن تشكل لمحاكمة الأحداث وفقاً لنص المادة 25 من ذلك القانون محكمة خاصة تنظر في الوقائع المسندة للحدث وهي تشكل من قاض واحد ،، كما نص القانون على تدابير وعقوبات خاصة لهذا النوع من أفراد المجتمع على أن تختص هذه المحكمة بنظر جميع دعاوي الأحداث الجنح والجنايات على وجه سواء ويجوز للحدث الذي يصدر عليه حكم من هذه المحكمة أن يطعن في الاستئناف أمام محاكم البالغين بحسب نوع الجريمة فإن كان الحكم في جنحة جاز له أن يطعن أمام محكمة الجنح المستأنفة في المحكمة الكلية وإن كان في جناية فأمام محكمة الاستئناف العليا حيث خلا قانون الأحداث المشار إليه من النص على تشكيل محكمة خاصة للأحداث على مستوى الاستئناف ،،، وتتغير قواعد الاختصاص بمحاكمة الحدث إذا ما ارتبطت جريمته بجريمة متهم بالغ وذلك بحسب نوع الجريمة وسن الحدث على النحو التالي :
    • إذا ساهم الحدث بارتكاب جناية وكان معه بالغون أحيل الجميع إلى المحكمة المختصة أصلاً في جرائم البالغين على أن تطبق على الحدث أحكام قانون الأحداث بشرط أن يكون الحدث قد أكمل سن 15 سنة .
    • إذا ساهم مع الحدث البالغون في ارتكاب جنحة لم تكن مرتبطة بجناية يفصل بينهم فيقدم الحدث لمحكمة الأحداث ويقدم البالغون لمحكمة الجنح .
    • في حالة عدم بلوغ الحدث لسن 15 سنة يقدم لمحكمة الأحداث أياً كانت مساهمته مع البالغين في جنحة أو جناية.
  1. محكمة الوزراء : نظراً لما تمتاز به جرائم الوزراء من التعلق بأسرار الدولة وما تحتاج له من سرية وسرعة في البت بها فقد أقر المشرع بناء على ما جاء في المادة (132) من الدستور الكويتي بأن يحدد قانون خاص الجرائم التي تقع من الوزراء في أثناء أعمال وظائفهم يبين فيه إجراء اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة وعليه أصدر المشرع في القانون رقم 88 لسنة 1995في شأن محاكمة الوزراء وقد حددت المادة 2 من ذلك القانون اختصاصات هذه المحكمة بالجرائم التي تقع من الوزير أثناء تأديته أعمال وظيفته حتى ولو ترك الوزير وظيفته بعد ارتكاب الجريمة لأي سبب سواء كان الترك بصورة نهائية أو انتقل إلى وزارة أخرى وسواء كان في أثناء ارتكاب الجريمة وزيراً أصلياً في وزارته أو كان وزيراً بالنيابة .

وقد حددت المادة 2 السالفة الذكر الجرائم التي يمكن أن يقدم بها الوزير إلى محكمة الوزراء وهي :

  • أ‌- جرائم أمن الدولة الخارجي والداخلي والجرائم المتعلقة بواجبات الوظيفة العامة المنصوص عليها في القانون رقم 31 / 1970 .
  • ب‌- جرائم الموظفين والمكلفين خدمة عامة المنصوص عليها في قانون الجزاء .
  • ت‌- جرائم قانون الانتخابات .
  • ث‌- الجرائم المتعلقة بسير العدالة أو التأثير عليها وفقاً لقانون الجزاء .
  • ج‌- الجرائم المنصوص عليها في قانون حماية الأموال العامة رقم 1/1993 .
  • ح‌- جميع الجرائم التي لا تدخل في الجرائم السابقة متى كانت مرتبطة معها ارتباطاً لا يقبل التجزئة .

*** وقد أعطى قانون محاكمة الوزراء قوة خاصة للأحكام التي تصدرها تلك المحكمة فجعل أحكامها نهائية لا تستأنف نظراً لقوة الهيئة المشكلة للحكم فيها وهي مكونة من خمسة مستشارين من مستشاري محكمة الاستئناف أي أنها بمستوى هيئة تمييز هذا بالإضافة إلى ضمانة سلطة التحقيق مع الوزير السابقة على المحاكمة والمشكلة بموجب القانون رقم 88 لسنة 1995 من لجنة مكونة من ثلاثة مستشارين من مستشاري محكمة الاستئناف من الكويتيين تختارهم الجمعية العامة للمحكمة لمدة سنتين .

بالإضافة إلى اشتراط المشرع في هذا القانون أن يقدم البلاغ ضد الوزير إلى النائب العام ذاته الذي له أن يحيل البلاغ إلى لجنة التحقيق المشار إليها خلال يومين من تقديمه له ،، لتتولى بصورة سرية فحصه فإذا تبين لها جديته أمرت بالسير في إجراءات التحقيق في الشكوى وعليها القيام بعد ذلك بإعداد قرار الاتهام وقائمة أدلة الثبوت وإحالة القضية إلى محكمة الوزراء وتنص المادة 5 من قانون محكمة الوزراء على أن الوزير في إجازة حتمية بمرتب كامل من تاريخ إبلاغه بقرار محكمة الوزراء بالموافقة على طلب لجنة التحقيق وإذا ما صدرت محكمة الوزراء الحكم على الوزير فليس أمامه سوى التقدم بالطعن في الحكم أمام محكمة التمييز بصفتها محكمة قانون ….    (( مــــــــــــهــــــــــــم )).

 

الاختصاص النوعي لبعض المحاكم

  1. محكمة أمن الدولة : المشرع ألغى محاكم أمن الدولة في القانون رقم 55 لسنة 1995 ونص في هذا القانون على أن تحال جميع القضايا المحالة إلى محكمة أمن الدولة أو المنظورة أمامها إلى محكمة الجنايات .
  2. محكمة المرور : أنشئت هذه المحكمة بالقانون رقم 22 لسنة 1960 فقد نصت المادة الأولى منه على أن تنشأ محكمة تتبع الدائرة الجزائية بالمحكمة الكلية وتختص بالنظر في جنح ومخالفات المرور المنصوص عليها في القانون رقم 67 لسنة 1976 وتعديلاته ولائحته التنفيذية.
  3. أما ما يسميه البعض بمحكمة جنح التجارة فهي لا تعدو كونها دائرة من دوائر المحكمة الجزائية أو الكلية .

 

إجراءات قبول الدعوى

  1. قبول رفع الدعوى : تحال الدعوى من سلطة الاتهام إلى المحكمة بتقرير اتهام مرفق مع ملف الدعوى تعده النيابة العامة في الجنايات أو صحيفة اتهام يعدها الادعاء العام في وزارة الداخلية في جرائم الجنح وقد نصت المادة 130 من قانون الإجراءات على البيانات الواجب ذكرها في هذه الصحيفة وهي :
    • بيانات تعيين المدعي بتحديد اسمه وصفته والجهة التي يعمل بها مختومة بختم تلك الجهة ومذيلة بتوقيعه ومثبتاً بها تاريخ ذلك التحرير .
    • بيانات تعيين المتهم بذكر اسمه وسنه ومحل إقامته تحديداً نافياً للجهالة .
    • بيانات الجريمة موضوع الدعوى بذكر الأفعال المنسوب صدورها إلى المتهم من حيث طبيعتها وزمانها ومكانها وظروفها وكيفية ارتكابها ونتائجها وغير ذلك مما يكون ضرورياً لتعيين الجريمة .
    • تحديد الوصف القانوني للجريمة وتحديد المواد القانونية التي تنطبق عليها والاسم القانوني الذي ينطبق عليها إن وجد مع ذكر ما ارتبط بها من ظروف مشددة أو وقائع أخرى مكونة لجرائم مصاحبة لارتكابها .
    • بيانات أدلة وقوعها ونسبتها إلى المتهم وأسماء الشهود والقرائن المادية والأشياء المضبوطة مع الإشارة إلى الإجراءات التي قام بها رجال الشرطة والتحقيق في شأن الدعوى وما انتهت إليه إلى حين إحالة الدعوى للمحكمة ولا يعد إحالة الدعوى من قبل سلطة التحقيق أو سلطة الاتهام إلى المحكمة رفعاً للدعوى وإنما هو إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام يحتاج إلى تدخل من رئيس المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بذلك التقرير أو صحيفة الاتهام ويكون أول إجراء تقوم به المحكمة هو عرض صحيفة الاتهام على رئيس المحكمة الذي يقوم بدوره بتحديد جلسة لنظر الدعوى والأمر بإعلان المتهم وسائر الخصوم ومن يرى لزوم استدعائه من شهود الإثبات أو النفي ولا يعتبر مجرد العرض على رئيس المحكمة أو قبوله نظر الدعوى أو توقيعه بالقبول رفعاً للدعوى وإنما الرفع يتحقق عند قيام رئيس المحكمة بوضع تاريخ يحدد فيه جلسة لنظر المحكمة للدعوى فهذا التحديد هو الإجراء المعتبر في رفع الدعوى وبذلك التحديد فقط تعتبر الدعوى قد رفعت ويمكن القول عندها إن هناك دعوى مرفوعة على المتهم .
  1. الإعلان في التكليف بالحضور : للمحكمة أن تعلن أي شخص ترى ضرورة حضوره أمامها لسماع أقواله ويكون ذلك بإعلانه بأمر الحضور المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية ويلزم القانون في المادة 16 المحكمة أن يكون الأمر بالحضور محرراً من نسختين موقعاً عليه من رئيس المحكمة ويتم تسليمه للمعلن بوساطة أحد موظفي المحكمة أو رجال الشرطة أو أي موظف حكومي آخر يمنحه وزير العدل هذا الحق .

وقد حدد المشرع في المواد 17 و 18 و 19 من قانون الإجراءات كيفية إتمام الإعلان بالإجراءات الآتية :

  • على القائم بالإعلان أن يعلن المكلف الحضور شخصياً إذا أمكن بأن يسلمه صورة الإعلان ويوقعه على ظهر الصورة الثانية .
  • إذا لم يوجد المكلف الحضور في محل إقامته على القائم بالإعلان أن يسلم صورة الإعلان إلى أحد أقاربه الذكور البالغين القائمين معه في المنزل بعد أن يوقع المستلم منه الإعلان على ظهر النسخة الأخرى .
  • إذا لم يتمكن القائم بالإعلان من تسليم صورة الإعلان لشخص المكلف الحضور أو لأحد أقاربه الذكور المقيمين معه في محل إقامته لعدم وجود أحد منهم أو لرفضهم استلام الصورة سلم الإعلان في اليوم ذاته لمسئول مسئول الإعلان بمخفر الشرطة الذي يقع المسكن في دائرته أو من يقوم مقامه وعلى القائم بالإعلان أن يرسل إلى موطن المكلف الحضور خلال 24 ساعة كتاباً مسجلاً بالبريد يخطره فيه بأن صورة الإعلان قد سلمت لمخفر الشرطة وعليه أن يبين في حينه في أصل الإعلان وصورته جميع الخطوات التي اتخذها لإجراء الإعلان .
  • إذا لم يكن موطن المكلف الحضور معلوماً سلمت صورة الإعلان للنيابة العامة أو الإدعاء العام بحسب نوع الجريمة .
  • يترتب على مخالفة أحكام الإعلان على النحو السابق بطلان الإعلان لمخالفته أحكام النظام العام بل لا يجوز للمحكمة أن تباشر باقي إجراءات التحقيق أو الفصل في الدعوى إلا بعد التحقق من حصول الإعلان بإحدى الصور المذكورة والتأكد من صحته .

 

إجراءات التحقيق النهائي

  1. علنية التحقيق النهائي : التحقيق الذي تجريه المحكمة يتم في أثناء جلساتها في قاعة المحكمة ويجب أن تكون جلسات المحكمة في الأصل وفقاً للمادة 165 من الدستور علنية واستثناء يجوز لها عند الضرورة أن تعقد بصورة سرية مراعاة للنظام العام والآداب العامة وتطبيقاً لهذا المبدأ الدستوري جاء نص المادة13 من قانون تنظيم القضاء والمادة 136 من قانون الإجراءات مؤكداً العلانية كأصل في جلسات المحاكمة لا يجوز التخلي عنه إلا لدواع ضرورية تساعد على إظهار الحقيقة أو المحافظة على النظام العام أو الآداب العامة .
  • الاستثناء من قاعدة العلنية : قد ينشأ من تطبيق مبدأ العلانية في التحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة في أثناء جلسات نظر الدعوى ضرر بالعدالة أو الخصوم أو النظام العام أو الآداب العامة مما يدع وإلى تطبيق السرية بالنسبة للعامة مع بقائها علنية بالنسبة للخصوم والتابعين لهم .
    • أ‌- حالات السرية الوجوبية : قد ينص القانون على حالات تلزم المحكمة بأن تعقد جلساتها في سرية بحيث يترتب على مخالفة المحكمة لهذا النص بطلان الحكم من ذلك نص المادة 40 من القانون رقم 111 لسنة 2015 في شأن الأحداث التي جاء بها النص على أن ” تجري محاكمة الحدث في غير علانية ولا يجوز أن يحضرها سوى الحدث وأقاربه والشهود والمحامون ومراقبو السلوك ومن تجيز له المحكمة الحضور بإذن خاص ” .

بل إن الفقرة الثانية من هذه المادة أجازت لمحكمة الأحداث أن تعفي الحدث من حضور جلسات المحاكمة بنفسه والاكتفاء بحضور وليه أو وصيه نيابة عنه للغرض نفسه الذي أوجب محاكمته بصورة سرية وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لقانون الأحداث عن الهدف من ذلك بأنه ” في كثير من الأحيان تمس دراسة حالة الحدث ومحاكمته جوانب شخصية وفي أسرته مما يقتضي السرية فيها “.

  • ب‌- حالات السرية الجوازية : أعطى المشرع الجزائي في عجز المادة 136 من قانون الإجراءات المحكمة جواز أن تنظر الدعوى في جلسة سرية في حالات معينة هي :
    • ضرورة إظهار الحقيقة : وتتحقق هذه الحالة فيما إذا رأت المحكمة أو قدم لها طلب من أحد الخصوم أو الشهود أو الدفاع بأن عقد الجلسة بصورة علنية يمنع ذلك الخصم أو الشاهد من الإدلاء بأقواله بصورة صريحة تخدم المحكمة في الوصول إلى الحقيقة كخشيته من سطوة الغير عليه أو تجنب إظهار تورط جهات يخشى افتضاح أمرها أو سطوتها عليه أو على آخرين ففي مثل هذه الحالة يجوز لرئيس المحكمة أن يأمر بعقد الجلسة بصورة سرية وصولاً لإظهار الحقيقة .
    • مراعاة النظام العام : قد تكون المحاكمة أحياناً متعلقة بقضايا تخص أمن الدولة وأسرارها أو الأسرار الدبلوماسية أو العلاقات مع الدول الأجنبية أو أسرار الدفاع الوطني مما يخشى معه إفشاء بعض الأسرار المضرة أو المؤثرة في هذه الجوانب فتأمر المحكمة بعقد الجلسات سرية وهو ما أشارت إليه صراحة نصوص قانون محاكمة الوزراء التي أعطت للمحكمة الحق في عقد جلسات محاكمة الوزير وشركائه بصورة سرية متى رأت المصلحة في ذلك .
    • مراعاة الآداب العامة : إذا تعلقت الجلسات بمناقشة دعاوي متعلقة بقضايا أخلاقية فقد ترى المحكمة أن من المصلحة أن تجري المحاكمة بعيداً عن فضول الناس ومحافظة على شرف أو سمعة الأسر والعائلات المجني على أحد من أفرادها في هذه الجرائم فتقرر عقد جلساتها بصورة سرية .
  1. شفهية التحقيق النهائي : التحقيق الذي تجريه المحكمة في أثناء نظرها الدعوى يسمى ” التحقيق النهائي ” وعن طريق التحقيق النهائي الذي هو الأصل في الوصول إلى القناعة فيما أثارته سلطة التحقيق والاتهام في التحقيق الأولي ومما يعرض أمامها من جلسات فللمحكمة مطلق التقدير في الوصول إلى القناعة ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه أو إدانته ،، وقد نصت المادة 171 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على هذا الحق بقولها ( …. تسمع المحكمة مرافعة المدعي بالحق المدني ثم مرافعة المتهم أو وكيله ومرافعة المسئول عن الحقوق المدنية وللمدعي والمدعي بالحق المدني أن يعقبا على أقوال المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية على أن يسمح للمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالرد ويكون المتهم دائماً هو آخر من يتكلم ).

 

  • القواعد المترتبة على شفهية التحقيق النهائي :
  • أ‌- لا يجوز للمحكمة أن تعتمد في حكمها على محاضر الضبطية القضائية ولا على محاضر التحقيق الابتدائي إلا في الحدود التي أوضحها القانون بل من واجبها أن تقوم بالتحقيق فيها وتمحيصها .
  • ب‌- من حق كل خصم أو شاهد أو خبير أن يتمتع بحرية تامة في قول ما يريده أمام القضاء دون أدنى مساءلة ما دام قوله منصباً على الواقعة محل التحقيق النهائي أمام المحكمة .
  • ت‌- على المحكمة أن تطرح أمام الخصوم جميع الأدلة بما فيها تقارير الخبراء والشهادات الواردة في ملف الدعوى مع إعطاء كل خصم سواء في الدعوى الجزائية أو الدعوى المدنية المنضمة إليها حق مناقشتها ولو اعتمدت على دليل دون طرحه للمناقشة اعتبر حكمها باطلاً .
  • ث‌- على الرغم من أن القاعدة تؤكد أن محكمة الاستئناف هي محكمة أوراق وأنها غير ملزمة بإعادة سماع شهادة الشهود الذين سمعت شهاداتهم أمام محكمة أول درجة فإنه يجب عليها أن تلبي طلبات الخصوم في سماع شهادة الشهود الذين لم يسبق أن سمعت شهاداتهم وبخاصة في الأحكام التي صدرت غيابياً من محكمة أول درجة ولم يتم مناقشتها شفهياً من قبل المتهم وذلك تحقيقاً لمبدأ الشفهية الواجب تطبيقها كضمانة قانونية للخصوم في الدعوى .
  • ج‌- يجب على القاضي الذي يشترك في إجراء المداولة في إصدار الحكم أن يكون قد حضر جلسات المرافعة وسمع دفاع المتهم ودفوعه فيما أثير حوله وإلا اعتبر الحكم باطلاً مما يدل على أن الشفهية هي الأصل في وصول القاضي إلى القناعة لا الاعتماد على المذكرات المقدمة والملحقة في ملف القضية .

 

  1. تدوين التحقيق النهائي : المقصود بتدوين التحقيق النهائي وجوب كتابة محاضر جلسات المحاكمة وقد أشارت إلى هذا الوجوب المادة 137 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية بقولها ” يجب أن يحضر جلسات المحكمة كاتب يتولى تحرير محضر الجلسة تحت إشراف رئيس الجلسة ويبين في المحضر جميع الإجراءات التي تتم في الجلسة والشهادات التي تسمع بها وأقوال الخصوم وطلباتهم وملخص مرافعاتهم ويوقع رئيس المحكمة والكاتب على المحضر ” ومحاضر جلسات المحكمة هي الدليل على إتباع المحكمة لإجراءات المحاكمة وهي الوثيقة بعد توقيع الكاتب والرئيس عليها فالتدوين هو الذي يعطي هذه الإجراءات الحجية على إتباع المحكمة لها فلا يجوز لأي شخص إثبات عكس ما جاء بها إلا بواسطة الطعن بالتزوير ،،، ويقصد المشرع الإجرائي من النص على وجوب التدوين أن يثبت في محضر كل جلسة أسماء هيئة المحكمة وتاريخ الجلسة وما قامت به المحكمة من إجراءات وما قدمه الخصوم من طلبات ولا يؤدي مجرد إغفال المحضر لبعض هذه الإجراءات إلى بطلان المحضر وإنما يذهب إلى أن الأصول قد روعيت وعلى من يدعي عدم قيام المحكمة بها أن يثبت ذلك بجميع الطرق القانونية كما أن الأخطاء غير المقصودة لا تؤدي بالضرورة إلى بطلان هذه المحاضر كالخطأ الوارد في اسم أحد أعضاء هيئة المحكمة ما دام الواقع يفيد صحة إجراءات المحكمة وكذا لو وقع الخطأ في اسم وكيل النيابة الذي حضر الجلسة أو المحامي أو المتهم فالعبرة بالواقع وبصحة صفة من حضر فعلاً الجلسة واختصاصه ،،، وكذا لو وقع سهو من رئيس الجلسة بعدم التوقيع على محضر الجلسة فيكفي أن يوقع على محضر الجلسة الأخيرة وخاصة إذا كان المتهم لم يدع أن شيئاً مما دون في المحضر جاء مخالفاً للحقيقة وتعتبر محاضر الجلسات مكملة لما يأتي بعد ذلك أو يغفل عن ذكره في الحكم من بيانات ما لم يؤد اختلاف البيانات فيها إلى تعارض يؤدي إلى عدم معرفة الحقيقة كأن يتعذر معرفة الهيئة التي أصدرت الحكم .

 

حدود الدعوى الجزائية أمام المحكمة

  1. قاعدة عينية الدعوى : يراد بمصطلح عينية الدعوى وجوب تقيد المحكمة بالنظر في عين موضوع الوقائع التي تضمنها قرار الاتهام المحال إليها من سلطة الاتهام دون أن تضيف واقعة أو وقائع أخرى لم ترد في ذلك القرار، وعلة ذلك هو أن المحكمة عليها الاتصال فقط بما تطلبه منها سلطة الادعاء المختصة برفع الدعوى ما عدا ما يدخل في حالات التصدي التي أجاز المشرع للمحكمة استثناء نظرها مباشرة على النحو الذي بيناه سلفاً عند كلامنا عن موضوع امتداد اختصاص المحاكم فقد نصت المادة 129 من قانون الإجراءات على أنه ” تفصل المحاكم في الدعوى التي ترفع من النيابة العامة أو المحقق ولا يجوز للمحاكم أن تنظر دعوى لم ترفع إليها بالطريق المشار إليه إلا في الأحوال الاستثنائية التي نص عليها القانون ” فليس للمحكمة في غير هذه الأحوال أن تخرج عن اختصاصها وتتدخل في اختصاص سلطة الإدعاء أو سلطة التحقيق الابتدائي وخاصة أن المشرع قد نص في المادة 36 إجراءات على وجوب قيام المحقق بالتحقيق في جميع جرائم الجنايات اهتماماً منه في ضرورة قيام المحقق بفحص أدلة الإثبات وإعدادها للمحكمة بشكل جيد يساعد على سهولة وصولها للحقيقة بل يعطي الفرصة لجهة التحقيق أن تحفظ الدعوى في الحالات التي أجاز لها القانون القيام بذلك الإجراء كحق من حقوقها يمتنع على المحكمة أن تصادره أو تعمل على ما يخالفه احتراماً لحجية ذلك القرار ،،، ويمثل التزام المحكمة بعينية الدعوى مبدأ أو قاعدة قانونية يجب على المحكمة التقيد بها وإلا ترتب على الخروج عنها بطلان الحكم الصادر من المحكمة في أي واقعة غير مدرجة بقرار الاتهام المحال إليها من سلطة الإدعاء متى كانت الواقعة غير داخلة في الحالات التي أجاز فيها المشرع للمحكمة استثناء جواز التصدي بناء على قواعد امتداد الاختصاص كأن تحكم على شخص بالإدانة في واقعة سرقة أخرى غير الواقعة المبينة في قرار الاتهام أو أن تدينه في واقعة مخالفة لها في الموضوع كأن تدينه في واقعة ضرب بدلاً من السرقة .

 

  1. قاعدة شخصية الدعوى : ويراد بقاعدة شخصية الدعوى ضرورة التزام المحكمة عند نظرها الدعوى المحالة إليها من سلطة الاتهام التقيد بمحاكمة الأشخاص الوارد ذكرهم في قرار الاتهام المحال إليها من سلطة التحقيق فا يجوز لها أن تصدر حكماً على شخص لم يرد اسمه ضمن المتهمين المدرجين في قرار الاتهام ولو اتضح لها حين فحصها للدعوى علاقته بالواقعة أو بالمتهمين الواردة أسماؤهم في قرار الاتهام بناءً على مبدأ توزيع المشرع في قانون الإجراءات قواعد الاختصاص في التعامل مع الوقائع الجزائية ومرورها في مراحل قانونية تعطي كل مرحلة أصحاب الاختصاص فيها الحق في التصرف وفقاً للقانون فمن الجائز أن ترى سلطة التحقيق أنه ليس من المصلحة تحريك الدعوى أو رفعها على شخص ولو كانت الأوراق تفيد بأنه قد تم التحقيق معه أو استمعت إليه كمشتبه به ثم رأت عدم تورطه أو أنه من غير المصلحة توجيه الاتهام إليه أو أن المصلحة تقتضي حفظ الدعوى بالنسبة إليه فعلى المحكمة أن تحترم ذلك القرار بناءً على قاعدة توزيع الاختصاص المشار إليها فإن خرجت المحكمة على هذا المبدأ كان حكمها معيباً فمن شروط رفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة ما جاء في المادة 130 إجراءات من أنه يجب على جهة التحقيق والاتهام إذا ما رأت أن تحيل الدعوى للمحكمة أن تعين في صحيفة الاتهام المتهم ببيان اسمه وسنه ومحل إقامته وغير ذلك من البيانات التي تكون ضرورية لتعيين شخصيته ،، وعليه فإذا ثبت أن المتهم الذي صدر عليه الحكم هو غير المتهم الذي ورد اسمه في أوراق التحقيق المحالة من سلطة الاتهام إلى المحكمة فإن الحكم يكون باطلاً ويوقف تنفيذه ويتعين على المحكمة أن تعيد محاكمة المتهم المدرج اسمه في صحيفة الاتهام ،،، كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها على المسئول عن الحق المدني بوصفه شريكاً في الجريمة أو تقضي على الشاهد بأنه متهم بالتهمة نفسها ما دامت سلطة الاتهام لم توجه إليهما الاتهام .

 

الاستثناءات الواردة على حدود الدعوى أمام المحكمة

الأصل أنه ليس للمحكمة أن تعاقب المتهم عن وقائع أخرى غير التي وردت في قرار الاتهام وليس للمحكمة أن تغير في واقعة الدعوى نفسها بإضافة وقائع جديدة إليها لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو صحيفة الاتهام إلا أن المشرع في قانون الإجراءات قد نص على بعض الاستثناءات من هذا الأصل .

 

إعطاء سلطة الاتهام حق إدخال تعديلات على الواقعة

أعطى القانون استثناء لسلطة الاتهام في أثناء نظر المحكمة للدعوى الحق – وفقاً للمادة 133 من قانون الإجراءات في أن تطلب من المحكمة أن تأذن لها بإدخال تعديل على صحيفة الاتهام في أي وقت بشرط أن يكون ذلك في مواجهة المتهم أو بإعلانه إن كان غائباً وبشرط أن يعطي المتهم فرصة كافية لإعداد دفاعه بشأن هذا التعديل – وعليه يجوز لسلطة الاتهام بصفتها صاحبة الاختصاص في توجيه التهمة أن تستأذن المحكمة بإدخال وقائع جديدة غير أن هذا الطلب لا يصح إلا بتحقيق عدة شروط هي :

  • أن تأذن المحكمة لجهة الاتهام فهو أمر متروك لتقدير المحكمة متى رأت المصلحة في ذلك .
  • أن يكون بمواجهة المتهم أو إعلانه إذا كان غائباً ليعد دفاعه وفقاً لهذا التعديل .
  • يجب أن يعطي المتهم فرصة كافية لإعداد دفاعه بشأن هذا التعديل وذلك بأن تؤجل المحكمة من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب الأطراف الآخرين في الدعوى .
  • أن تكون الدعوى أمام محكمة أول درجة لكي لا يحرم المتهم من الترافع أمام إحدى درجتي التقاضي .
  • ألا يتضمن التعديل إدخال واقعة جديدة خارجة عن الواقعة محل الاتهام الأصلية .

 

هذا النوع من التعديل يطلق عليه التعديل بالزيادة وهو زيادة إدخال وقائع أو شروط أو ظروف جديدة أجاز المشرع لسلطة الاتهام أن تدخلها على صحيفة الاتهام بشرط أن تكون متعلقة بالواقعة محل المحاكمة ذاتها ، وذلك بإدخال شئ عليها دون تغييرها كأن تدخل شرطاً أو عنصراً أو ظرفاً ولو أدى ذلك إلى إدخال أي تغيير على وصف الجريمة دون أن يؤدي هذا الإدخال إلى تغيير الواقعة ذاتها أي أن هذا التعديل يجب أن يستبقي جميع عناصر الجريمة المسندة إلى المتهم في صحيفة الدعوى وظروفها وأن يكون التعديل قد تناول زيادة وقائع أو ظروف أو عناصر أخرى على الواقعة الأصلية دون تغييرها ، ومثلما أجاز المشرع لسلطة الاتهام بصفتها طرفاً في الدعوى الجزائية تمثل المجتمع في تحقيق العدالة أجاز لها أيضاً أن تدخل وقائع جديدة تفيد المتهم بصفتها طرفاً محايداً في الدعوى الجزائية يمثل المجتمع في تحقيق العدالة وبصفتها خصماً شريفاً في الدعوى وذلك بأن تتدخل وتطلب من المحكمة في أي وقت تعديل التهمة بالإنقاص أو التخفيف الذي يفيد المتهم بل لها طلب البراءة للمتهم متى رأت ما يدع وإلى هذه البراءة كأن تصل إلى عدم صحة عناصر الجريمة أو انتفاؤها ، أو ثبوت مانع من موانع العقاب أو موانع المسئولية وبما أن الطلب يؤدي إلى تخفيف التهمة أو نفي المسئولية عن المتهم جاز أن تتقدم به في أي وقت وأي حال كانت عليه الدعوى وفي أي درجة من التقاضي بل لا يشترط عليها القانون ضرورة أن يكون هذا الطلب في مواجهة المتهم أو إعلانه وبالأولى لو كان الطلب بالبراءة .

 

إعطاء المحكمة الحق في تغيير الوصف القانوني للواقعة

أعطى المشرع للمحكمة – بموجب الفقرة الأولى من المادة 134 من قانون الإجراءات – الحق في أن تعدل الوصف القانوني للواقعة متى تبين لها من التحقيق ما يستدعي ذلك التعديل ، ومعنى ذلك أن المحكمة لها أن ترد وصف التهمة إلى أصلها القانوني والواقعي خلافاً لما سبق وإن وصفته به سلطة الاتهام وهو قرار لا يتضمن إدخال أي ظرف أو وقائع أخرى على الوصف الجديد لم يكن موجوداً في الوصف القديم وإنما هو تصحيح لتسمية ما هو قديم في الدعوى .

وحق المحكمة في التدخل بتصحيح الوصف القانوني للدعوى المنظورة أمامها حق ضروري بل هو واجب على المحكمة في سعيها لتطبيق النص القانوني الواجب التطبيق على الواقعة الذي يجب أن تحكم بموجبه وإلا اعتبر حكمها معيباً فالمحكمة غير ملزمة في التقيد برأي سلطة الاتهام .

وعملية تطبيق النص القانوني على الواقعة من قبل المحكمة يعد من صميم اختصاص المحكمة وتمام سلطاتها ولتطبيق ذلك الاختصاص لا بد لها من إعطاء الجريمة أولاً وصفها القانوني السليم ومن ثمة تطبيق النص القانوني الذي حدده المشرع لمرتكبها وذلك دون أدنى تغيير في الوقائع التي ذكرت في قرار الاتهام المحال إليها من سلطة الاتهام أو الواردة في أوراق التحقيق وقد نص المشرع على هذا الحق صراحة في المادة 132 إجراءات بقوله ” لا تتقيد المحكمة بالوصف الوارد في صحيفة الاتهام بل يجب أن تعطي الفعل الذي أثبته التحقيق الوصف الذي يستحقه في نظر القانون ولو كان مخالفاً للوصف الوارد في قرار الاتهام وإذا تعددت أوصاف الواقعة فإنها تطبق عليه عقوبة وصف واحد وهو الوصف الأشد .

 

تعديل المحكمة للتهمة 

أعطى المشرع في المادة 134 للمحكمة حق تعديل التهمة في الواقعة المنظورة أمامها وذلك بإدخال بعض الوقائع إليها أو تغيير بعض عناصرها بناء على ما ثبت لديها من التحقيق الذي أجرته أو المرافعة التي جرت أمامها متى كانت هذه الوقائع أو العناصر جديدة لم ترد في أوراقها الإحالة أو ورقة التكليف بالحضور .

وعليه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تغير من وصف التهمة فقد قضت محكمة التمييز ” بأنه من المقرر أن محكمة ثاني درجة أن تتصل بالدعوى من واقع تقرير الاستئناف فهي تتقيد بما جاء به وبالوقائع التي طرحت على محكمة أول درجة ويمنع عليها منعاً باتاً أن تعدل التهمة المسندة إلى المتهم وتقويمها على أساس من الوقائع غير التي رفعت بها الدعوى عليه ، ولم يسبق عرضها على محكمة أول درجة لأن في ذلك حرماناً للمتهم من درجة من درجات التقاضي حتى ولو كان للواقعة أساس في التحقيقات وهذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته ويعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام ”

(( طعن التمييز رقم 25-1977 بتاريخ 27/2/1978، مجموعة القواعد القانونية )).

 

إصلاح الأخطاء المادية وتحديد عناصر التهمة

يعد من كامل ملاك المحكمة – دون أن يعد خروجاً منها على قاعدة تقيد المحكمة بالواقعة المرفوعة عنها الدعوى – تدخل المحكمة بإصلاح كل خطأ مادي أو تدارك كل سهو في عبارة الاتهام ورد في قرار الإحالة أو صحيفة الاتهام كالخطأ في اسم الجاني أو المجني عليه ، أو مكان أو زمان وقوع الجريمة أو الخطأ في كتابة رقم المادة المطلوب من المحكمة تطبيقها وفقاً للوصف الوارد للواقعة أو الأمر بإزالة مادة زائدة لا محل لها أو الخطأ في وصف الضرر الناتج عن الجريمة فالمحكمة يجوز لها أن تجري هذا الإصلاح ولو بعد إجراء المرافعة بشأنها .

وتعديل الخطأ من قبل المحكمة أو تحديد عناصر التهمة لا يعد إدخالاً لوقائع أو عناصر جديدة وإنما هو كشف أو تصحيح لما ورد في صحيفة الاتهام من وقائع سواء تنبهت لها المحكمة من تلقاء نفسها أو تقدم بطلبه أحد الخصوم كما لا يلزم قانوناً أن يثار أمام محكمة أول درجة ، وإنما من الجائز أن تجريه محكمة الاستئناف وما على المحكمة إلا أن تنبه المتهم بالتعديل بإعداد دفاعه .

 

إدخال المحكمة أشخاصاً في الدعوى

القاعدة أن المحكمة يجب عليها التقيد بمحاكمة الأشخاص الذين وردت أسماؤهم بصحيفة الدعوى فلا يجوز لها أن تحاكم أحداً لم يحال إليها في صحيفة الاتهام ، ووفقاً للمادة 134 إجراءات التي جاءت صياغتها عامة فإنه يجيز للمحكمة متى تبين لها من التحقيق تورط متهم أو متهمين آخرين في الدعوى المعروضة أمامها إدخالهم بعد تنبيه الخصوم إلى ذلك وأمر المدعي بالقيام بما يستدعيه ذلك الإدخال من إجراءات وأن تجري جميع إجراءات التحقيق التي يستدعيها هذا التعديل وأن كان التعديل بالحكم ببراءة المتهم الذي ورد اسمه في قرار الاتهام وإدخال متهم آخر بدلاً منه ، وإذا كانت المادة السابقة لم يبين فيها المشرع الحالة التي تكون عليها الدعوى عند أخذ قرار إدخال متهم أو متهمين جدد فإن القواعد العامة في تنظيم درجات التقاضي توجب أن يكون ذلك الإدخال أمام محكمة أول درجة كي لا يحرم المتهم الذي تم إدخاله في الدعوى من حقه في التقاضي أمام درجتين من درجات التقاضي هما محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف وإلا اعتبر حكم محكمة الاستئناف إذا قامت بهذا الإدخال باطلاً لتعلق هذا الحق بالنظام العام .

والواضح أن موقف القانون الكويتي من جواز إدخال المحكمة لمتهم أو متهمين جدد في الدعوى مبني على أن القضاء الجزائي قضاء محايد لا يعنيه سوى تحقيق العدالة فلا يخشى منه في حالة إدخال متهمين جدد الحيف عليهم متى أثبت التحقيق تورطهم في الدعوى المنظورة أمامه ، إلا أن المحذور منه هو أن التقاضي مهما كان تخصصه لا يخرج عن كونه بشراً فمن الجائز أن يتأثر بالرأي الذي توصل له ابتداء قبل التحقيق ومن طبيعة الإنسان ألا يخطئ نفسه وبما أن القاضي أو القضاة الذين توصلوا لإدخال متهم أو متهمين جدد قد أبدوا الرأي في الاتهام قبل إكمال التحقيق فمن الواجب أن يبتعدوا عن الاشتراك بقرار الحكم تطبيقاً لقاعدة عدم جواز أن يكون الإنسان خصماً وحكماً في الوقت ذاته .

 

الطرف الثاني في الدعوى الجزائية  ( المدعي عليه ) .

والقاعدة المقررة في القانون الجزائي هي شخصية العقوبة أي أنها لا توقع إلا على مرتكب الجرم وشركائه والنتيجة الطبيعية لهذا هي أن تكون الدعوى الجزائية بدورها شخصية لأن غاية الدعوى العامة تطبيق العقوبة على مرتكبي الجرائم دون سواهم ، وفي قانون الإجراءات الجزائية الكويتي يسمى المدعي عليه ( المتهم ) مهما كان نوع الجريمة المسندة إليه سواء كانت جنحة أو جناية ، ويترتب على هذا المبدأ النتائج التالية :

1.لا تقام الدعوى الجزائية إلا على شخص معين موجود .

2.لا تقام الدعوى العامة على مجهول : فإذا لم يتمكن المحقق من معرفة الفاعل يجب أن يحفظ الأوراق ولا يجوز له إحالة الدعوى للمحكمة .

3.لا يشترط لفتح التحقيق ذكر اسم المتهم : لا يشترط لفتح التحقيق أن يكون المتهم أو المدعي عليه معنياً باسمه بل يكفي أن يكون معنياً بذاته وإذا ذكر هذا الاسم فما ذلك إلا للدلالة على الشخص وتسهيل سبل إقامة الدعوى العامة عليه ، أما إذا أريد تأمين إدانة الفاعل أمام محاكم الحكم فيجب أن يكون معروفاً معرفة أكيدة وإذا لم تمكن معرفته فيجب على المحقق انتظار اكتشافه كذلك لا يشترط أن يكون المتهم حاضراً فيجوز رفع الدعوى والحكم عليه في غيبته .

4.لا ترفع الدعوى الجزائية إلا على الجاني : أي يكون شخصاً يعزي إليه أن له يداً في ارتكاب الجريمة سواء بصفته فاعلاً أصلياً أم شريكاً فالدعوى العامة لا ترفع عن جريمة يرتكبها صغيراً أو مجنون ولا ترفع على الوصي أو القيم إذا وقعت من القاصر أو المحجور عليه جريمة ، ولكن يجوز في تشريعنا إقامة الدعوى الجزائية على الولي أو الشخص الذي سلم إليه الحدث بعد أن ارتكب جرماً وفقاً لأحكام قانون الأحداث رقم 111 لسنه 2015 فيما إذا ارتكب القاصر جرماً جديداً وهو في عهدته لارتكابه جريمة التقصير ذلك لأن هذا الولي مسئول في هذه الحال مسئولية جزائية عن جرم مستقل هو إهمال المراقبة .

 

مذهب البطلان الشكلي

مثل إجراءات تقديم الطعون بالأحكام من حيث شكلية تقديم العريضة وشخص مقدمها واشتراط توقيعها من محام في بعض الأحيان وإرفاق سند الوكالة في الطعن بالتمييز وتنفيذ الحكم المطعون به أولاً وغيرها من الشكليات المطلوب استيفاؤها عند تقديم الدعاوي ومباشرتها وإلا اعتبر التقديم باطلاً من حيث عدم استيفائه للشكل مما يترتب عليه رفض المحكمة النظر في الطعن أو في عدم قبولها.

 

مذهب البطلان القانوني

يقوم هذا المذهب على ضرورة أن ترد في القانون نصوص صريحة تحدد الحالات التي يتحقق فيها البطلان أي أن المشرع هو الذي يقوم بحصر الحالات التي يتحقق فيها البطلان فإذا وقعت مخالفة لإحدى هذه الحالات وجب على المحكمة أن تقرر البطلان وإن لم توجد هذه المخالفة فلا بطلان ولو ترتب على الإجراء ضرر بالمتقاضين وهو مبدأ يقوم على قاعدة لا بطلان بغير نص انسجاماً مع مبدأ لا عقوبة بغير نص .

 

مذهب البطلان للضرر

مثل إقرار المتهم بأن الاعتراف كان وليد الإكراه والتعذيب .

 

مذهب البطلان الذاتي

كما في قاعدة وجوب ندب أنثى للقيام بتفتيش الأنثى وهي قاعدة جوهرية من النظام العام الغرض منها ألا يحدث مساس بموضع العورة من جسم الأنثى متى كان القائم بالتفتيش ذكراً .

 

البطلان في قانون الإجراءات الكويتي  

المادة 146 من قانون الإجراءات التي ذكر فيها المشرع الكويتي النص صراحة على البطلان بقوله ” إذا تبين للمحكمة أن إجراء من إجراءات الدعوى أو التحقيق به عيب جوهري فلها أن تأمر ببطلانه أو بإعادته أو أن تقضي بتصحيح العيب الذي لحقه كلما كان ذلك ممكناً ولا يجوز الحكم ببطلان إجراء إذا لم يترتب على العيب الذي لحقه أي ضرر بمصلحة العدالة أو الخصوم “.

وجاء في الفقرة الثانية منها ” وللمحكمة أن تصدر حكماً بعدم قبول الدعوى الجزائية التي قدمت إليها قبل إجراء أي تحقيق فيها أو أثناء التحقيق إذا وجدت أن بها عيباً شكلياً جوهرياً لا يمكن تصحيحه ولا إعادة الإجراءات المعيبة ” .

فالملاحظ من هذه المادة بفقرتيها أن المشرع الكويتي أخذ في قواعد البطلان بثلاثة مذاهب وهي المذهب الذاتي الجوهري والمذهب الشكلي ومذهب الضرر مجتمعة .

وإذا كان المشرع وفقاً للمادة السابقة أعطى المحكمة حق تقدير الضرر أو تصحيح العيب الذي لحق بالشكلية فيما إذا كان شكلاً جوهرياً أم لا ، فإن المشرع الكويتي قد نص أيضاً على بعض حالات البطلان القانوني الذي يلزم المحكمة على الأخذ به دون تطبيق قواعد البطلان الذاتي السابقة وذلك مثل النص على بطلان الحكم الذي لم يشتمل على الأسباب التي بني عليها المادة 175 وكذلك ما جاء في المادة 159 من النص على الاعتراف إذا كان وليد إكراه أو تعذيب وكذلك بالنسبة للنص على بعض القواعد الشكلية التي يتطلب القانون توافرها في كثير من الإجراءات وهي شكلية قانونية يترتب على إغفالها البطلان نصاً سواء تحقق ضرر بمصلحة الخصوم أم لم يتحقق ، مثل ضرورة حضور محام مع المتهم في الجناية وضرورة توقيع محام على عريضة الطعن بالتمييز أو تقديم سند الوكالة في الطعن قبل بدء الجلسة وغيرها من الحالات المنصوص عليها من الشكلية التي يلزم توافرها وإلا لزم على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الطعن شكلاً لمخالفته للقانون .

 

ومن أهم الفروق الناتجة عن اختلاف البطلان المطلق والبطلان النسبي ما يأتي :  

1.البطلان المطلق بطلان متعلق بالنظام العام فيجوز لكل صاحب صفة في الدعوى أن يتمسك به بل على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها متى اكتشفته ولو لم يتمسك به أحد أما البطلان النسبي فيتعين أن يتمسك به من له صفة فقط ولا يلزم المحكمة الأخذ به إن لم يثره صاحب هذه الصفة .

2.البطلان النسبي يجوز لصاحب المصلحة التنازل عنه وهو من وقع في حقه الإجراء الباطل أما البطلان المطلق فلا يجوز التنازل عنه لأنه أصاب قاعدة من قواعد النظام العام .

3.يجوز إثارة البطلان المطلق في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز ما لم يحتج إثباته إلى تحقيق موضوعي من محكمة الموضوع أما البطلان النسبي فلا بد من التمسك به أمام محكمة الموضوع في أول درجة أو ثاني درجة ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز .

يذهب بعض الشراح إلى أن البطلان النسبي يمكن تصحيحه والبطلان المطلق لا يمكن تصحيحه لتعلقه بالنظام العام ، وهذا مخالف للقواعد القانونية التي تعطي المحكمة الحق في تصحيح البطلان ولو كان من النظام العام كما هو الحال في عدم إعلان المتهم أو الخطأ في الإعلان وذلك بإمكانية إعادته أو بحضور المتهم أو غيره أمام المحكمة وإتمام الإعلان بمواجهته وإعطائه الفرصة في إعداد دفاعه بتأجيل الدعوى متى ما رغب في ذلك وتحقق إتمام الإعلان وخطواته على الرغم من النظام العام إلا أنه يجوز تصحيحه وذلك بإزالة ضرر عدم وقوعه بصورة قانونية ويتم تصحيح الإعلان بمجرد الحضور .

 

من له حق التمسك بالبطلان

قرر المشرع البطلان في القانون لرفع الضرر الذي يصيب مصلحة العدالة أو مصلحة أحد الأطراف في الدعوى فالعيب الذي يصيب مصلحة العدالة يمكن ان يتمسك به كل صاحب مصلحة في الدعوى بل يمكن أن تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها وإن لم يتمسك به أحد من الخصوم في حين لا بد أن يتمسك بالبطلان المتعلق بمصلحة الخصوم من يتوافر فيه شرط الصفة في الدعوى وشرط المصلحة لأن البطلان هنا مقرر لمصلحة من وضع البطلان لحمايته وهو صاحب الصفة الذي وقع عليه الإجراء .

 

سقوط حق التمسك بالبطلان

يسقط الحق في التمسك بالبطلان النسبي إذا لم يتمسك به من له المصلحة بالبطلان أمام محكمة الموضوع أي أمام محكمة أول درجة أو محكمة الاستئناف إذا لا يجوز التمسك بالبطلان النسبي لأول مرة أمام محكمة التمييز على اعتبار أن الدفع به يحتاج إلى تحقيق موضوعي وهو من تمام ملاك محكمة الموضوع أما محكمة التمييز فهي محكمة قانون تقوم بفحص الحكم من الناحية القانونية فيما إذا كانت محكمة الموضوع قد طبقت القانون في حكمها بخصوص ما عرض أو أثير أمامها من دفوع فإن تعرضت بأن أبدت رأيها في الموضوع الذي عرض أو أثير أمامها فعلى محكمة التمييز أن تحترم قضاءها فيه أما إن أهملته ولم تذكر في الحكم ما يفيد قضاءها فيه اعتبر سكوتها إخلالاً بحق من أثار ذلك الدفع ووجب على محكمة التمييز التدخل بتمييز الحكم أو القضاء فيه .

ويسقط حق التمسك بالبطلان عامة بالنسبة لإجراءات التحقيق الأولي الذي يتم قبل وصول الدعوى للمحكمة والواردة في محاضر التحري أو التحقيق سواء المعدة من محققي النيابة العامة أو الإدعاء العام في وزارة الداخلية إن لم يثر أمام محاكم الموضوع إذ لا يجوز إثارة البطلان حول إجراءات حدثت قبل المحاكمة لأول مرة أمام محكمة التمييز وإنما مكان إثارتها محاكم الموضوع فقط على اعتبار أن الدفع به لا يخرج عن كونه تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم أمام محكمة التمييز .

أما بالنسبة للبطلان المطلق الذي يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل المحاكمة فهو مقيد أيضاً بعدم كون العيب الذي أثير كسبب للبطلان محتاجاً في إثباته إلى تحقيق موضوعي كالدفع بأن الاعتراف الصادر من المتهم جاء نتيجة إكراه وقع عليه في أثناء التحقيق ، فمثل هذا الإكراه محتاج في تقرير وجوده أو عدمه إلى تحقيق موضوعي من الواجب أن تجريه محكمة الموضوع فإن لم يثر أمامها فلا يجوز أن يثار لأول مرة أمام محكمة التمييز ولو كان البطلان فيه من البطلان القانوني الذي يجب على المحكمة أن تأخذ به إن تحققت من وقوعه وما على محكمة التمييز إلا أن تراقب موقف محكمة الموضوع في قضائها فإن أقرته وجب تمييز الحكم قانوناً وكذلك لو أهملت محكمة الموضوع الاهتمام به بعد إثارته أمامها فعلى محكمة التمييز أن تميز الحكم للإخلال بحق الدفاع .

 

آثار الحكم بالبطلان

البطلان – ولو كان من النظام العام أو كان قانونياً – ألزم المشرع المحكمة الأخذ به ولا يقرر لمجرد وجود هذا النص وإنما لا بد أن يصدر التقدير به من المحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بعد إثارته من صاحب المصلحة والصفة ، فإذا كان التفتيش باطلاً وجب على المحكمة أن تستبعده في إثبات الدعوى وتستبعد ما نتج عنه من دليل وتحكم بالبراءة إذا كان هذا الدليل هو الوحيد في الدعوى وكذلك بالنسبة إلى ما نتج عن التفتيش من اعتراف مباشر أو شهادة شاهد حضر التفتيش الباطل أو على ما دون في محضر التفتيش الباطل .

 

القيود الواردة على عدم الاعتداد بالإجراء الباطل وآثاره

على الرغم أن القاعدة هي عدم الاعتداد بالإجراء الباطل متى تم إقرار بطلانه إلا أن القانون يعطي للقاضي إمكانية التجاوز عن هذه القاعدة وذلك بإتباع إجراءات أخرى تعالج إزالة الضرر الذي أحدثه الإجراء الباطل ولعل من أهمها ما يلي :

 

1. الأخذ بالإجراء المستقل من الإجراء الباطل : قد يسبق الإجراء الباطل من الأعمال الإجرائية الصحيحة فيجوز للمحكمة أن تستند إليها في إثبات التهمة على المتهم أو على دليل تم الوصول إليه بعد الدليل الباطل بصورة منفصلة ومستقلة عنه على اعتبار كل ما يقتضيه استبعاد بطلان الإجراء هو استبعاد الأدلة المستمدة منه دون أن يمتد ذلك الأثر إلى الوقائع التي تحدث يوم إجرائه مما يعني أن المحكمة إذا قام حكمها على دليل تم أخذه أو اكتشافه قبل وقوع الإجراء الباطل أو بعد ذلك الإجراء الباطل بإجراء مستقل كأن يفصله عن الإجراء الباطل فترة زمنية أو مكانية أو شخصية من قام بكل منهما يكون حكمها صحيحاً لا شائبة فيه وهي مسألة موضوعية وتستقل بتقديرها محكمة الموضوع ما دامت قد بينت في حكمها من الأسباب السائغة عقلاً ومنطقاً .

2. تصحيح الإجراء الباطل : أعطى المشرع الكويتي الحق صراحة للمحكمة وفقاً لنص المادة 146 من قانون الإجراءات في أن ” تقضي بتصحيح العيب الذي لحق الإجراء كلما كان ذلك ممكناً ” … وهذا الحق مطلق كلما أمكن للمحكمة أن تزيل الضرر الذي أحدثه العيب المبطل للإجراء سواء كان العيب قد أصاب مصلحة العدالة أو مصلحة أحد الخصوم وهو مخالف لرأي من يذهب إلى أن البطلان المطلق لا يمكن تصحيحه لتعلقه بالنظام العام وهو ما يفيد أيضاً بأن المشرع الكويتي تمسك بقاعدة أنه لا بطلان بدون ضرر وهو ما ذهب إليه أيضاً مذهب البطلان للضرر فمتى استطاعت المحكمة أن تزيل ذلك الضرر على الرغم من إقرارها بوجوده زال ما يوجب عدم الاعتداد به ،، مثل لو دفع ببطلان الشهادة لعدم تحليف الشاهد عند المحكمة فيمكن أن تصحح الشهادة بإحضار الشاهد وتحليفه بأن جميع ما ورد في أقواله يطابق الحقيقة وقد يقع التصحيح من أحد الخصوم بحضوره إلى قاعة المحكمة ونعيه على أن التكليف بالحضور كان باطلاً فحضوره أو حضور من كان تكليفه باطلاً في قاعة الجلسة يصحح ذلك البطلان .

3. إعادة الإجراء الباطل : أعطى المشرع في المادة 146 إجراءات الحق للمحكمة أن تعيد الإجراء الباطل وفي إعادته تصحيح له وإزالة ما به من ضرر لحق بمصلحة العدالة أو مصلحة الخصوم (( وهذه الإعادة المنهيه للضرر لا يمكن تصورها إلا إذا كانت ممكنة )) .

4. تحويل الإجراء الباطل إلى إجراء آخر صحيح : ومثال ذلك إذا كانت المحكمة قد فاتها أمر تحليف الشاهد قبل سماع شهادته فالشهادة تكون باطلة لا يجوز التعويل عليها دليلاً غير أن قاعدة تساند الأدلة في الحكم الجزائي يمكن المحكمة من اعتبار هذه الشهادة الباطلة أقوالاً لشاهد يمكن أن تستند إليها لا بوصفها شهادة ولكن بوصفها الجديد المحتاج لوقائع وقرائن وأدلة أخرى تساندها في عملية الاستدلال .

 

طرق الإثبات في الدعوى الجزائية وأدلته

يختلف دور القاضي الجزائي في نظر الدعوى عن دور القاضي المدني ففي حين يقتصر عمل الأخير على تلقي الأدلة التي يقدمها الخصوم بالطرق ووفقاً للإجراءات التي يعينها القانون ليقضي بموجبها وفق ما لها من قيمة قد يستقل المشرع بتحديدها دون أن تكون له في ذلك سلطة تقديرية كما يمتنع عليه – من جهة أخرى – أن يبادر من جانبه إلى جمع أدلة غير التي قدمت من قبل الخصوم في الدعوى لا يلزم القاضي الجزائي موقفاً سلبياً فمن حقه بل من واجبه أن يتحرى الحقيقة وينقب عنها وذلك بجميع الطرق التي يمكن أن تؤدي إليها في نظره سواء نص عليها القانون أم لم ينص عليها بشرط أن يلجأ في ذلك إلى الطرق المشروعة وأن يستنتجها من كل ما يمكن أن يدل عليها في اعتقاده .

ووسائل الإثبات من الناحية العلمية هي ” الاعتراف والشهادة والانتقال وإجراء المعاينة والخبرة والأوراق والقرائن ” .

 

الاعتــــــــــراف

والمراد بالاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه في مجلس القضاء إقراراً صادراً عن إرادة حرة بصحة ارتكابه للوقائع المكونة للجريمة بعضها أو كلها وبعبارة أخرى هو إقرار المتهم بما يستوجب مسؤوليته أو بما يشددها ،،، وقد نصت المادة 156 إجراءات جزائية على أنه ” إذا اعترف المتهم في أي وقت بأنه مذنب فعلى المحكمة أن تسمع أقواله تفصيلاً وإذا اطمأنت إلى أن الاعتراف صحيح ورأت إلى أنه لا حاجة إلى أدلة أخرى فلها أن تستغني عن كل إجراءات التحقيق الأخرى أو بعضها وأن تفصل في القضية ولها أن تتم التحقيق إذا وجدت لذلك داعياً ” وبناء عليه يشترط في الاعتراف الذي يكتسب ثقة ومن ثم صلاحيته للاستناد إليه في الحكم الشروط التالية :

1. أن يكون من المتهم على نفسه بما يضرها وبعبارة أخرى هو إقرار المتهم بما يستوجب مسئوليته أو بما يشددها فقط أما ما جرى به التعبير الخاطئ من وصف أقوال متهم في الدعوى على متهم آخر فيها بأنه اعتراف ” متهم على متهم ” فلا يعتبر اعترافاً صحيحاً في حكم المادتين 157 ، 156 .

  1. أن يكون واضحاً وصريحاً لا لبس فيه ولا غموض منصباً على الفعل المكون للجريمة المسندة إليه ولذلك فإن أقوال المتهم وإقراره ببعض الوقائع التي يستفاد منها باللزوم العقلي والمنطقي ارتكابه للجريمة لا يعتبر اعترافاً وهذه الصفة اللازم توافرها في الاعتراف هي التي جعلت منه الدليل القوي للإثبات باعتبار أنه لا يحتمل تفسيراً أو تأويلاً ،،، والإقرار ببعض الوقائع التي لا تتعلق بالجريمة لا يعتبر اعترافاً بالمعنى المقصود في قانون الإجراءات الجزائية الكويتي ولكنه لا يحول دون أن تستند إليه المحكمة لإثبات ظروف الجريمة ،،، فمثلاً لو اعترف المتهم للمحكمة بأنه كان على علاقة غير شرعية بالمجني عليها دون أن يعترف بقتلها ثم استخلصت المحكمة من أدلة أخرى أن هذا المتهم هو الذي ارتكب جريمة القتل وللمحكمة أن تستند إلى إقراره بأنه على علاقة غير مشروعة بالمجني عليها كباعث على قتلها دون أن يعتبر ذلك اعترافاً بالمعنى القانوني
  2. ويشترط في الاعتراف أيضاً أن يكون المعترف متمتعاً بالإدراك والتمييز وقت إدلائه بالاعتراف حتى تكتمل له الأهلية الجزائية ،، وبناء عليه لا يعتد باعتراف صادر من الصغير أو المجنون حتى ولو كان وقت ارتكاب الجريمة متمتعاً بقواه العقلية ولا عبرة كذلك باعتراف يصدر عن تأثير مسكر أو مخدر أو تنويم مغناطيسي أو تأثير نفساني ،، كما ينبغي أن يكون المعترف حراً في الاختيار وقت اعترافه مهما كان قدره ومراد ذلك أنه لا يجوز أن ينتزع الاعتراف بالإكراه والتعذيب ،،، وقد حظر الدستور الكويتي إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً ( المادة 31 ) .

كما منع قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية التعذيب بقوله ” لا يجوز إكراه المتهم …..أو…… ( المادة 158 ) ، وقانون الجزاء الكويتي عاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات والغرامة التي لا تجاوز 500 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ،، كل موظف عام أو مستخدم عذب بنفسه أو بواسطة غيره متهماً لحمله على الاعتراف بجريمته أو الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها ” .

بل أن المشرع الكويتي قد اعتبر أخذ أقوال المتهم أو اعترافه نتيجة تعذيب أو إكراه باطلاً بطلاناً قانونياً ولا قيمة له في تقدير الإثبات وعلى المحكمة أن تحكم بهذا البطلان من تلقاء نفسها ( المادة 159 ) من قانون الإجراءات .

 

الاعتراف القضائي    

هو الذي يصدر من المتهم أمام إحدى الجهات القضائية أي يصدر أمام القاضي الجزائي الذي يتولى محاكمته .

 

الاعتراف غير القضائي

هو الذي يصدر أمام جهات أخرى غير جهات القضاء كما إذا صدر أمام النيابة أو مأمور الضبط القضائي أو في تحقيق إداري أو أمام أحد الأشخاص الثقات أو دون في ورقة عرفية أو رسمية أو إذا صدر أمام محكمة أخرى – غير محكمة الموضوع – أي محكمة غير مختصة سواء كانت جناية أو مدنية وطبقاً لمبدأ حرية القاضي الجزائي في تكوين عقيدته فإن له كامل الحرية في تقدير قيمة الاعتراف وصحته واطمئنانه إلى ما ورد به من أن المتهم هو المرتكب للفعل المسند إليه .

 

تجزئة الاعتراف

من المقرر في المواد المدنية أن الإقرار الحاصل من الخصم لا يتجزأ بمعنى أنه لا يأخذ منه ما يفيده ويطرح ما يكون متناقضاً لادعائه ويبرر ذلك أن إجراءات الإقرار ترتبط  بقصد المقر بما ينبغي معه أن تعتبر وحدة واحدة ،، للخصم أن يأخذ بها بأكملها أو يطرحها .

وبناء عليه إذا اعترف المتهم بأنه قتل ولكنه قال ” إنه إنما قتل دفاعاً عن نفسه مكرهاً فيمكن للقاضي أن يحكم عليه بأنه قاتل باعترافه ويطرح ظرف الدفاع أو الإكراه إذا لم يقتنع به .

}   وقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالأخذ باعتراف المتهم بنصه وظاهره بل لها في سبيل تكوين عقيدتها في المواد الجنائية أن تجزئ الاعتراف وتأخذ منه ما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عما تراه مغايراً لها – نقض 22 أكتوبر 1993 – مجموعة الأحكام س14 رقم 113 ص 687 ، 18 مارس 1979 ، س 30 رقم 73 ص 355 .

 

تعريف شهادة الشهود

يقصد بالشهادة ما يقرره أو يخبره الشخص بخصوص واقعة أدركها بحاسة من حواسه أمام جهة قضائية وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً لذلك .

 

والشهادة قد تكون غير مباشرة وهي نوعان :

  1. الشهادة السماعية : وهي التي تنصب على رواية سمعها الشاهد بطريقة غير مباشرة نقلاً عن شخص معين ،، وهذه الشهادة بطبيعتها لا تكون موضع ثقة تامة لأنها لا تنشأ عن إدراك مباشر كما هو الحال في الشهادة المباشرة .
  2. الشهادة بالتسامع : أي الشهادة بما تتسامعه الناس في شأن الواقعة وهي لا تنصب على الواقعة المراد إثباتها بل على الرأي الشائع لدى جمهور الناس من هذه الواقعة فهي لا تعتبر دليلاً ولا يجوز أن يستمد القاضي منها اقتناعه فإذا اعتمدت المحكمة على الشهادة السماعية وحدها كان حكمها مشوباً

( بالفساد في الاستدلال ) .

 

طلب سماع الشهود بناءً على طلب الخصوم في الدعوى

فقد نصت المادة 163 إجراءات جزائية في صدرها على أن ” للمتهم وغيره من الخصوم في كل وقت أن يطلب سماع من يرى من الشهود وتجيب المحكمة هذا الطلب إذا رأت أن فيه فائدة للتحقيق ولها أن ترفض الطلب إذا وجدت أن الغرض منه المماطلة أو الكيد أو التضليل أو أنه لا فائدة من إجابته ” .

 

طلب سماع الشهود بناءً على رغبة المحكمة

فقد نصت المادة 164 على أن ” للمحكمة من تلقاء نفسها أن تعلن أي شاهد ترى ضرورة لسماع أقواله أو ترى لزوم سؤاله “.

 

سماع شهادة أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه أمام محكمة الموضوع

فقد نصت المادة 164 إجراءات في الفقرة الثانية منها على أن ” كما أن لها أن تسمع أي شخص آخر حاضر أو أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه إذا وجدت أن ذلك في مصلحة التحقيق “.

 

وإذا كان الأصل أن كل شخص يمكن أن يكون شاهداً فإن هناك بعض الأشخاص يمنعهم القانون من أداء الشهادة وذلك في الحالات التالية :

  1. شهادة الصغير الذي لم يبلغ من السن 14 سنة كاملة : لا يصح الأخذ بشهادة من لم يبلغ عمره 14 سنة كاملة وقت أداء الشهادة وتسمع أقواله على سبيل الاستئناس فقط بغير يمين طبقاً للمادة 166 إ.ج.ك التي نصت في صدرها على أنه ” يلتزم الشاهد بحلف اليمين إذا كان عاقلاً بالغاً من السن أربع عشر سنة كاملة ” .
  2. شهادة الأمناء على السر : الأشخاص الذين اؤتمنوا على الأسرار لا يجيز لهم القانون أن يدلوا بها أمام المحقق أو المحكمة في حال استدعائهم للشهادة بخصوص هذه الأسرار وهؤلاء الأشخاص هم :
    • الموظفون والمستخدمون والمكلفون خدمة عامة الذين تصلهم الأسرار بحكم وظيفتهم وحدهم لا يشهدون ولو بعد تركهم العمل لأن نشر هذه الأسرار أو المعلومات يؤدي إلى الأضرار بمصلحة الدولة ولا يقتصر أمر المنع هذا على الموظفين وحدهم بل يسري هذا أيضاً على الأشخاص الذين يبرمون مع الدولة عقوداً أو مقاولات بشرط أن هذه المعلومات أو الأسرار لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن السلطة بإذاعتها ولكن لهذه السلطة أن تأذن بأداء الشهادة (المادة 43/3 من قانون الإثبات).
    • الأمناء على الأسرار بحكم عملهم أو صناعتهم أو فنهم أو طبيعة عملهم كالأطباء والوكلاء والصيادلة والمحامين وذلك بالنسبة لتلك الأسرار التي اؤتمنوا عليها والمتعلقة بالحياة الخاصة والعائلية للأفراد والتي يؤدي نشرها الإساءة إلى أصحابها ويحظر على هؤلاء إفشاء تلك المعلومات أو الأسرار ولو بعد انتهاء خدمتهم أو زوال صفتهم ما لم يكن ذكرها مقصوداً به ارتكاب جريمة جناية أو جنحة ومع ذلك يجب على الأشخاص المذكورين أن يقرروا الشهادة على تلك الواقعة أو المعلومات متى طلب منهم ذلك من أسرها إليهم على نحو لا يخل بأحكام القوانين الخاصة بهم ( المادة 43/ 4 من قانون الإثبات ) .
  3. شهادة الأزواج : ونصت المادة 43/5 من قانون الإثبات على أنه ” لا يجوز  لأحد الزوجين أن يفضي بغير رضا الطرف الآخر ما أبلغه إليه في أثناء الزوجية ولو بعد انفصالهما ،، إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على الآخر وبالنسبة لما يقتضيه الدفاع فيها أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت على الآخر ” بمعنى أن المشرع منع سماع شهادة أحد هؤلاء بخصوص المعاملات التي وصلت إليه من الآخر أي يمنع أحر الزوجين من أن يفشي بغير رضا الطرف الآخر ما عساه يكون قد أبلغه به في أثناء قيام الزوجية ، إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على صاحبه أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية وقعت منه على الآخر ومع ذلك فإن (محكمة النقض المصرية) لا تجد مانعاً من قبول الشهادة من أحد الزوجين على الآخر بخصوص الوقائع التي لم يبلغه إليه الزوج الآخر وإنما وقع عليه بصره أو اتصل به مسمعه كما أنه يجوز أن يكون أحدهما دفاعاً للآخر ، والعلة في حظر الشهادة في الحالات التي حددتها النصوص السابقة أن موضوع الشهادة ” سر ” علم به الشاهد عن طريق صفته كموظف أو صاحب مهنة أو زوج فهو يلتزم كتمان هذا السر ، فإن أفشاه ارتكب جريمة ” إفشاء الأسرار ” ولما كان أداء الشهادة في مثل هذه الحالات هو في ذاته جريمة أو من ثم كانت باطلة فقد وضعت النصوص السابقة المنع الذي قدرته في حدود معينة فإذا زالت هذه الحدود انتفى المنع فلم تعد الشهادة إفشاء سر وصارت ومن ثم جائزة وعلى سبيل المثال –  فإن الموظف يؤدي الشهادة إذا أذنت له السلطة المختصة بذلك والزوج له أن يؤدي الشهادة في شأن واقعة تتعلق بزوجته إذا كان لم يفض بها إليه وإنما علم بها بنفسه مباشرة وصاحب المهنة يجب عليه أداء الشهادة إذا طلب منه ذلك صاحب الشأن .
  4. شهادة القاضي الذي يفصل في الدعوى وعضو النيابة والإدعاء العام .
  5. كيفية سماع الشهود ومناقشتهم : وقد بين قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي في المادة 167 القواعد المتبعة في كيفية الإدلاء بالشهادة أمام المحكمة بقولها ” تسمع الشهود بقدر الإمكان على الوجه الآتي :- تسمع المحكمة شهود الإثبات وتوجه إليهم ما تراه من الأسئلة ثم يستجوبهم المدعي فالمدعي بالحق المدني إن وجد وللمتهم وللمسئول عن الحقوق المدنية إن وجد – مناقشتهم بعد ذلك ،، وتجوز مناقشتهم مرة أخرى من المحكمة والمدعي بالحق المدني بقصد إيضاح الوقائع التي أدوا عنها في أجوبتهم عن أسئلة المتهم والمسئول بالحقوق المدنية ثم تسمع المحكمة شهود النفي وتوجه إليهم ما تراه من الأسئلة ثم يستجوبهم المتهم فالمسئول عن الحقوق المدنية إن وجد .

 

ويستفاد من هذا النص أن المحكمة تبدأ :

  • سماع شهود الإثبات ( وهم الذين يشهدون على جريمة الفاعل ).
  • بسماع شهود النفي .
  1. تقدير الشهادة : الشهادة هي عماد الإثبات في الدعوى الجزائية ولمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير الشهادة فلها أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان أسباب طرحها لها لأن هذا قد يكون مبنياً على ما لاحظته بنفسها عند إدلائه بأقواله .
  2. جواز تجزئة الشهادة : لقد عبرت محكمة التمييز الكويتية عن ذلك بقولها ” من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها فيه ومتى أخذت بشهادة وشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ بما تطمئن إليه منها في خصوص واقعة معينة وأن تطرح ما شهد به في واقعة أخرى منسوبة إلى المتهم نفسه دون أن يكون هذا عيباً في حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها .

} الطعن 83/99 جزائي جلسة 1/2/2 مجلة القضاء والقانون عن الفقرة من 1/1/2 إلى 31/5/2 السنة الثامنة والعشرون ، الجزء الأول ص 492 وأنظر الطعن 194/1002 جزائي جلسة 7/5/2002 المجلة نفسها والعدد نفسه ص 853 { .

 

الانتقال أو محضر المعاينة

كمعاينة محل الحادث ولا سيما إذا كانت قد تسفر عن إثبات ركن من أركان الجريمة أو نفيه كما هو الحال في قضايا القتل والإصابات الخطأ وقد نصت المادة 168 على أن ” للمحكمة إذا وجدت ضرورة الانتقال إلى المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة أ وإلى مكان آخر لإجراء معاينة أو سماع شاهد لا يستطيع الحضور أو القيام بأي عمل آخر من أعمال التحقيق أن تأمر بذلك ” .

وأياً ما كان الأمر فإن الانتقال للمعاينة من المسائل التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع فإذا طلبها أحد الخصوم وجب أن يتمسك بها أمامها فإن لم يفعل فلا يجوز له النعي على المحكمة قعودها عن إجرائها .

 

الدليل الكتابي

الدليل الكتابي هو المحرر ويمكن تعريفه بأنه ” ورقة بيانات في شأن واقعة ذات أهمية في إثبات ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى المتهم “.

والمحررات التي يحق للمحكمة اعتمادها لتكوين قناعتها عن ثلاثة أنواع :

  1. المحاضر : وهي الأوراق التي يحررها الموظفون المختصون وفق الشروط والأشكال التي حددها القانون لإثبات ارتكاب الجرائم أو الإجراءات التي اتخذت في شأنها والمحاضر أوراق رسمية دون شك ولذلك يعد التزوير فيها تزويراً في أوراق رسمية ،، والمحاضر ثلاث أقسام من حيث القوة الثبوتية :

 

  • النوع الأول : وليس له قوة إثباتية فهو من قبيل المعلومات العادية أو البلاغات ، ومن هذا النوع محاضر التحري ( المادة 46 ) ” ولا يكون لهذه المحاضر حجية في الإثبات أمام القضاء ” فلا تعتبر رسمية من حيث عدم إمكان إثبات ما يخالفها لأنها جمع استدلالات فقط فيجوز لكل ذي شأن إثبات ما يخالف ما جاء في تلك المحاضر بجميع الطرق القانونية بغير حاجة إلى الطعن بالتزوير .
  • النوع الثاني : محاضر يجب على المحكمة أن تعمل بها حتى يثبت المتهم عكسها فإذا عجز المتهم عن ذلك اضطرت المحكمة إلى اعتبار التهمة قائمة ضده وقد ذكر القانون الكويتي مثلاً من هذه المحاضر في المادة 19 إجراءات فقال ” إن إعلان أمر الحضور يجب أن يتم بواسطة موظفي المحكمة أو رجال الشرطة وأن يكون محرراً على نسختين ويجب أن يوقع الشخص المعلن إليه ويكتب الذي قام بالإعلان إقراراً بوقوعه ويعد هذا الإقرار شهادة منه ويعد ما ورد به من حجة في الإثبات إلى أن يثبت ما يخالفه ” .
  • النوع الثالث : محاضر يجب على المحكمة أن تعمل بها حتى يثبت تزويرها في محاكمة مستقلة ومثال هذه المحاضر – محاضر جلسات المحاكمة ونص الحكم – ويجوز الطعن بالتزوير في أيه حالة كانت عليها الدعوى ويحدد الطاعن مواضع التزوير الذي يدعيه وأدلته وإجراءات التحقيق التي يطلب إثبات التزوير بها ويكون ذلك إما بمذكرة يقدمها للمحكمة وإما بإثبات الطعن بالتزوير في محضر الجلسة ،،، ولمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير أدلة التزوير من حيث ثبوته أو نفيه ما دامت تستند إلى أسباب سائغة .
  1. قيمة الأوراق في إثبات الواقعة الإجرامية إذا كانت في ذاتها جسم الجريمة أو مجرد دليل على وقوعها : قد يكون المحرر منطوياً على جسم الجريمة كما هو الحال في تزوير ورقة النقد المزورة أو الشيك المزور أو التهديد الكتابي أو البلاغ الكاذب ،، كما يكون مشتملاً على مجرد دليل فيها كخطاب يتضمن اعترافاً من المتهم أو إقراراً من شاهد في واقعة معينة والمبدأ أن الأوراق بجميع أنواعها لا تتمتع بحجية خاصة في الإثبات ومن ثم فإن الدليل المستمد منها يخضع شأن كل الأدلة في المواد الجزائية لتقدير قاضي الموضوع على التفصيل الذي سبق الحديث فيه .
  2. الأوراق الخاصة : وهي أوراق يحررها المتهم بخط يده ويحتفظ بها لنفسه على شكل مذكرات خصوصية شخصية أو يبعث بها إلى أحد الناس كمراسلات خاصة ،، فما قيمتها الإثباتية بالنسبة لما دون فيها من الوقائع ؟ فالقاعدة العامة أن هذه الأوراق الخاصة تخضع ككل الأدلة لمطلق تقدير المحكمة ولهذا يجوز للقاضي الجزائي بحسب ما يرى أن يأخذ بما دون فيها أو أن يطرحها لأنه ليس في القانون ما يجبر المحاكم الجزائية على انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجزائية طريقاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة .

 

القرائن

1. القرائن القانونية : وهي تلك المستمدة من نصوص قانونية صريحة لا يجوز إثبات عكسها ومن هذا القبيل افتراض العلم بالقانون بعد نشره في الجريدة الرسمية ومضي المدة التي يحددها القانون وافتراض انعدام التمييز لدى من لم يبلغ 7 من عمره وانعدام التمييز في المجنون ومن ثم عدم مسؤوليتهما وقرينة الاستفزاز في قتل الزوج زوجته وشريكها حال مفاجأته لها متلبسة بالزنا وقرينة الصحة في الأحكام النهائية وهذه القرائن محددة في القانون على سبيل الحصر ولا يجوز إثبات عكسها على نحو يقيد القاضي والخصوم .

2. القرائن القضائية : هي التي يستخلصها القاضي من بين وقائع الدعوى المعروضة أمامه واقعة تؤدي إلى استخلاص الحقيقة فيقضي بثبوت هذا الأمر من ثبوت هذه الواقعة ،،، ومن أمثلتها ( وجود بصمة إصبع المتهم في مكان الجريمة كقرينة على مساهمته فيها أو ظهور علامات ثراء عليه كقرينة على اختلاس المال) .

 

سلطة القاضي بشأن القرائن وحجيتها في الإثبات

غير أنه لما كان من المحتمل أن يخطئ القاضي في عملية الاستنباط يصبح من المفهوم أن تتقرر للقرائن القضائية حجية إثبات ضعيفة فهي مجرد دليل مقنع للقاضي لا يصلح إلا فيما تصلح البينة ( الشهادة ) لإثباته .

 

الدلائل  

الدلائل لا ترقى إلى مرتبة الدليل وبالتالي لا يجوز الاستناد إليها وحدها في الإدانة لأنها لا يمكن أن تؤدي إلى اليقين القضائي بل يجب أن تتأكد بأدلة أخرى مباشرة أو غير مباشرة ولذلك يمكن تسمية الدلائل بالقرائن التكميلية وتطبيقاً لذلك قضى بأنه يجوز للمحكمة أن تتخذ من سوابق المتهم قرينة تكميلية في إثبات التهمة .

 

الخبرة

هي إبداء رأي فني من شخص مختص فنياً في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجزائية .

فإذا كانت مسألة طبية أمكنه الاستعانة بطبيب وإذا كانت الاستعانة مسألة هندسية أمكنه الاستعانة بمهندس وإذا كانت مسألة تزوير أمكنة الاستعانة بخبير في مضاهاة الخطوط أو خبيراً في الكيمياء في مسائل التزييف وهكذا .

ولكن إذا حنث الخبير بيمينه وضلل المحكمة فإنه يعاقب بعقوبة شاهد الزور .

 

قرينة البراءة

هي من الأمور المستقرة بأن الفرد ذمته بريئة من كل التزام أو مسئولية تجاه الغير ثم يعيش وهو متمتع بهذه الصفة .

 

المقصود بعبء الإثبات

المراد بعبء الإثبات في القانون هو تكليف أحد المدعين إقامة الدليل على دعواه وقد سمي التكليف بالإثبات عبئاً لكونه يلقى على كاهل من كلف القيام به مسؤولية قيامه عمل إيجابي يكشف به خلاف ظاهر الأمر محل النزاع لكي يحكم له بصحة ما يدعيه وهو عمل ليس بالمتيسر القدرة على الإتيان به دائماً .

1. عبء الإثبات في القضايا المدنية : وقاعدة ” البينة على المدعي ” تعتبر اليوم من القواعد العالمية التي لا يخلو قانون إثبات أو قانون مدني حديث من النص عليها أو على ما يتضمنها .

2. عبء الإثبات في القضايا الجزائية : بموجب الأصل الذي تقتضيه قرينة البراءة يكفيه أن يتقدم بدفع التهمة دون أن يلزم بإثبات ذلك الدفع على أساس عدم جواز إلزام المتهم بإثبات براءته لافتراض وجودها قانوناً وعلى من يدعي انتفاؤها أن يتحمل إثبات جميع ما يثار حول التمسك بها .

 

تحمل عبء إثبات عناصر الجريمة

وعبء إثبات جميع عناصر الجريمة في الدعوى الجزائية متفق على أنها تقع على عاتق سلطة الاتهام بصفتها طرفاً أصلياً في الدعوى الجزائية يمثل المجتمع كما يحق للمدعي المدني بصفته طرفاً منضماً فيها القيام بإثبات عناصر الجريمة من فعل ونتيجة إضافة لتحمل إثبات وجود العلاقة السببية بينهما .

 

أولاً : الركن المادي للجريمة

يقع على عاتق سلطة الاتهام عبء إثبات وقوعه من المتهم في صورته الايجابية أو السلبية كما يقع عليها إثبات إذا ما كان الفعل تاماً أو مجرد كونه مشروعاً .

وإذا كان المشرع يتطلب لتمام الجريمة حدوث نتيجة من جراء ارتكاب ذلك الفعل وقع على سلطة الاتهام أيضاً إثبات تحقق هذه النتيجة ، وفي حالة الشروع يقع على سلطة الاتهام إثبات النشاط الذي يدخل فيه الجاني إلى مرحلة التنفيذ أو الدخول في مرحلة الفعل المجرم قانوناً وذلك بالنسبة للجرائم التي لا يفرق المشرع في تجريمها بين الشروع والفعل التام كما هو في جريمة التربح حيث يعاقب على مجرد المحاولة ولو لم يتحقق الانتفاع منها وهي مرحلة قد تسبق مرحلة البدء في التنفيذ المطلوب لقيام الشروع .

إضافة للزوم إثبات سلطة الاتهام ووجود العلاقة السببية بين الفعل المادي المرتكب وبين النتيجة المتوقعة للفعل وفق السير العادي للأمور وإثبات عدم وجود عناصر أخرى تقطع بين هذه العلاقة من خطأ يسير أو إهمال جسيم وقع من المجني عليه أو الغير ،، وفي حالة وجود الاشتراك يقع على سلطة الاتهام إثبات الواقعة المكونة للجريمة وبيان فعل الاشتراك المنصوص عليه قانوناً لتحديد مسؤولية المشترك مع الجاني في ارتكاب الجريمة .

 

ثانياً : ما يتعلق بالركن المعنوي للجريمة

توافر الركن المعنوي من عدمه مسألة يقع عبء إثباتها على عاتق الاتهام الذي يقع عليه إثبات توافر عنصري علم الجاني بعدم مشروعية الفعل وانصراف إرادته نحو ارتكابه سواء كان الفعل الممثل للجريمة إيجابياً وذلك بارتكابه أو سلبياً عن طريق الامتناع عنه وهو ما يسمى بالقصد الجنائي العام ،،، وإلى جانب القصد العام يتطلب المشرع أحياناً لقيام بعض الجرائم توافر قصد خاص ولتحقيق مسؤولية المتهم عن هذه الجرائم يجب أن تثبت سلطة الاتهام توافر هذا القصد الخاص لديه ساعة ارتكابه للجريمة مثل إثباتها نية إزهاق الروح في جريمة القتل ونية التملك في جريمة السرقة .

ويجب على الاتهام بالنسبة لجرائم الخطأ أن يثبت وجود ذلك الخطأ الذي يتطلبه النص التجريمي كشرط للمعاقبة سواء أكان وقوعه بسبب الرعونة أم عدم التبصر أم عدم اتخاذ الحيطة والحذر .

وفي حالة الاشتراك يلزم الاتهام إثبات أن الشريك قد توافرت لديه بإرادته نية الاشتراك في الجريمة بفعل يعد قانوناً من أفعال الاشتراك المعاقب عليها وفقاً للمادتين 48 ،49 من قانون الجزاء الكويتي .

 

ثالثاً : عبء إثبات ظروف الجريمة

ينص المشرع الجزائي أحياناً على ظروف متى توافرت إلى جانب أركان الجريمة غيرت من وصف الجريمة ومن طبيعتها أو غيرت من مقدار العقوبة فيها إما بالتشديد أو التخفيف على النحو الذي سنبينه :

  • أ‌- الظروف التي تغير من وصف الجريمة أو طبيعتها : ويمكن التمثيل على ذلك بظرف السرقة ليلاً الواردة في المادة ( 222/2) من قانون الجزاء الكويتي أو ظرف السرقة مع العنف أو التهديد الوارد في المادة ( 225 ) من القانون نفسه فتخلف ظرف الليل أو العنف أو التهديد في السرقة لا يبيح الفعل وإنما يدخل الفعل عند تخلفها تحت نص المادة ( 219 ) الذي يعاقب على السرقة دون اشتراط توافر أي ظرف ” السرقة البسيطة ” .
  • ب‌- الظروف التي تشدد العقوبة : قد يصاحب الجريمة ظرف يشدد المشرع بموجبه العقوبة على الفاعل وغالباً ما يكون هذا الظرف متعلقاً بالفاعل وليس بالفعل المجرم كظرف العود الذي يشدد العقوبة لتحقق صفة العائد في الجاني أو صفة الخادم الذي تشدد العقوبة عليه في حالة قيامه بالسرقة من مخدومة ، وصفة الطبيب أو القابلة في جريمة الإجهاض ،، كما يجب على سلطة الاتهام إثبات صفة العود العام أو الخاص وفقاً للنصوص القانونية وكذلك الأمر بالنسبة لإثبات الصفة التي يشدد المشرع بموجبها العقوبة على الجاني متى توافرت لديه تلك الصفة .

 

رابعاً : عبء إثبات الشرط المفترض للجريمة  

يفترض المشرع أحياناً لاكتمال تحقق بعض الجرائم إلى جانب تحقق أركانها ضرورة توافر شرط معين يسمى بالشرط المفترض ،،، مثل إثبات صفة الزوجية في جريمة الزنا وفق قانون الأحوال الشخصية .

 

الحكم الفاصل في الموضوع

هو القرار الذي تصدره المحكمة بعد انتهائها من جميع إجراءات التحقيق النهائي ويتضمن رأيها النهائي في النزاع إما بالإدانة أو البراءة وفي حالة الإدانة يجب أن تقدر فيه العقوبة إما بالحبس أو الغرامة أو بكليهما أو بعدم النطق في العقاب .

 

الأحكام غير الفاصلة في الموضوع

هي أحكام غير قاطعة لا تحوز حجية ما قضي بها ،،، ومن هذه الأحكام :

  • أ‌- الحكم التحضيري : وهو قرار تتخذه المحكمة وصولاً إلى الحقيقة في موضوع الدعوى كأن تحيل المحكمة الأمر إلى الخبير .
  • ب‌- الحكم التمهيدي : وهو قرار تصدره المحكمة في أثناء نظر الدعوى تمهد به للوصول إلى الحكم الفاصل في الدعوى ويأتي نتيجة دفع تقدم به أحد الخصوم أو طلب من المحكمة كأن توقف المحكمة الفصل في موضوع الدعوى الجزائية على تحقيق ذلك الدفع أو الطلب .
  • ت‌- الحكم الوقتي : وهو قرار يطلب من المحكمة إصداره في أمور متعلقة بإجراءات اتخذت بمناسبة تحريك الدعوى كحبس المتهم احتياطياً أو ضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة فتصدر المحكمة حكمها في الإفراج عن المتهم أو تسليمه الأشياء المضبوطة أو برفض ذلك الطلب .

 

الأحكام القطعية

وهي الأحكام المنهية للنزاع في الدعوى أمام المحكمة وتشمل الأحكام الفاصلة في الموضوع أو الأحكام الفاصلة في مسألة قانونية تخرج الموضوع عن حوزة المحكمة كالحكم بعدم الاختصاص أو بعدم قبول الدعوى وهي أحكام قاطعة لها حجية لا يجوز للمحكمة بعد إصدارها نظر الدعوى مرة أخرى إلا في الحالات التي يسمح بها القانون استثناء .

 

الأحكام غير القطعية

وهي الأحكام التي تصدرها المحكمة خلال نظرها للدعوى الجزائية من أحكاماً تحضيرية وتمهيدية أو وقتية سبق الكلام عنها ،، وتمتاز هذه الأحكام بكونها أحكاماً غير قابلة للطعن في الاستئناف وحدها وإنما يجوز أن تثار عند استئناف الحكم الفاصل في الدعوى .

 

الحكم الحضوري

هو الذي يحضر فيه المتهم جلسات المرافعة وإن لم يحضر جلسة النطق بالحكم فالعبرة بحضور جلسات المرافعة الحضوري وهي الجلسات التي يتم بها إجراءات سماع الشهود ومرافعة الخصوم وسماع ما نتج عن الخبرة والمعاينة وإذا غاب المتهم في بعض جلسات المرافعة وحضر في بعضها أعادت المحكمة عليه ما تم في غيابه يكون الحكم حضورياً .

 

الحكم الغيابي

هو الذي يصدر دون حضور المتهم لجلسات المرافعة أي لم يعلم المتهم بما تم في الجلسات من إجراءات ولم يسمع ما قدمه الخصوم ولم يدافع عن نفسه أمام المحكمة فالحكم الصادر في حقه يكون غيابياً ولو حضر جلسة النطق بالحكم ما لم تمكنه المحكمة من المرافعة في تلك الجلسة وتصدر الحكم عليه بعد ذلك فيكون الحكم حضورياً وإن لم يحضر الجلسات السابقة فالعبرة إذا بتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام المحكمة ولو في آخر جلسة .

كما أن العبرة بحضور جلسات المرافعة هي الحضور في جلسات الدعوى الجزائية لا في جلسات دعوى التعويض المدنية أو الجلسات التي يتم فيها النظر في الدفوع الفرعية دون التعرض لموضوع التهمة حيث يجوز له أن يرسل محاميه في هذه الجلسات.

الحكم الابتدائي

هو الحكم الفاصل في الدعوى من محكمة الدرجة الأولى القابل بجميع أنواع الطعن فإن كان غيابياً جاء الطعن به بالمعارضة ثم الاستئناف ثم التمييز .

ويمتاز في أنه بالأصل غير جائز تنفيذه قبل أن يصبح نهائياً – المادة 214 إجراءات  إلا أن الفقرة الثانية من المادة المذكورة أجازت للمحكمة أن تأمر بجعل الحكم الابتدائي الصادر بالعقوبة مشمولاً بالنفاذ الفوري فالشمول بالنفاذ هنا أمر جوازي للمحكمة أن تأمر به أو تسكت عنه .

 

التنفيذ الوجوبي للحكم الابتدائي

نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة 219 من قانون الإجراءات على وجوب أن يشتمل حكم محكمة أول درجة الابتدائي على النفاذ المعجل متى كان المحكوم عليه محبوساً احتياطياً وقت صدور الحكم الابتدائي .

هذا النفاذ الفوري للحكم الابتدائي مرهون بما لو كانت المحكمة الابتدائية قد أصدرته على المحبوس احتياطياً دون أن تحكم بالإفراج عنه قبل صدور الحكم الابتدائي وليس من المعقول أن تفرج عنه بعد أن أصدرت حكمها عليه بالإدانة مع بقاء مبررات حبسه احتياطياً في نظرها إلا أن هذا النفاذ الفوري بالعقوبة على المحبوس احتياطياً من قبل محكمة درجة أولى لا تقيد محكمة الاستئناف إذا ما طعن بالحكم أمامها من حق الإفراج عن المحبوس احتياطياً بناء على طلبه في مقابل تقديمه كفالة شخصية أو مالية أو بغير كفالة إذا لم يكن يخشى فراره ( 219 / 3 ).

 

الحكم النهائي

هو الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف أو الحكم الابتدائي الذي سقط عنه الحق بالطعن في الاستئناف بمضي المدة الجائز الطعن فيها وبهذا السقوط يصبح نهائياً أي يمكن أن نعرف الحكم النهائي بأنه الحكم الذي استنفذ حق الطعن بالاستئناف علماً بأنه لا يقبل الطعن بالتمييز من الأحكام النهائية إلا الحكم الصادر من محكمة الاستئناف .

ويمتاز الحكم النهائي في كونه واجب النفاذ فوراً ولو كان صاحب الصفة فيه يحق له الطعن بالتمييز أو تقدم بالطعن فعلاً لأن الطعن بالتمييز لا يوقف قوة تنفيذ الحكم النهائي بل إن من شروط النظر بالتمييز أن ينفذ المحكوم عليه عقوبة الحكم النهائي وذلك بتسليم نفسه للسلطة وأن يقف أمامها مقبوضاً عليه المادة 12 من قانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز .

هذه القوة بتنفيذ الحكم النهائي لا يستثني من تطبيقها إلا الحكم الصادر بعقوبة الإعدام ووجوب أن تتقدم النيابة العامة بالطعن في التمييز في الحكم النهائي الصادر بالإعدام إذا لم يتقدم المحكوم عليه بالطعن معطياً الفرصة للمتهم بفحص محكمة التمييز صحة الحكم من الناحية القانونية .

 

الحكم البات

هو الحكم الذي استنفذ حق الطعن فيه بجميع طرق الطعن المقررة قانوناً سواء كان طريقاً عادياً ( المعارضة والاستئناف ) أو غير عادي ( التمييز ) ومتى استنفذت هذه الطرق صار الشيء المقضي به عنواناً للحقيقة وواجب التنفيذ .

 

إجراءات إصدار الحكم

بعد انتهاء المحكمة من سماع طلبات جميع الخصوم ودفوعهم تصدر الحكم في الدعوى فإن كانت المحكمة من قاض واحد أصدر قرار الحكم بعد وصوله للقناعة عن طريق مراجعة جميع أوراق الدعوى وإن كانت مشكلة من ثلاثة قضاة أو أكثر لزم الأمر التشاور فيما بينهم للوصول إلى قرار وهو ما يسمى بالمداولة التي لابد من إجرائها للوصول إلى حكم صحيح ثم إن الحكم لكي يصدر صحيحاً لابد من إتباع المحكمة للإجراءات الشكلية وهي :

 

أولاً : المداولة

تجري هيئة الحكم المداولة فيما بينها وهي مناقشة القضاة للأمور الجزائية في موضوع الدعوى أي تصور الوقائع وتقدير الأدلة المطروحة فيها ويشترط في المداولة أن يتحقق فيها الأمور التالية :

  1. أن تكون سرية فقد نصت المادة 174 إجراءات على ذلك بقولها ” يتناقش أعضاء المحكمة في الحكم قبل إصداره ويبدي كل منهم رأيه في مداولة سرية ” ويقصد بسرية المداولة ألا يستمع أحد غير هيئة الحكم لموضوع المناقشة دون أن يشترط حصولها في مكان مغلق وإنما يجوز أن تجري في قوس المحكمة بصوت منخفض لا يسمعه أحد من الحضور ويجب على أفراد هيئة الحكم بعد المداولة ألا يفشوا أسرارها ،،، وإلا اعتبر الحكم باطلاً فإن كان الإفشاء بعد النطق بالحكم لا يعفي المفضي به من المسؤولية التأديبية أو الجنائية إن وجدت .
  2. أن تجري المداولة بحضور جميع أعضاء هيئة المحكمة .
  3. لا يجوز أن يشترك في المداولة من القضاة من لم يسمع المرافعة وإذا تعذر حضور أحدهم لعذر أو استحالة لا يجوز أن يحضر محله في المداولة قاض آخر وإنما يجب فتح باب المرافعة من جديد لنظر المرافعة أمام الهيئة الجديدة وإذا أرادت هيئة المداولة أن تستوضح أمراً لزم عليها أن تستدعي جميع الخصوم .

 

ثانياً : تحرير منطوق الحكم

بوصول هيئة المداولة إلى الحكم يأمر رئيس الجلسة كاتب الجلسة أن يحرر مسودة الحكم على أن يوقع على المسودة جميع القضاة الذين اشتركوا في الحكم ولا يشترط أن يحرر مسودة الحكم الكاتب إذ من الجائز أن يحررها رئيس الجلسة أو أن يكلف أحد أعضاء الجلسة بتحريرها .

 

ثالثاً : أن يكون الحكم بالأغلبية

يجب أن تصدر الأحكام بالأغلبية فإن تشبعت الآراء إلى أكثر من رأيين ولم تتحقق الأغلبية وجب أن ينضم أحدث القضاة لأحد الرأيين الآخرين ( المادة 174 ) إجراءات وهو قضاء كما يرى بعض الشراح قاس فلو أفترض أن رأى أحد القضاة الإعدام ورأى الآخر البراءة لوجود سبب من سبب الإباحة كان رأي القاضي الحديث السن والقليل الخبرة هو من يحدد مصير المتهم موتاً أو براءة ،،، لذلك تذهب بعض القوانين كالقانون المصري إلى طلب الإجماع في الحكم بالإعدام خاصة.

 

رابعاً : تلاوة الحكم علانية

بعد وصول المحكمة إلى الحكم وتدوينه بالمسودة والتوقيع عليه من جميع القضاة الذين اشتركوا فيه على رئيس اللجنة أن يتلو منطوق الحكم في جلسة علنية ويجب أن يكون جميع القضاة الذين اشتركوا في الحكم حاضرين فإذا حصل مانع لأحدهم ولم يحضر وجب أن يكون قد وقع على مسودة الحكم دون أن يشترط القانون حضور المتهم .

 

خامساً : إيداع مسودة الحكم

حددت المادة 176 إجراءات مدة سبعة أيام لأن تودع المحكمة مسودة الحكم قلم كتاب المحكمة متى كانت المحكمة قد نطقت بالحكم بعد جلسة المرافعة مباشرة وفي يوم النطق بالحكم إذا كانت قد حددت المحكمة جلسة مؤجلة للنطق به وذلك بعد أن يوقع على المسودة رئيس المحكمة والقضاة مبيناً فيها تاريخ إيداعها .

 

سادساً : التوقيع على النسخة الأصلية للحكم

على رئيس الجلسة وكاتبيها التوقيع على نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى وأسباب الحكم ومنطوقة في ظرف ثلاثة أيام من إيداع المسودة ويجوز لكل صاحب مصلحة أن يطلب تسليمه صورة رسمية من الحكم أو من محضر الجلسة بعد دفع الرسوم وبعد أن يوافق على الطلب رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم مع إعفاء القانون كلاً من المتهم والمدعي من هذه الرسوم على أن تسلم صورة الحكم شخصياً أو لوكيله ويكفي في طلبها أن يقدم الطلب إلى كاتب الجلسة ( المادة 179 ) إجراءات أما قبل أن ينسخ الحكم فلا يجوز أن تسلم صورة من المسودة لأحد وإنما يجوز أن يسمح للخصوم بالإطلاع عليها فقط .

 

مشتملات الحكم

  1. الديباجة : تعد الديباجة مقدمة الحكم المعرفة له فهي التي تبرز قوة الحكم كوثيقة صادرة باسم أمير البلاد وفقاً لما جاء في المادة ( 53 ) من الدستور وبدون بيان هذه الصفة في ديباجة الحكم يعد الحكم باطلاً لمخالفته النظام العام ثم يبين في الديباجة المحكمة التي أصدرته والهيئة القضائية التي اشتركت في إصداره ومكان صدوره وتاريخ صدوره وموضوع الدعوى وأسماء الخصوم وطلباتهم ودفوعهم ودفاعهم وخلاصة ما استندت إليه المحكمة من الأدلة الواقعية والحجج القانونية ومراحل الدعوى وهي كلها بيانات جوهرية يجب أن يحتويها الحكم وإلا ترتب على تخلفها البطلان إلا أن القضاء دأب على اعتبار ورود الخطأ أو السهو في ذكر أحدها يمكن التجاوز عنه متى كان ثابتاً في محاضر جلسات المحاكمة على اعتبار أن هذه المحاضر مكملة للحكم بل كلاً منهما يكمل الآخر ما عدا عدم ذكر تاريخ صدور الحكم في الديباجة فهو من الأمور الجوهرية التي لا يغني عن بطلان الحكم عند تخلفه ثبوته في محضر الجلسة التي صدر فيها ولابد أن يثبت على النسخة الأصلية للحكم وإلا اعتبر الحكم باطلاً لفقده عنصراً من مقومات وجوده قانوناً كورقة رسمية وبطلانها يستتبع بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه ،، بخلاف ذلك لو ذكر أسم القاضي أو أحد القضاة خطأ فإن عدم ذكره أو الخطأ فيه لا يؤدي إلى البطلان إن لم يذهب الطاعن في طعنه إلى أن القاضي الذي أصدر الحكم غير الذي باشر الإجراءات في الدعوى ولا الخطأ في اسم وكيل النيابة ما دام الطاعن لم يذهب في طعنه إلى أن النيابة لم تكن ممثلة في الجلسة ولا الخطأ في اسم المتهم ما دامت البيانات الأخرى لا تدع مجالاً للشك في شخصيته وكذلك الأمر بالنسبة لاسم المجني عليه ،،، ويجب أن تتضمن الديباجة وصف التهمة وتكييفها القانوني ومواد القانون التي طلب الادعاء معاقبة المتهم بها .
  2. أسباب الحكم : وهي المسماة بحيثيات الحكم ،، وقد بين المشرع في المادة 175 إجراءات أهمية الأسباب في الحكم حين نص صراحة على بطلان الحكم الذي لم يشتمل على الأسباب التي بني عليها إلا أن الحكم بالبراءة يكفي أن يذكر فيه سبب واحد يدع وإلى التبرئة في حين يلزم أن تذكر المحكمة في حالة الإدانة جميع الأسباب التي أخذت بها إن تعددت الأدلة الموصلة إلى الاقتناع ويجب أن تتضمن الأسباب إلى جانب سرد الأدلة الرد على الدفوع والدفاع التي أثارها المتهم وبخاصة الجوهرية منها غير أنه لا يشترط على المحكمة أن ترد على كل دفع على انفراد حيث يعتبر الأخذ بشهود الإثبات رداً على شهود النفي بعدم الاقتناع بهم ومن شروط الأسباب هي :
    • أن يكون لها أصل ثابت في الأوراق : فلا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي .
    • أن تكون كافية لحمل الحكم : فلا يجوز ذكرها بصورة تأكيدات عامة أو إجمالية وذلك مثل القول إن التهمة ثابتة من التحقيقات أو الكشف الطبي .
    • أن تكون الأسباب قائمة على أدلة وليدة إجراءات صحيحة : يبطل الحكم متى كانت أسبابه قائمة على أدلة ناتجة عن إجراء باطل ومن ذلك اعتماد الحكم على شئ جاء نتيجة ضبط غير صحيح أو تفتيش باطل
    • أن تكون سائغة عقلاً ومنطقاً .
    • أن تكون متسقاً بعضها مع بعض وغير متناقضة : ومن ذلك فيما لو احتوت الأسباب على الاستدلال بدليلين يناقض أحدهما الآخر دون تفسير لهذا التناقض .

 

  • ما لا يعيب تسبيب الحكم :

المستقر عليه أن العيب الذي يلحق بعض أسباب الحكم لا يكون موجباً في ذاته للبطلان في ظل مراعاة تساند الأدلة في المواد الجزائية فلا يعيب التسبيب لو أغفل جزء من الدليل غير متعارض مع ما ذكر منه ولا الخطأ في الإسناد لدليل تعتد به المحكمة في تكوين عقيدتها ولا الخطأ المادي في ذكر دليل لا يعتد به ولا الخطأ في بيان الباعث غير الداخل في تمام الجريمة ولا الخطأ في ترتيب متهم بين باقي المتهمين ما دامت قد عنيت بذكر اسمه عند إسناد الواقعة المسندة إليه.

 

  • الرد على طلبات الخصوم :

يشترط في الدفوع أو الطلب الذي يلزم على المحكمة الرد عليه وإلا اعتبر حكمها معرضاً للبطلان عدة شروط وهي :

  1. أن يكون الدفع أو الطلب جوهرياً : ويراد به كل دفع لو ثبتت صحته لأدى إلى تغيير الرأي الذي انتهت إليه المحكمة في قضائها .
  2. أن يكون متعلقاً بموضوع الدعوى : أي أن يكون الدفع أو الطلب متعلقاً بالدعوى المنظورة أمام المحكمة بحيث يكون الفصل فيه لازماً للفصل في الدعوى ومنتجاً فيه .
  3. أن يكون صريحاً جازماً : أي أن يقدم بصورة الجزم لا على سبيل الاحتياط والتزود والافتراض الذي يجوز للمحكمة أن تطرحه دون أن تكون مطالبة بالرد عليها .
  4. أن يتمسك به صاحبه : المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفوع إن لم يثرها من له صلة ولو كانت في مسألة ظاهرة للبطلان وعلى من يثير طلباً أو دفعاً أن يتمسك به إلى قفل باب المرافعة وإلا اعتبر سكوته عنه بعد أن أثاره تنازلاً ضمنياً عنه لا يجوز أن ينعي بعده على المحكمة بالتقصير إذا ما التفتت عن الرد عليه .

 

  • تسبيب أحكام الاستئناف :

يجوز لمحكمة الاستئناف إن هي أيدت الحكم الابتدائي المطروح أمامها أن تحيل في أسبابها على الأسباب الواردة في الحكم المستأنف ، ويلزم عليها أن هي عدلت في الحكم المستأنف أن تورد أسباب ذلك التعديل وإلا كان حكمها مخالفاً لنص المادة 175 من قانون الإجراءات القاضية بوجوب اشتمال الحكم على أسبابه وإلا كان باطلاً .

 

  1. منطوق الحكم : ويرد منطوق الحكم عادة في نهاية الحكم بعد الانتهاء من سرد الأسباب مسبوقاً بعبارة ” فلهذه الأسباب ” ، أو ” لذلك ” حكمت المحكمة على المتهم أو حكمت ببراءة المتهم فإن لم يتبين المحكمة العقوبة أو مقدارها وجب الرجوع إلى المحكمة ذاتها التي أصدرته لتكملة ما أغلفته في الحكم وإذا ورد في المنطوق خطأ مادي رجع الخصوم في طلب تصحيحه إلى المحكمة التي أصدرت الحكم ،،، وعلى المحكمة أن تتولى تصحيحه من تلقاء نفسها بعد تكليف جميع الخصوم الحضور كما أجاز المشرع للخصوم الطلب من المحكمة التي أصدرت الحكم أن تفسر ما وقع فيه المنطوق من غموض أو إبهام على أن يقدم ذلك الطلب وفق الإجراءات المعهودة لرفع الدعوى وعلى أن يعتبر الحكم الصادر بالتفسير متمماً للحكم الذي تم تفسيره وأن يتناول الحكم الجديد منطوق الحكم المفسر دون أسبابه فلا يجوز أن يتخذ التفسير ذريعة لتغيير الحكم وإنما يجب ألا يخرج الهدف من التفسير عن طلب إيضاح ما غمض أو أبهم أو نشأ من إشكال حقيقي ،،، وكذلك الأمر بالنسبة لحالة ورود خطأ مادي في الحكم لا يترتب عليه البطلان .

 

قوة الشئ المحكوم فيه

نص المادة 184 إجراءات جزائية بقولها ” متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة إلي متهم معين فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد المتهم عن نفس الأفعال أو الوقائع التي صدر بشأنها الحكم ولو أعطى لها وصف آخر وذلك مراعاة الأحكام الواردة في المادتين التاليتين وإذا رفعت دعوى جزائية أخرى جاز التمسك بالحكم السابق في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية ويجب على المحكمة أن تراعي ذلك ولو لم يتمسك به الخصوم ويثبت الحكم السابق بتقديم صورة ضوئية منه أو شهادة من المحكمة بصدوره “… ومقتضى هذه المادة أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الحكم البات توافر ثلاثة شروط وهي :

  1. الشرط الأول : وحدة موضوع الدعويين : يشترط لصحة الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بالحكم البات وحدة الموضوع بين الدعوى التي صدر فيها والدعوى التي أثير فيها الدفع وموضوع الدعوى الجزائية هو ما تطلب سلطة التحقيق اقتضاءه فيها ويتم تحديدها الطلب استناداً إلى نص القانون الذي ينطبق على فعل المتهم فإذا طلبت النيابة تطبيق نص القانون على هذا الفعل فإن ذلك يعني تطبيق النص بكل ما يتضمنه من عقوبة فإذا قضت المحكمة بجزء مما يتضمنه هذا النص أو رفضه فلا يعود من الجائز تجديد الدعوى على الواقعة نفسها للمطالبة بالجزء الذي تطبقه المحكمة من العقوبة لأن الموضوع واحد في الحالتين وهو المطالبة بالعقوبة المقررة بالنص .
  2. الشرط الثاني : وحدة الواقعة في الدعويين ( اتحاد السبب ) : ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة المطلوب محاكمة المتهم من أجلها هي عينها الواقعة التي سبق محاكمته عنها كما لو كانت الواقعة الأولى

” قتلا ” وأصبح الحكم نهائياً أي ” باتاً ” لم يعد من الجائز محاكمته على نفسها الواقعة وهي القتل مرة أخرى لاتحاد السبب في الحالتين .

 

  • اختلاف السبب في صورته القانونية

قد تحتمل الواقعة الواحدة أكثر من وصف قانوني وترفع الدعوى الجزائية عن أحد هذه الأوصاف ويصدر فيها حكم بات فما أثر هذا الحكم على الأوصاف الأخرى ؟ المسلم به فقهاً وقضاءً ” أنه لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجزائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على تغيير الوصف القانوني للواقعة كما لو اتهم شخص بارتكاب جريمة قتل شخص معين ورفعت الدعوى الجزائية عليه بالقتل العمد وصدر حكم بات ببراءته منه فلا يجوز إعادة رفع الدعوى عليه مرة أخرى باعتبار القتل وقع خطأ ،،، فقد نصت المادة 184 إجراءات على هذه القاعدة صراحة بقولها ” متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة إلى متهم معين فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم من نفس الأفعال أو الوقائع التي صدر بشأنها الحكم ولو أعطى لها وصف آخر ” .

  • أ‌- الجريمة المتتابعة الأفعال : إذا حوكم شخص نهائياً عن جريمة إقامة طابق في مبناه دون ترخيص ثم ثبت أنه بعد الحكم أقام طابقاً آخر دون ترخيص كذلك جاز رفع الدعوى من جديد من أجل هذه الجريمة الأخيرة .
  • ب‌- الجريمة المستمرة : قد يستمر النشاط الإجرامي بعد صدور الحكم البات فترة من الزمن بتدخل إرادة الفاعل في الفعل المعاقب عليه كجريمة حيازة سلاح دون ترخيص إذ قد يستمر الفاعل بعد الحكم البات عليه بهذه الجريمة بحمل السلاح نفسه دون ترخيص لفترة أخرى من الزمن فإرادة الجاني في استمرار الحالة الإجرامية يكون جريمة جديدة تجوز محاكمته من أجلها دون اعتبار للحكم السابق الذي لا تكون له أي حجية في صدد هذه الجريمة الجديدة لكن الحكم الصادر في الجريمة الوقتية ذات الأثر المستمر ( كجريمة البناء خارج خط التنظيم يكون مانعاً من إعادة محاكمة المتهم في استمرار النتيجة مهما استمرت ) .
  • ت‌- جرائم العادة أو الاعتياد .

 

 

حالة تعدد الوقائع واستقلالها من حيث الزمان والمكان

قد تتعدد الدعاوى بتعدد الوقائع ومن ثم لا يمنع من تحريك الدعوى الجزائية بخصوص كل واقعة ولو كان بين الواقعتين ارتباط مادي لا يقبل التجزئة مثاله صدور حكم ببراءة المتهم عن جريمة السرقة فإن ذلك لا يحول دون رفع الدعوى عليه من جديد بوصفه مخفياً للأشياء المسروقة لأن واقعة الإخفاء غير واقعة السرقة ويستوي الأمر إذا ما اعتبر المتهم في القضية الأولى شريكاً في السرقة حيث أصبح من الجائز إجراء المحاكمة على الواقعة الجديدة سواء أكانت الواقعة الجديدة سابقة أو معاصرة أم لاحقة للواقعة التي سبقت المحاكمة عليها وقد نصت على حالة تعدد الوقائع واستقلالها وحددت حكمها المادة ( 185 إجراءات جنائية ) فقالت ” إذا صدر حكم بشأن جريمة معينة ثم تبين أن الأفعال المكونة لهذه الجريمة تكون جريمة أخرى بسبب ما ترتب عليها من نتائج جديدة جاز رفع الدعوى عن الجريمة الجديدة إذ كانت هذه النتائج قد حدثت بعد صدور الحكم الأول أو وقعت قبل صدوره ولكن المحكمة لم تعلم بها “.

 

ظهور أدلة إثبات جديدة

قد نصت المادة 184 إجراءات صريحة على ذلك ” متى صدر حكم في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة إلى متهم معين فإنه لا يجوز بعد ذلك أن ترفع دعوى جزائية أخرى ضد هذا المتهم عن نفس الأفعال أو الوقائع التي صدر بشأنها الحكم ولو أعطى لها وصف آخر وذلك مع مراعاة الأحكام الواردة في المادتين التاليتين “.

 

الوقائع التي تشكل ظرفاً جديداً

إن اكتشاف ظروف جديدة – بعد الحكم في الدعوى نهائياً – ترتبط بالواقعة التي سبقت محاكمة الجاني عنها لم تتم مراعاتها أثناء هذه المحاكمة لا يسمح بتجديدها توصلاً إلى تشديد العقوبة .

 

  1. الشرط الثالث : وحدة الخصوم .

 

المعارضة

هي طريق طعن عادي وهي تظلم من أطراف الدعوى الصادر ضده حكم غيابي ومن شأنها أن تعيد القضية إلى ما كانت عليه قبل الحكم المعارض فيه ونتيجة لذلك ينظر القاضي كل دفع أو دفاع يتقدم به المعارض سواء أكان طارئاً أم سابقاً وهي طريق من طرق تصحيح الحكم الغيابي .

 

شروط قبول المعارضة ( الأحكام التي تجوز فيها المعارضة وممن تجوز )

  • ممن تجوز المعارضة : لا يكون لغير من كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم صفة في الطعن في هذا الحكم – طبقاً للمادة 187 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أنه لا تجوز المعارضة في الحكم الغيابي إلا ممن يكون محكوماً عليه ومن ثم فإنه إذا كان الحكم الغيابي الصادر من محكمة أول درجة قد قضى بالبراءة فإنه لا يجوز للمتهم المعارضة فيه لانتفاء مصلحته في هذه المعارضة .

 

الأحكام التي تجوز فيها المعارضة

يشترط في الأحكام التي يجوز الطعن فيها بالمعارضة ما يأتي :

  • الشرط الأول : أن يكون الحكم غيابياً :
    • أ‌- بالنسبة للمحكوم عليه : الأصل أن الحكم الغيابي هو الذي يقبل الطعن بالمعارضة إلا إذا كان القانون يمنعها ويعتبر الحكم غيابياً إذا تغيب الخصم المحكوم عليه عن حضور جلسات المرافعة ولم يرسل عنه وكيلاً في الأحوال التي يجوز فيها ذلك ،،، فقد نصت المادة 121 إجراءات على أنه ” يجب حضور المتهم بنفسه في جميع إجراءات المحاكمة على أنه يجوز أن يكتفي بحضور وكيله إذا كانت عقوبة الجريمة الحبس الذي لا يزيد عن سنة أو الغرامة فقط ” وقد عنى المشرع الإجرائي الكويتي بالنص في المادة 122 عن أثر غياب المتهم عن جلسات المحاكمة التي كلف حضورها قانوناً ولم يرسل عنه وكيلاً في الأحوال التي يجوز فيها ذلك بقولها ” إذا تخلف المتهم عن الحضور بنفسه أو بوكيل عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك فعلى المحكمة أن تتأكد من أنه أعلن إعلاناً صحيحاً في موعد مناسب ولها أن تؤجل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى وتأمر بإعادة إعلانه ويكتفي المشرع في بعض الحالات بالوصول الحكمي فإذا تأكدت من أن المتهم يصر على عدم الحضور بغير عذر مقبول ولم ترى ضرورة لإصدار أمر بالقبض عليه أو تأكدت من أنه هارب وليس من المنتظر إمكان القبض عليه في وقت مناسب فلها أن تأمر بنظر الدعوى في غيبته وأن يصدر حكم غيابي فيها “.
    • ب‌- بالنسبة للمدعي بالحق المدني والمسئول عنه : إذا حضر المتهم المحاكمة ثم انسحب لأي سبب كان ، أو إذا غاب عن المحاكمة بعد حضوره إحدى جلساتها تعتبر المحاكمة حضورية بحقه وشأن المدعي بالحق المدني والمسئول عنه في ذلك شأن المتهم وفيما عدا هاتين الحالتين يعتبر الحكم غيابياً إذا لم يحضر المدعي بالحق الشخصي المحاكمة ويحق له المعارضة ولو لم يشر القانون إليه صراحة .
    • ت‌- بالنسبة للنيابة العامة : لم يجز المشرع للنيابة العامة الطعن بالمعارضة وحظر الطعن يستند إلى القواعد العامة إذ لا يكون الحكم غيابياً قط بالنسبة للنيابة العامة ذلك أنها عنصر في تشكيل المحكمة فإذا لم تتمثل فيه النيابة العامة كان باطلاً .
      • الشرط الثاني : أن يكون صادراً في محكمة جزائية :

حدد المشرع الكويتي الأحكام التي يجوز الطعن فيها بالمعارضة بأن تكون   صادرة من محكمة الجنح أو من محكمة الجنايات فقد نصت المادة 187 إجراءات على أنه ” تجوز المعارضة من المحكوم عليه حكماً غيابياً في الجنح والجنايات ” وبناءً عليه يقتصر حق المحكوم عليه غيابياً في المعارضة على الحكم الجزائي الصادر في مواد الجنح والجنايات ما لم ينص القانون على عكس ذلك فخرجت بذلك الأحكام الصادرة غيابياً من محاكم الدرجة الاستئنافية وقد أكدت المادة 210 إجراءات هذا الحكم بقولها ” الحكم الصادر في الاستئناف لا تجوز المعارضة فيه ” .

 

إجراءات الطعن بالمعارضة

  • ميعاد المعارضة : تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والجنايات وذلك من المحكوم عليه غيابياً في ظرف أسبوع ( م 188 إجراءات ) .
    1. أولاً : يبدأ سريان المعارضة في الجنح من اليوم التالي لإعلان الحكم الغيابي للمحكوم عليه ويدخل في المدة اليوم الأخير .
    2. ثانياً : يبدأ سريان ميعاد المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات من تاريخ القبض على المحكوم عليه إذا لم يكن قد أعلن الحكم لشخصه ، ولخطورة الحكم الغيابي في الجنايات يستوجب أن يصل علم المحكوم عليه بالحكم الغيابي علماً حقيقياً حتى يسري الميعاد لذا استوجب المشرع أن العلم لا يتحقق في الحكم الغيابي في الجنايات إلا بالقبض على المتهم أو بإبلاغه شخصياً بالحكم .
      • عريضة المعارضة : تنص المادة 189/1 إجراءات على ما يأتي ” ترفع المعارضة بعريضة تقدم لقلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقع على العريضة المحكوم عليه أو من ينوب عنه ” وتقدم عريضة المحاكمة من المحكوم عليه شخصياً أو من يمثله كالولي أو الوصي أو بواسطة من يمثله قانوناً كالوكيل ولا يشترط فيه أن يكون محامياً والمشرع الكويتي ألزم رئيس المحكمة وقلم الكتاب باتخاذ الإجراءات الآتية :
  • أ‌- أن يأمر رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم بتحديد جلسة لنظر المعارضة فتحديد الجلسة منوط بأمر رئيس المحكمة فحسب .
  • ب‌- أن يقوم قلم كتاب المحكمة من تلقاء نفسه بإعلان المحكوم عليه وسائر الخصوم بالعريضة وميعاد الجلسة المحددة لنظر المعارضة ويقصد بسائر الخصوم كل من كان طرفاً في الدعوى أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه والذين يستفيدون من الحكم الصادر ضد الطاعن .
    • محاكمة المعارضة :
  1. أولاً : غياب المعارض عن الحضور بالجلسة الأولى : نصت المادة 192 إجراءات على انه ” إذا غاب المعارض في الجلسة الأولى لنظر المعارضة قضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن ” .
  2. حضور المعارض الجلسة : إذا حضر المعارض الجلسة الأولى لنظر المعارضة وجب على المحكمة أن تتحقق ابتداء من أنها مقبولة شكلاً وإلا قضت بعدم قبولها ثم تنتقل إلى إعادة نظر الدعوى ولو تغيب عن حضور الجلسات اللاحقة فيجب الحكم في موضوع الدعوى كما لو كان حاضراً وتنظر المحكمة التي أصدرت الحكم الدعوى من جديد في الحدود الآتية :
  • عدم قبول المعارضة : نصت المادة 193 إجراءات على أن ” تقضي المحكمة بعدم قبول المعارضة لرفعها بعد الميعاد أو لانعدام صفة رافعها أو لأي عيب شكلي آخر يكون جوهرياً ولها أن تقضي بعدم القبول أثناء نظر الدعوى إذا لم يكتشف لها السبب إلا بعد البدء في ذلك ” ويجب على المحكمة أن تحكم بعدم قبول المعارضة شكلاً من تلقاء نفسها حتى ولو لم يدفع أحد الخصوم بعدم قبولها لتخلف أحد عناصر شكلها كانتفاء صفة الطاعن .
  • إعادة نظر موضوع الدعوى
    • يتحدد أولاً نظر الدعوى في المعارضة بأمرين :
      1. الطلبات التي فصل فيها الحكم الغيابي ما أورده المعارض في عريضة المعارضة بالنسبة لما فصل فيه الحكم الغيابي فإذا كان المعارض قد اقتصر على الطعن فيما فصل فيه الحكم للدعوى الجزائية فلا يجوز للمحكمة التعرض للدعوى المدنية .
      2. وإذا كان المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية قد عارض في الحكم بالنسبة لما فصل فيه في الدعوى المدنية فلا يجوز للمحكمة التعرض للدعوى الجزائية .
    • إن الحكم الغيابي هو حكم يملك كل المقومات القانونية للأحكام والمعارضة فيه باعتبارها طريقاً للطعن كما لا تسقط الإجراءات التي باشرتها المحكمة قبل صدوره ويترتب على ذلك أن الإجراءات التي تكون قد بوشرت صحيحة قبل الحكم الغيابي تظل صحيحة ولا تلزم المحكمة بإعادتها عند نظر المعارضة إلا إذا كان في ذلك إخلال بحق الدفاع فالمحكمة إذا كانت قد سمعت الشهود قبل إصدار الحكم الغيابي فإن نظرها للمعارضة لا يلزمها بإعادة هذا الإجراء إلا إذا تمسك المتهم بسماعهم في حضوره وكذلك الحال إذا كانت المحكمة مثلاً قد ناقشت الخبير في تقريره الذي تقدم به وتمسك المتهم بضرورة مناقشته ،، وتفصل المحكمة في المعارضة بأحد الحكمين الآتيين :
      • رفض المعارضة في الحكم الغيابي وتأييده .
      • تعديل هذا الحكم أو إلغائه وقد قرر قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي هذا الحكم في المادة 196 إذ نص على أنه ” تقضي المحكمة بتأييد الحكم الغيابي إذا وجدت أن المعارضة لا أساس لها وأن الحكم صحيح شكلاً وموضوعاً “.
    • اعتنق القانون الكويتي مبدأ عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه فنص على أنه ” لا يجوز أن تكون المعارضة ضارة بالمعارض فيجوز إلغاء الحكم الغيابي والحكم بالبراءة كما يجوز تعديل الحكم الغيابي وتخفيض العقوبة الواردة فيه ولكن لا يجوز تشديد هذه العقوبة ( المادة 197 إجراءات ) ويكمل هذا الحكم ما نصت المادة 195 من أن ” تقضي المحكمة بتأييد الحكم الغيابي إذا وجدت أن المعارضة لا أساس لها وأن الحكم صحيح شكلاً وموضوعاً “
    • إن إعادة نظر الدعوى تكون فقط بالنسبة للمعارض في الحكم فإذا كان الحكم الغيابي قد صدر بالنسبة لأكثر من شخص وعارض بعضهم دون بعضهم الآخر فإن إعادة نظر الدعوى بناء على المعارضة لا تكون إلا بالنسبة لمن قرر بالمعارضة دون الباقين .
  • أثر المعارضة : تنص المادة 214 /1 إجراءات على أن ” الأحكام الصادرة من المحاكم الجزائية لا يجوز تنفيذها إلا إذا أصبحت نهائية ” فإذا عارض المحكوم عليه في الميعاد يوقف التنفيذ خلال نظر المعارضة حتى صدور الحكم فيها ،،، كما نصت المادة 188 إجراءات جزائية على أنه ” إذا انقضى هذا الميعاد دون أن يعارض المحكوم عليه لم يجز الطعن في الحكم إلا بالاستئناف إذا كان قابلاً له ” فمثلاً إذا كان الحكم صادراً غيابياً بغرامة لا تجاوز 40 ديناراً فإنه يصبح نهائياً لأن القانون منع استئنافه ( المادة 5) ولكن إذا كان قابلاً للاستئناف فإن من حق المحكوم عليه الذي ردت معارضته أن يستأنفه وقد تنبه الشارع إلى مسألة حساسة وهي البدء ميعاد الاستئناف في هذه الحال فجعل مهلة الاستئناف وهي عشرون يوماً تبدأ من تاريخ الحكم القاضي برد المعارضة ( وليس من تاريخ الحكم الغيابي الأول ) .

 

الاستئناف

شروط قبول الطعن بالاستئناف :

  • أولاً : الشروط الشكلية وهي :
  1. ميعاد الطعن بالاستئناف : ويبدأ ميعاد الطعن في القانون الكويتي خلال عشرين يوماً من تاريخ النطق بالحكم الحضوري ومن تاريخ صيرورته .
    • استئناف الأحكام الحضورية : يبدأ احتساب الميعاد بالنسبة للأحكام الحضورية من يوم النطق بها ( ولا يدخل هذا اليوم في الحساب وإنما يدخل اليوم الأخير لأن ميعاد الاستئناف ميعاد كامل )
    • الأحكام الصادرة في المعارضة .
    • الأحكام الصادرة غيابياً .

 

امتداد ميعاد الاستئناف

إن ميعاد الاستئناف ككل مواعيد الطعن في الأحكام من النظام العام غير أن هذا الميعاد يمتد في حالتين : الأولى أن يصادف اليوم الأخير يوم عطلة رسمية فيمتد الميعاد إلى أول يوم عمل بعد العطلة / والثانية يكون لدى الطاعن عذر قهري حال دون قيامه بالتقرير بالاستئناف في الميعاد .

 

آثار الاستئناف

  1. أثر معلق : أي يعلق تنفيذ الحكم الابتدائي كقاعدة عامة ( الأثر الموقف للاستئناف ) .
  2. أثر ناقل : أي طرح الحكم برمته أمام محكمة الطعن بالاستئناف لتفصل فيه من جديد بنفس سلطات محكمة أول درجة بالنسبة للإجراءات وبالنسبة للموضوع ( من حيث الوقائع والقانون ) وللخصوم أمام المحكمة المرفوع إليها الاستئناف الحقوق نفسها التي تمتعوا بها أمام محكمة الدرجة الأولى .

 

قيود المحكمة الاستئنافية

  1. التقيد بالواقعة أو الوقائع كما طرحت أمام محكمة أول درجة : تتقيد المحكمة الاستئنافية بالطلبات التي أبداها الخصوم أمام محكمة أول درجة وفصلت فيها سواء فيما يتعلق بالدعوى الجزائية أو الدعوى المدنية فليس لها أن تنظر في تهمة جديدة لم تعرض على المحكمة الجزئية ولم تفصل فيها ،،، ولكن للمحكمة الاستئنافية أن تتعرض للآتي :
    • بحث أدلة جديدة وطرق دفاع أخرى دون أن تتقيد بما سبق عرضه على محكمة أول درجة وعليها أن تفصل في أوجه الدفاع الموضوعية المهمة وطلبات التحقيق الجديدة لأن الاستئناف يطرح النزاع من جديد بين الخصوم والكل يدفع ويدافع بحسب ما يتبين وجه المصلحة .
    • للمحكمة الاستئنافية أن تغير الوصف القانوني للجريمة وتطبق عليها مادة أخرى غير تلك التي طبقها الحكم الابتدائي لأن عملها هو مراقبة صحة الحكم المستأنف موضوعاً وقانوناً سواء أكان التغيير للأخف أم لأشد إنما إذا كان التغيير للأشد وكان المتهم هو المستأنف الوحيد فإنها تكون مقيدة بعدم إساءة بمركز المتهم وإذا كان المستأنف هو المدعي المدني وحده فإن استئنافه يعيد طرح الواقعة على محكمة الدرجة الثانية التي تملك إعطاء الوقائع الثابتة في الحكم الابتدائي الوصف الصحيح دون أن توجه إلى المتهم أفعالاً جديدة غير مقيدة في ذلك بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني .
    • للمحكمة الاستئنافية أن تصلح كل خطأ مادي وتتدارك كل سهو في عبارة الاتهام .
  2. التقيد بالجزء المستأنف من الحكم ( ما ورد فعلاً بتقرير الاستئناف ).
  3. وتتقيد بالأشخاص الذين استأنفوا الحكم أو استؤنف ضدهم .

 

التنازل عن الاستئناف

أصل الحق في استئناف الحكم الجزائي من النظام العام فليس لأحد أن يتنازل عنه سواء أكان هو النيابة العامة أم المتهم وإذا تنازلت النيابة العامة عنه كان تنازلاً باطلاً ومن ثم لا يقيدوها ولا يقيد المحكمة .

ولكن إذا وجدت أنها تسرعت باستئنافها فإنها تستطيع أن تتصرف بحكمه وتعبر بصورة ما عن رغبتها في ذلك لتستأنس المحكمة بتراجعها الضمني فإنها تفوض الرأي إلى المحكمة وهذا يعني طلب البراءة له بطريق غير مباشر ،،، ولكن يحق للمتهم أن يتنازل عن استئنافه متى أراد .

 

الحكم في موضوع الاستئناف

  1. تأييد الحكم المستأنف : نصت المادة 208 إجراءات على أنه ” تقضي المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي إذا وجدت أن الاستئناف لا أساس له وأن الحكم صحيح شكلاً وموضوعاً ” .
  2. يصحح العيب الشكلي في الحكم أو الإجراءات السابقة وتأييد الحكم المستأنف : وإذا حكمت محكمة أول درجة في الموضوع ورأت المحكمة الاستئنافية أن هناك بطلاناً في الإجراءات أو في الحكم تصحح البطلان وتحكم في الدعوى ” وقد نصت على ذلك المادة 208إجراءات على أنه ” إذا كان بالحكم أو بالإجراءات السابقة على الحكم عيب شكلي يمكن تصحيحه فعلى المحكمة أن تصحح هذا العيب وأن تقضي بتأييد الحكم فيما قرره بالنسبة إلى الموضوع إذا كان ما انتهى إليه سليماً من هذه الناحية “.
  3. إلغاء الحكم المستأنف : نصت المادة 209 إجراءات على أن ” للمحكمة أن تحكم بإلغاء الحكم المستأنف إذا وجدت به عيباً موضوعياً أو شكلياً لا يجوز تصحيحه أو وجدت أنه مخالف للقانون سواء كان المستأنف قد تمسك بهذه العيوب أو أن المحكمة قد لاحظتها من تلقاء نفسها وعليها في هذه الحالة أن تصدر حكماً جديداً في الدعوى دون أن تتقيد بأي شئ مما ورد في الحكم الابتدائي ” .

 

  • ويجب أن يفهم من هذا النص أنه يشترط لتصدي المحكمة الاستئنافية في الموضوع شروط ثلاثة وهي :
    1. أن يكون الحكم المستأنف مشوباً بعيب شكلي أو موضوعي لا يجوز تصحيحه أو وجدت أنه مخالف للقانون فعليها أن تحكم في الدعوى وهذا ما يعبر عنه بتصدي المحكمة الاستئنافية للحكم في الدعوى فلا يجوز لها أن تعيد الدعوى من جديد إلى محكمة الدرجة الأولى كما لو سمعت هذه الأخيرة شاهداً بدون يمين ثم توارى أو مات فلم يعد سماعه ممكناً أمامها لتصحيح العيب الشكلي أو أن المحكمة لم توقع على الحكم فإنها تبطل الحكم في موضوع الدعوى من جديد أو أن المتهم أقسم اليمين فأدانته المحكمة من اعترافه الذي أدلى به على أثر هذا اليمين ، ففي هذه الحالات تهدر الإجراء الباطل فإن كان هناك دليل غيره اعتمدته وإلا قررت إبطال الحكم وتبرئة المتهم كذلك إذا وجدت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف مخالف للقانون فإنها تبطله وتحكم في موضوع الدعوى من جديد ذلك أن من حق المتهم أن يستأنف الحكم الخطأ في تطبيق القانون أو تفسيره أو تأويله أو لصدور قانون إصلاح له ، كما أن له أن يستأنف طالباً تحقيق العقوبة وإذا ألغت المحكمة الحكم فإنها ” لا تتقيد بأي شئ مما ورد في الحكم الابتدائي ” المادة ( 209 ) ومعنى ذلك أن محكمة الاستئناف تحكم في الدعوى ولا تعيدها إلى محكمة الدرجة الأولى .
    2. أن يكون الحكم المستأنف صادراً في خصومة منعقدة قانوناً ومن محكمة مختصة بالفصل في الدعوى ابتداء : فإذا كان الحكم منعدماً لعدم انعقاد الخصومة الجزائية وجب على المحكمة الاستئنافية أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة كما لو كان الإعلان باطلاً ولم يحضر الخصم فإن الخصومة لا تكون قد انعقدت ،،، ومن ناحية أخرى يجب أن تكون محكمة أول درجة مختصة ولائياً ونوعياً بالفصل في الدعوى ابتداء ، فإذا كانت الدعوى من اختصاص محكمة أخرى ومن هذا القبيل الحكم الصادر من المحكمة الجزائية بعد الاختصاص لأن الواقعة جناية فإن بطلان حكم محكمة أول درجة يسلب سلطة المحكمة الاستئنافية في التصدي .
    3. أن تفصل محكمة أول درجة في الموضوع : لم يجز الشارع للمحكمة الاستئنافية التصدي للموضوع إلا إذا كانت محكمة أول درجة قد فصلت في الموضوع باعتبار أن هذه الأخيرة قد استنفذت ولايتها بإبداء الرأي في الموضوع بالحكم الصادر منها ومن ثم لا يجوز إعادة القضية إليها مرة أخرى للفصل فيها ومن أجل ذلك يشترط في التصدي أن يكون الحكم المستأنف قد صدر فاصلاً في الموضوع فإذا لم يكن قد فصل في الموضوع فلا تملك المحكمة الاستئنافية التصدي وإلا كان مخالفة صارخة لمبدأ التقاضي على درجتين وحرماناً كلياً للخصم من درجة من درجات التقاضي ،، والمقصود بالفصل في الموضوع الحكم في صحة ثبوت الواقعة في جانبها القانوني والموضوعي وصحة نسبتها إلى المتهم .

 

الطعن بالتمييز

الأحكام الجائز الطعن فيها بالتمييز : بموجب القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن التمييز في الدعاوي الجزائية تختلف الدوائر التي يجوز الطعن بالتمييز أمامها بحسب نوع الجريمة والحكم الصادر فيها .

 

أولاً : الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف :

يشترط في الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف العليا لكي تكون قابلة للطعن بالتمييز عدة شروط وهي :

  1. أن يكون الحكم صادراً في جناية .
  2. أن يكون الحكم فاصلاً في الدعوى : أي أن يكون الحكم باتاً في موضوع الدعوى إما بالإدانة أو البراءة أي أن يكون حكماً منهياً لولاية المحكمة التي أصدرته واستثناء من ذلك يجوز الطعن أيضاً في الأحكام التي ينبني عليها عدم السير في الدعوى كالأخذ بالدفع بسقوط الدعوى بالتقادم أو العفو الشامل أو التمسك بقوة الحكم المقضي فيه .

ثانياً : الأحكام الصادرة في مواد الجنح :

  1. أن يكون صادراً في جنحة .
  2. أن يكون فاصلاً في الدعوى .
  3. أن يكون صادراً عن محكمة الاستئناف .
  4. أن يكون الحكم مقرراً فيه عقوبة الحبس : لقبول الطعن بالتمييز في الحكم الصادر بالجنحة يجب أن يكون مقرراً فيه عقوبة الحبس فلا يجوز الطعن بتمييز الجنحة المحكوم عليها بعقوبة الغرامة فقط إذ يجوز للمحكمة في مواد الجنح أن تحكم بالغرامة منفردة وحينها لا يجوز الطعن بالحكم الصادر بها .

 

شروط الطعن بالتمييز

الشروط الشكلية :

أولاً : إجراءات التقرير بالطعن : تقديم الطعن أو تقديم التقرير بالطعن بحسب المادة 10 من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز يجب أن يتم بتقديم صحيفة تقرير بالطعن تسلم إلى قلم كتاب محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم على أن تسلم باليد ،،، ويشترط في التقرير المقدم إلى قلم كتاب المحكمة عدة شروط إذا تخلف أحدها اعتبر التقرير بالطعن غير مقبول من الناحية الشكلية وهي على النحو الآتي :

  1. اقتران صحيفة التقرير بأسباب الطعن .
  2. توقيع محام (مقيد أمام محكمة التمييز ) على أسباب الطعن .
  3. أن يقدم المحامي سند التوكيل .
  4. تقديم كفالة مالية .
  5. تقدم طالب الطعن بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية .

ثانياً : تقديم الطعن في الموعد المحدد : وتشترط المادة 9 من القانون رقم 17 لسنة 2017 بشأن الطعن بالتمييز وإجراءاته أن تقدم صحيفة التقرير بالطعن وأسبابه إلى قلم كتاب محكمة الاستئناف التي أصدرته بموعد أقصاه 60 يوماً من تاريخ النطق بالحكم وهو شرط مسقط للحق بالطعن في حالة عدم تحققه على أن تحكم محكمة التمييز بعدم النظر بالطعن شكلاً إذا لم يقدم في هذا الموعد ،، وتبدأ مدة احتساب الستون يوماً من تاريخ النطق بالحكم .

 

error: عذرا, المحتوى محمي و لا يجوز النسخ