التفريق للضرر
تنص المادة 126 من القانون 51 لسنة 1984 الخاص بالاحوال الشخصية على انه :-
(لكل من الزوجين قبل الدخول او بعده ان يطلب التفريق بسبب اضرار الاخر به قولا او فعلاً بما لا يستطيع معه دوام العشرة بين امثالهما)
– ويعرف الضرر ف مفهوم المادة السابقة بأنه ايذاء أيا من الزوجين للأخر بالقول او الفعل ايذاء لا يليق بمثله ولا يرى الصبر عليه ولا يستطاع معه دوام العشرة بين امثالهما وهو ما عبرت عنه محكمة التمييز بأنه اساءة احد الزوجين للأخر بما لا يجوز شرعاً).
– ومعيار الضرر الذي يجوز لكل من الزوجين طلب التطليق للضرر معيار شخصي وليس معيار ماديا ولذلك فهو يختلف من بيئة لأخرى ومن شخص لآخر.
– ويشترط في الضرر الذي يجيز طلب التطليق في هذا المجال ان يصل الى درجة يستحيل معها دوام العشرة بين الزوجين او امثالهما في البيئة والمكانة والثقافة.
ثانياً :-
تقدير الضرر هو تقدير موضوعي أي يقدره قاضي الموضوع من ظروف الحال وملابسات الدعوى واحوال الزوجين وما إذا كان بسبب أيا من الزوجين للاخر بأفعاله واقواله او امتناعه بما يصل إلى حالة يستحيل معها دوام العشرة وهو ما يعبر عنه بأنه من أمور الواقع في الدعوي التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة التمييز فإذا ما تبين لقاضي الموضوع من فحصه لوقائع الدعوى أن الطرف المتضرر من الزوجين قد صدر ضده او وقع من الطرف الأخر أمر لا يجوز شرعاً فرق بينهما.
– ويكفي أن يثبت الطرف المتضرر من الزوجين ان الطرف الاخر قد أتى معه ما يضرر معه ولو لمرة واحدة حتي يقضي بالتطليق
– والضرر الموجب للتفريق يجب ان يكون ضررا خاصاً ناشئاً عن الشقاق بين الزوجين ويجب ان يكون هذا الضرر لازماً غير قابل للزوال ولا يستطيع الزوج المتضرر معه دوام العشرة ، وان يكون في قدرة الطرف الآخر انزاله به او ازالته عنه ان شاء ولم يمنع نفسه رغم ذلك عن ايقاعه به بل استمر دائماً على انزاله والإقامة عليه في المناط في التطبيق للضرر هو تحقق وقوعه فلا يمنع زواله محاولة محوه .
( الطعن 85/36 جلسة 86/1/27 ص 269 )
– والضرر الواقع من أيا من الزوجين قد يكون ايجابياً كما قد يكون سلبياً
– ولا يحول خروج الزوجة عن طاعة الزوج وحصوله على حكم بنشوزها بينها وبين طلبها التطليق للضرر والحكم بذلك لما هو مقرر من اختلاف دعوى النشوز عن دعوى التطليق موضوعاً وسبباً.
( الطعن 27 لسنة 85 جلسة 86/1/6 صـ 823 )
والضرر الإيجابي :
هو ما يصدر عن الزوج من قول أو فعل يوجب تأذي الطرف الاخر وتضرره ويحدث الشقاق بين الزوجين كدأب أحدهما الاعتداء على الاخر بالقول أو الفعل الذي لا تبيحه الشريعة للزوج ويخرج عن نطاق التأديب الشرعي.
أما الضرر السلبي :-
– فيتمثل في النفور والبغض الشديد وإن لم يثبت الاذى.
– ويعد من قبيل الضرر الموجب للتطليق السهر خارج المنزل لأوقات متأخرة ورفض زيارة اهلها وقطع كلامه عنها وتولية وجهه عنها في الفراش.
( الطعن 5 لسنة 82 جلسة 1982/11/26 ص 153 )
( الطعن 24 لسنة 85 جلسة 1985/10/28 ص 156 )
– وقبول الزوج استمرار معايشة الآخر بعد ثبوت وقائع الإضرار الذي يدعيه لا يسقط حقه في طلب التطليق استناداً الى تلك الوقائع ، لأن سقوط حق أيا من الزوجين في طلب التطليق لرضائه بالعيب وسكوته عليه لا يكون الا في حالة سكوت الزوجة عن عيب الزوج في حالة طلب التطليق للعيب.
( الطعن 201 لسنة 83 جلسة 83/6/27 ص 155 )
ثالثاً :
وإذا كان حق الزوج في تأديب الزوجة يستند إلى قوله تعالى ” واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا “
وقوله صلى الله عليه وسلم :-
(اضربوا النساء إذا عصينكم في معروف ضرب غير مبرح). صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
– فقد قضت محكمة النقض المصرية في حكم لاحق الزوج في تأديب زوجته وحدوده التي اذا تجاوزها خرج عن نطاق التأديب واضحي ضرباً موجباً للتطليق وذلك في قولها ( ان حق الزوج في تأديب زوجته يباح له تأديب المرأة تأديباً حفيفاً علي كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر ، ولا يجوز له أصلاً ان يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق ، وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر على الجسم ويغير لون الجلد )
– فإذا ضرب الزوج زوجته واحدث بها سحجين في ظاهر الخنصر وسحجاً آخر في الصدر فإن هذا القدر كاف لاعتبار أن ما وقع منه خارجاً عن حدود حقه المقرر بمقتضى الشريعة ومستوجباً للعقاب عملاً بنص قانون العقوبات المصري.
(نقض جنائي مصري جلسة 1965/6/7 ص 552 س 16 مج أحكام محكمة النقض المصرية)
– وعلى ذلك فإن أساء الزوج استخدام حقه وتجاوز حده وعرضت الزوجة الأمر على القاضي وثبت ما تدعيه من تجاوز الزوج حدود التوجيه والتأديب جاز لها طلب التطليق واجيبت اليه.
– وحقيقة الأمر في هذا المجال أن الضرر الواقع على أي من الزوجين لا يقتصر اثباته علي البينة وحدها اذا هو يثبت بكافة طرق الإثبات.
– والمناط في التطليق بسبب الضرر هو تحقق وقوعه ولا يمنع من التطليق زوال الضرر أو محاولة محوه ما دام قد ثبت وقوعه فعلاً.
( الطعن 36 لسنة 85 جلسة 86/8/27 ص 269 )
– والزوجة منحت الحق في طلب التطليق على زوجها في حالات معينة ومن هذه الحالات في مذهب الإمام مالك الواجب التطبيق ، تضررها من بقاء رابطة الزوجية بسبب اساءة الزوج لها بالقول او بالفعل وقد وضع هذا المذهب معياراً موحداً وضابطاً عاماً في هذا الشأن وهو ان تكون الاساءة (بما لا يجوز شرعاً).
– وانه وان كان فقهاء المذهب قد ساقوا امثلة للأفعال التي لا تجوز شرعاً والموجبة للتطبيق حتى ولو كان الزوج قد اتي أيا منها لمرة واحدة ، ومن هذه الأفعال قاطع كلامه عنها وتوليه وجهه عنها في الفراش والشتم بالألفاظ الجارحة والضرر والهجر في غير مجال التأديب ، إلا أن من المسلم به أن الأمثلة المشار إليها وغيرها لم ترد علي سبيل الحصر فالمستفاد منه أنه يندرج تحت الأفعال التي يتحقق بها الضرر الموجب للتطليق ، كل فعل يؤذي الزوجة ويؤلمها ويجرح شعورها فيصيبها علي ايه صورة في بدنها او عرضها او شرفها او عواطفها أو كرامتها وكرامة أهلها او مالها او دينها ويبلغ حدا يحملها علي طلب التفريق لأنها لا تطيق الصبر عليه لما فيه من منافاة للسكن والمودة والرحمة المقصودة في تشريع الزواج .
( الطعن 24 لسنة 85 – جلسة 85/10/28 )
( الطعن 201 لسنة 83 – جلسة 83/6/27 )
– وحق الزوجة في طلب التطليق للضرر بسبب شرب الزوج الخمر ، ذلك أنه
إذا كانت حكمة تحريم الخمر في التشريع الإسلامي تقوم على الرغبة في المحافظة على عقول البشر والعمل على إفساد الابدان واتلاف الاموال والمباعدة بين المجتمع وبين عوامل هدمه ذلك أن الخمر تغطي العقل وتذهب به وتزيله ، وطالما كانت هي علي هذا النحو فإنها تعد عدوة للعقل الذي هو أشرف صفات الإنسان، الأمر الذي اعتبرت معه أم الفواحش والخبائث لأنه اذا زال العقل زال المانع من اقتراف القبائح بأسرها، فضلاً عن أنها تولد العداوة والبغضاء مصدقاً لقوله تعالى “انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر“
– كما انها ذات مفاسد كثيرة ، وشرب الخمر بهذه المثابة يعد في نظر الشريعة الاسلامية من أشد الجرائم في حق الجماعة والتحريم ينال شرب الخمر قليلها أو كثيرها وسواء كان ادماناً أم لا.
– وان اثر شرب الخمر لا يقتصر على شاربها وانما يتعداه إلى غيره وأول من يمتد إليهم ذلك الأثر هي زوجته شريكة حياته التي تعايشه معايشة مستمرة ومن ثم فإن معاشرة الزوجة لزوجها شارب الخمر يرتب ضرراً بليغاً بها لا يحتمل.
( الطعن 201 لسنة 83 – أحوال جلسة 1983/6/27 )
– ومن أمثلة الضرر الذي يبيح للزوجة طلب التطليق المباشرة الشاذة وأن هذا الضرر يثبت ولو بقرائن الأحوال وأن التقرير الطبي أثبت أن المطعون ضدها تكرر استعمالها على الوجه الذي تقوله خلص إلى انه مع ثبوت الضرر فانه ، يتعين إلغاء الحكم برفض دعوى التطليق والحكم للمطعون ضدها بالتفريق بطلقة بائنة.
– وقد كان ما ورد في مدونات الحكم أن محكمة أول درجة كانت قد قررت احالة المطعون ضدها الى طبيبة مختصة بمستشفى الولادة وأمراض النساء لبيان الضرر الناجم عن اتيانها من الخلف أو عدمه ، وانه، ورد كتاب مستشفى الولادة ومعه التقرير الطبي بأنه بعد الكشف عليها وجد بها تشققات قديمة وحديثة حول الشرج مما يدل على تكرار اتيانها من الشرج ، ولما كان هذا الذي أورده الحكم لا ينازع الطاعن في أن له أصله الثابت من الأوراق وإذا كان ما استخلصه الحكم منه ثبوت الضرر الموجب للتطليق سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهي اليها فان ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدوا أن يكون جدلا موضوعياً فيما اقتنعت به محكمة الموضوع .
( الطعن 5 لسنة 82 أحوال جلسة 1982/11/26 )
– ومن المقرر أن الطلاق الذي يوقعه القاضي بالبناء على الضرر هو طلاق بائن لا رجعي.
( الطعن 12 لسنة 1973 أحوال جلسة 1975/3/28 )
وقضت محكمة التمييز على :-
التفريق القضائي بين الزوجين عن طريق التحكيم – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون ٥١ لسنة ١٩٨٤ ، اخذ به الفقه المالكي وهو أصح القولين عند الحنابلة وأصبح السائد في قوانين الأحوال الشخصية بالبلاد الإسلامية.
– ولكن تطبيقه أظهر الكثير من العيوب فعدلت أحكامه تعديلاً يتلافى العيوب ويسد أوجه النقص ويحقق الغرض منه.
– فنصت المادة (126) على أن لكل من الزوجين أو بعده أن يطلب التفريق بسبب أضرار الآخرين قولاً أو فعلاً وبما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها.
– ونصت المادة (127) على أن على المحكمة أن تبذل وسعها للاصلاح بين الزوجين فإن تعذر عينت حكمين للتوفيق او للتفريق.
– واوجبت المادة (129) على الحكمين أن يتعرفا على أسباب الشقاق ويبذلا جدهما في الإصلاح بين الزوجين بأي طريقة ممكنة.
ونصت المادة (130) على أنه إذا عجز الحكمان عن الإصلاح :-
أ- اذا تبين ان الاساءة كلها من الزوج وكانت الزوجة طالبة التفريق ، اقترح الحكمان التفريق وإلزامه جميع الحقوق المترتبة على الزواج والطلاق.
– وان كان الزوج هو طالب التفريق اقترح الحكمان رفض دعواه .
ب- وان كانت الاساءة كلها من الزوجة اقتراحا التفريق بين الزوجين نظير رد ما قبضته من مهر وسقوط جميع حقوقها المالية المترتبة على الزواج والطلاق.
ج- وان كانت الاساءة مشتركة اقتراحا التفريق دون عوض أو بعوض يتناسب مع الإساءة.
د- وان لم يعرف المسيء من الزوجين فإن كان طالب التفريق هو الزوج اقترح رفض دعواه
– وان كانت الزوجة هي طالبة التفريق أو أن كل منهما طالب التفريق اقترحا الحكمان التفريق دون عوض .
ه- التفريق للضرر يقع طلقة بائنة.
– ونصت المادة (131) على أنه :-
أ- على الحكمين أن يرفعا إلى المحكمة تقريرهما مفصلاً أن يحكم للقاضي بمقتضاه إذا كان موافقاً لأحكام المادة (130) .
ب- واذا اختلف الحكمان ضمت المحكمة اليهما حكماً ثالثاً مرجحا قادراً على الإصلاح .
– ونصت المادة (132) على أنه :-
أ- يرفع المحكمون الثلاثة تقريرهم بالاتفاق أو بالأكثرية إلى المحكمة لتفصل في الدعوى وفق المادة (130).
ب- واذا تفرقت آراؤهم أو لم يقدموا تقريراً سارت المحكمة في الدعوى بالإجراءات العادية وبينت المواد 133 ، 134 ، 135 الاحكام الخاصة بإثبات الضرر بشهادة الشهود.
– وكان البين في تنظيم أحكام التفريق للضرر ان المشرع اجتزأ من أسباب الشقاق ما جعله مسوغاً للتفريق بين الزوجين هو اضرار احدهما بالآخر قولاً أو فعلاً ووضع معياراً للضرر المسوغ للتفريق هو الإضرار الذي لا يستطيع معه دوام العشرة بين امثالهما.
( الطعن 36 لسنة 89 أحوال جلسة 1990/4/23 )
ويذهب الفقه الجعفري في هذا الخصوص إلى أنه لو) كره كل من الزوجين الآخر انفذ الحاكم حكمين من اهلهما أو اجنبيين مع تعذر الاهلين فان رأياً الصلح أصلحا وان رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق ولا حكم مع اختلافهما ، بل يرجع الأمر حينئذ للحكم الشرعي فإن كان العصيان من الزوج اجبره اما على الطاعة أو (الطلاق).
( منهاج الصالحين – للخوني- ص 298 – جـ 2 المسألة (80) )